بعد نجاح الغرب بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية في تحريك أمواج الإرهاب الهادرة بالدول العربية، ها هي تستعيض ب (داعش) بديلا عن ورقته القديمة (تنظيم القاعدة) كحجّة يستغلّها في الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطّة الهيمنة والتقسيم للدول العربية. فأوباما الذي حصل في شهر فيفري الماضي على تفويض من الكونغرس لقتال داعش بسوريا والعراق، يسعى الآن مع أفراد إدارته في توسيع نطاق الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، ليشمل دولا كثيرة في آسيا وشمال إفريقيا، وتعدّ مصر من أبرز الدول الموضوعة على قائمة الرئيس الأمريكي التي يستهدف محاربة (داعش) فيها. فوصل إلى القاهرة خلال يومي السبت والأحد الماضيين وفدين أمريكيين من الكونغرس، أحدهما برئاسة توماس هيل والثاني برئاسة رئيس اللّجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب الأمريكي ديفين نيونز. وحسب ما هو معلن فإن الوفدين حضرا للقاء كبار المسؤولين لبحث دعم علاقات التعاون بين مصر والولايات المتّحدة خاصّة فى مجال تبادل المعلومات حول مكافحة الإرهاب، إضافة إلى بحث التطوّرات الأخيرة في المنطقة وعلى رأسها الوضع في سوريا واليمن وليبيا وعملية السلام فى الشرق الأوسط. لكن الواقع يؤكّد أن أمريكا تسعى بقوة لاستغلال ورقة (داعش)، والتي استبدلتها بتنظيم القاعدة بهدف استباحة سيادة السماوات والأراضي العربية فيما يعدّ إهانة كبرى للدول وسيادتها، وما توافد الوفود الأمريكية إلاّ للضغط على القاهرة لأجل الإذعان لرغبات المتّحدة الأمريكية في هذا الشأن. فقد طالب آشتون كارتر، وزير الدفاع الأمريكي، حسب (واشنطن تايمز) في جلسة الاستماع التي أجرتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي أوائل مارس الماضي بتفويض من المشرعين يتيح للقوّات الأمريكية بمحاربة إرهاب التنظيم المسلح خارج سوريا والعراق. وكان أوباما قد أرسل إلى الكونغرس مشروع قرار بتمديد الحرب على التنظيم المسلّح (داعش) لمدّة 3 سنوات، دون وضع قيود على جغرافية الضربات الجوية والتدخّل العسكري للقوّات الأمريكية. وأوضحت خريطة مجلة (ذا ناشونال) الأمريكية أن الدول التي يحقّ للرئيس الأمريكي استخدام القوّة العسكرية فيها هي مصر، والسعودية والعراق والأردن وسوريا ولبنان وتونس والجزائر وأفغانستان، كما أظهرت أن واشنطن لن توجّه ضربات عسكرية في إسرائيل وتركيا وقطر لأنها خالية من عناصر تنظيم (داعش). في هذا السياق، قال السيناتور راند بول المرشّح الجمهورى المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة إن طلب أوباما بالحصول على ترخيص لاستخدام القوّة العسكرية يسمح لواشنطن بقصف أيّ مدينة في الشرق الأوسط مثل مكّة المكرّمة والمدينة المنورة. وظهرت نوايا الولايات المتّحدة بتوسيع دائرة الحرب في الشرق الأوسط من اجتماع وزير الدفاع الأمريكي كاترين آشتون مع عشرين قائدا عسكريا وسفيرا ومسؤولا في أجهزة المخابرات في قاعدة عريفان في الكويت، من بينهم السفير الأمريكي في مصر وقائد القوات الأمريكية فى إفريقيا. من جانبه، قال الخبير العسكري عادل فودة إن الأطماع الأمريكية في منطقتنا وبلادنا باتت مفضوحة، وكلّ ما تردّده حول محاربة الإرهاب متطابق مع كذبة الدفاع عن المبادئ الديمقرطية، وجميعها مجرّد عبارات لتمكين الولايات المتّحدة وحلفائها من ثرواتنا وبلادنا.