وصل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الاثنين إلى العاصمة القطريةالدوحة لحضور حفل توقيع عقد بيع 24 مقاتلة فرنسية من نوع رافال لقطر، لتتأكّد نجاعة الاستراتيجية الدبلوماسية-التجارية الفرنسية التي استفادت أيضا من امتعاض دول الخليج العربية من السياسة الأمريكية بإدارة باراك أوباما. بعد زيارة لبضع ساعات اِلتقى خلالها بصورة خاصّة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني غادر الرئيس الفرنسي إلى السعودية، حيث سيحلّ ضيف شرف اليوم الثلاثاء على قمة مجلس التعاون الخليجي. ويبدو أن باريس في عهد هولاند بدأت تعيد تموضعها في المنطقة من جديد بعد انسحابها منها منذ عقود وتتحيّن كلّ فرصة لتوسيع علاقتها مع الدول العربية. وقد توّجت التوافقات الأخيرة في المواقف الخليجية والفرنسية في كلّ من اليمن وسوريا والاتّفاق النووي الإيراني إلى دعوة هولاند إلى قمّة مجلس التعاون الخليجي. مشاركة هولاند في القمّة الخليجية ستكون سابقة هي الأولى من نوعها، ليكون بذلك أوّل قائد غربي يحضر قمة خليجية منذ قيام مجلس التعاون عام 1981. وتأتي القمة التشاورية الخليجية قبل أسبوع من اجتماع قادة دول مجلس التعاون مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يرغب في تهدئة مخاوف حلفائه العرب من تقارب بين واشنطن وطهران، كما سيبحث معهم النزاعات الإقليمية. وتتقارب المواقف الفرنسية مع الخليجية من الأزمة السورية، حيث أن كلا الطرفين يؤمنان بضرورة تنحي رئيس النّظام بشار الأسد، كما أنهما يدعمان فصائل سورية معارضة سياسيا وعسكريا. ويزداد التقارب وضوحا في موقف فرنسا من الاتّفاق النووي، والذي شكّكت فيه باريس بالتزام إيران بوعودها، فضلا عن أنها لا ترى في الجمهورية الإيرانية عامل استقرار في المنطقة، وهو ما تتلاقى فيه مع الدول الخليجية وبالتحديد السعودية. وتعي باريس الهواجس للدول المحيطة إيران وعلى رأسها الخليجية، أكان لجهة الحرص أن تكون هذه المنطقة الحسّاسة خالية من أسلحة الدمار الشامل أو لجهة اغتنام إيران فرصة رفع العقوبات الاقتصادية عنها وتمتّعها بقدرات مالية واقتصادية جديدة تمكّنها من تعزيز نفوذها السياسي الإقليمي. وفي اليمن ظهر تأييد فرنسي واضح للعملية العسكرية التي قامت بها السعودية تحت عنوان عاصفة الحزم، وصرّح وقت بداية العملية وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس (إنه من غير المقبول إقالة السلطة الشرعية في اليمن). تستغلّ فرنسا كلّ فراغ أمريكي يتركه الرئيس باراك أوباما وتحاول إشغاله، وقد نجحت حتى الآن في الملفات الرئيسية.