يدهشننا كثير منظر الأولياء وهم يؤدبون أبناءهم على مستوى الطرقات وبالمصالح العمومية فيبرحونهم ضربا أمام الملأ دون النظر إلى مخلفات السلوك من الناحية النفسية والألم الذي يلحق أبناءهم في تلك اللحظات لاسيما وأن تلك الطريقة هي من الطرق المخالفة لقواعد التربية كونها بنيت على العنف الذي لا يأتي بثمار، وهو الموقف الذي شاهدناه مؤخرا على مستوى قاعة للعلاج بالمستشفى، إذ راح أحد الآباء الذي لا يتجاوز العقد الرابع إلى ضرب ابنته بحيث وجه لها صفعة، ونزلت يده إلى تلك المسكينة صغيرة القامة فهي لا تتجاوز في أحسن الأحوال الخمس سنوات، في حين كان هو طويل القامة ولم يكتف بصفعها إذ هددها مرة أخرى ورفع يده محاولا ضربها وكانت هي تقف كالجماد ولم تقو حتى على البكاء بسبب الصدمة التي تلقتها بعد صفعها من طرف أبيها أمام عامة الناس، واحتار كل من وقف على المشهد من سلوك الأب العنيف اتجاه طفلة صغيرة وبريئة لا حول ولا قوة لها، ومهما كانت الهفوة التي صدرت من تلك الطفلة فإنها لا تقاس عليها خصوصا وأنها صغيرة ولا تصل إلى حد صفعها على مستوى الوجه والإضرار بها، فبعض الجزائريين بل أغلبهم يجهلون طرق تأديب أبنائهم ويذهبون إلى ضربهم بمواضع لا تليق تجلب لهم الخطر، على غرار الوجه والرأس والصدر ومن الحوادث ما أدت إلى نتائج وخيمة انتهت بأبواب المستشفيات بسبب الأساليب العنيفة والخطيرة المستعملة في تأديب الطفل، فصحيح أن تأديب الطفل هو من الأمور البديهية قصد تنشئته تنشئة قويمة لكن وجب أن لا يكون باتباع تلك الطرق الخطيرة التي لا تخدم الطفل لا من الناحية الصحية ولا النفسية بحيث تؤدي تلك الطرق إلى خلق عقد في نفسية الطفل وربما انعزاله من دون أن ننسى مشاعر الكره التي سيكنها للمعتدين عليه حتى ولو كانا والداه، وربما تولّد فيه تلك السلوكات مشاعر الانتقام ورد اللكمة بإتيانه سلوكات أعنف وأخطر من تلك التي عوقب عليها في الأول، فاستعمال الترهيب في تربية الأبناء هو من الأمور الخطيرة وليس هناك أفضل من التفاهم والترغيب ونصح الطفل في حال ارتكابه بعض الأخطاء. وتجدر الإشارة أن ذلك المشهد لم يكن الأول وسوف لن يكون الأخير بكل تأكيد، بحيث تتكرر تلك المشاهد عبر الطرقات والأسواق ومراكز البريد وداخل السيارات وغيرها وكأن هؤلاء الأطفال الصغار باتوا سبيلا للتخلص وإفراغ حالة الغضب التي يكون عليها الأب أو الأم في تلك الاثناء، فيتحينون صدور خطأ بسيط من الطفل أو الطفلة يكلفه الكثير والضرب العلني على مستوى الشوارع، ويذكرنا المشهد بمشهد أب آخر نزل من السيارة وأوسع ابنته الصغيرة ضربا في الشارع، السبب وما فيه أنها طلبت منه أن يسمح لها بأداء وظيفتها البيولوجية فهو فعل يدخل في اللاشعور ولا يمكنها التحكم فيه لكن ذلك الطلب أدى بها إلى ضرب مبرح من طرف أبيها الذي ركن السيارة ومكنها من أداء الوظيفة البيولوجية إلا أنها عوقبت عن ذلك أشد عقاب وراحت المسكينة تبكي حتى أنه أمسكها ورماها بالسيارة وغلق الأبواب وانطلق وأنبها عن طلبها المتأخر دوما وكأنها هي من تتحكم في ذلك. فسبحان الله...