يرى محللون أن ظاهرة تهريب السجناء مؤشر على محاولة الحوثيين الاستفادة من الفوضى في خلخلة ما تبقى من نظام الدولة بهدف استكمال السيطرة على البلاد، وكذلك من خلال استغلال المساجين للقيام بجرائم ضد المجتمع المحلي الذي يحاولون السيطرة عليه. شكّلت عمليات الهروب الجماعي لمئات السجناء من السجون اليمنية تحولا خطيرا في الصراع بعد اتهام مليشيات جماعة الحوثي التي تواجه ضغوطا من جراء ضربات (عاصفة الحزم) بمحاولة استخدام ورقة السجون للتخفيف من وطأة الضغط عبر إشاعة الفوضى وانعدام الأمن لتحميل مسؤولية ما يجري في البلاد لقوات التحالف. وكان الحوثيون قد أطلقوا اليومين الماضيين سراح أكثر من خمسمائة سجين بمدينة الضالع جنوبي البلاد بهدف ضمهم إلى الجماعة، بعد أن رهنوا إطلاق سراحهم بالمشاركة معهم في الهجوم الهادف للسيطرة على الضالع، وتواكب ذلك مع حوادث أخرى لفرار جماعي للسجناء بكل من محافظتي عدن ولحج. وشهد سجن شبوة المركزي بمدينة عتق هروبا جماعيا للسجناء بعد انسحاب قوات الأمن الموالية للحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد اللّه صالح من المدينة، وسبق أن اقتحم مسلحون من تنظيم (القاعدة في جزيرة العرب) سجن المكلا المركزي في حضرموت وأطلقوا سراح ثلاثمائة سجين، بينهم خالد باطرفي أحد أبرز قيادات التنظيم. وقال الإعلامي عدنان المنصوري إن مسلحين يتبعون أحد شيوخ القبائل الموالين لجماعة الحوثي وصالح هاجموا السجن المركزي بمدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، وأطلقوا سراح أكثر من مائتي سجين كانوا بداخله. ونقل المنصوري عن شاهد عيان قوله إن العشرات من السجناء شوهدوا يخرجون من بوابتي السجن الأمامية والخلفية بعد هجوم المسلحين عليه، وأوضح أن (جميع من فروا من السجن تتراوح المحكوميات عليهم ما بين الإعدام والسجن المؤبد والسجن لسنوات طويلة وبعضهم أصحاب جرائم خطيرة على أمن البلاد). * مخطط إجرامي أما رئيس تحرير موقع (مراقبون برس) في المكلا عماد الديني فقد اعتبر أن ما جرى في سجن المكلا بحضرموت (مسرحية هزلية نفذها موالون للرئيس المخلوع ونجله لتمكين مجموعة مسلحة لا يتجاوز عدد أفرادها خمسين شخصا من السيطرة على المرافق السيادية بالمدينة باسم تنظيم القاعدة)، وأكد أن الهدف من ذلك خلق حالة من الفوضى بحضرموت باسم سيطرة القاعدة عليها، وبالتالي إيجاد مبرر لأنصاره باقتحام المدينة باسم الحوثيين للقضاء على مقاومة حلف القبائل الذي أدرك هذا المخطط وتراجع عن مواجهة هذه العناصر، وأضاف: (هذا التراجع جاء خشية الكمين المصطنع من قبل أنصار صالح بحضرموت، خصوصا بعد أن رفض اللواء 27 الموالي للمخلوع والحوثيين تسليم اللواء للحلف، في حين مكنوا أفراد القاعدة المفترضين من العديد من آلياته العسكرية بالمكلا). إلى ذلك، أشار الكاتب والمحلل السياسي أحمد الزرقة إلى أنه في ظل غياب الدولة وانهيارها تصبح مثل هذه التصرفات التي تبرز فيها الجماعات المسلحة على حساب الدولة شيئا طبيعيا، وقال ل (الجزيرة نت) إن انتشار العصابات وجماعات العنف، وقطاع الطرق، يكون مدفوعا من قبل أطراف الصراع من أجل خلط الأوراق وإثارة الفوضى ونشر الخوف والرعب بأوساط الناس، وأحيانا تكون أشبه بممارسات انتقامية من المجتمعات المحلية من قبل الأطراف السياسية الفاسدة. * ورقة حوثية قال رئيس مركز (أبعاد) للدراسات عبد السلام محمد إن السجون تعتبر إحدى الأوراق التي تلعب بها جماعة الحوثي في خلط المشهد منذ بدء هجماتهم على المعسكرات والمحافظات (وقبيل إسقاط مدينة عمران عندما هاجموا السجن المركزي وأخرجوا جميع النزلاء منه)، وأضاف: (في ظل سيطرة المليشيات الحوثية على الدولة ومع اشتداد الضغط على الحوثيين من خلال عملية عاصفة الحزم اضطرت هذه المليشيات أن تخلط المشهد بكل الأوراق وأن تستخدم وسائلها وأدواتها المتنوعة لتخفيف الضغط عليها). وقال رئيس مركز (أبعاد) إن أخطر ما في هذا الأمر أن الحوثيين يتركون السجناء من تنظيم القاعدة يفرون لأنهم يعرفون أن تحركات هؤلاء تعطيهم فرصة كبيرة في تخفيف الضغط عنهم، والتحالف في ملف أعادوا تخليقه من السجون لتتحول المعركة من إنهاء تمردهم إلى معركة مكافحة الإرهاب.