منتجات غذائية مشبوهة تحمل وسم حلال هكذا يتحايل بعض المستوردين على الجزائريين انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة المنتوجات الغذائية المستوردة الحاملة لوسم "حلال"، في الأسواق الجزائرية، وهي منتوجات "مشبوهة" لا يستبعد مختصون أن يكون باطنها "حرام"، بالنظر إلى وجود شبهة استخدام مكونات ومواد محرمة من جهة وقاتلة من جهة أخرى، وهو الأمر الذي يخفيه بعض المستوردين، ولا يترددون في التحايل على الجزائريين، غير مبالين بعواقب ذلك. وكشف تحقيقٌ ميداني قامت به الفدرالية الجزائرية للمستهلكين عن وجود مخابر أوروبية تمنح شهادات "حلال" مزيّفة للعديد من المؤسسات التي تنتج اللحوم المجمدة والأجبان والعديد من المواد التي تدخل في تصنيع الحلويات، ما يجعل الكثير من المواد الاستهلاكية المستورد إلى السوق الجزائرية تحمل وسم "حلال" مزيف وهذا ما اعتبرته جمعيات حماية المستهلك بالأمر الخطير الذي لا يجوز السكوت عنه. وفي هذا الإطار أكد مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك للعاصمة أن التحقيق الذي قام به والذي يعدّ الأول من نوعه بالتعاون مع العديد من المخابر الوطنية والأجنبية، كشف تحايلا كبيرا في توزيع شهادات "الحلال" على الكثير من المنتجات واسعة الاستهلاك على غرار اللحوم المجمّدة والأجبان والحلويات، وأضاف أن التحقيق بدأ منذ سنتين وتتبع مصدر الكثير من شهادات "الحلال" المطبوعة على المنتوجات المستوردة إلى الجزائر، وكشف أن مصدر العديد من هذه الشهادات مجهول ومزيف، وأضاف المتحدث أنه فوجئ بأن أحد المراكز الثقافية في "بروكسل" ببلجيكا وراء توزيع العديد من شهادات الحلال على العديد من المنتوجات الفرنسية المستوردة إلى الجزائر، وهو أمر خطير وغير مقبول لأن "شهادات الحلال" حسب المتحدث من تخصص مخابر عالمية معروفة وليست من مراكز ثقافية لا تملك أي مؤهلات وصلاحيات لتوزيع مثل هذه الشهادات. منتجات مشبوهة.. وأكد زبدي أن التحقيق تتبّع مصدر بعض المنتوجات "الحلال" المسوّقة في الجزائر، في مقدمتها اللحوم والأجبان واتصل بالشركة التي وزعت هذه الشهادات والتي يقع مقرها في فرنسا، وفوجئ المتحدث بتكذيب هذه المؤسسة لهذه الشهادات وأكد مسؤولوها أن هذه الشهادات لم تصدر من مؤسستهم وإنما هي شهادات مزيفة ومقلدة يتم ترويجها من بعض الجهات الخفية قصد ترويج تجارة اللحوم المجمدة والأجبان في الجزائر التي تعتبر أول سوق إفريقي للعديد من الدول الأوروبية في مقدمتها فرنسا وألمانيا وايطاليا وإسبانيا وبريطانيا. وأضاف محدثنا أن 50 بالمائة من شهادات الحلال الموجودة في المنتوجات المستوردة إلى الجزائر مجهولة المصدر ومزيفة، ما يجعل المواطنين يستهلكون منتوجات "حرام" تقدم على أساس أنها "حلال"، وكشف أن الكثير من المواد التي تدخل في تصنيع الحلويات على غرار مادة "جيلاتين" والأجبان مصنوعة من مستخلصات خنزيرية، وانتقد العديد من المصانع الجزائرية التي تنتج الحلويات والأجبان لعدم اكتراثها بالمصدر الحقيقي للمواد الأولية التي تستوردها من البلدان الأوروبية والتي تصنّع أغلبها بمواد محرمة. وأكد زبدي أنه راسل السلطات الوصية من أجل تدارك هذا الوضع وسن قوانين جديدة لمراقبة المواد المستوردة، والتأكد من شهادات الحلال التي تدخل الجزائر، غير أن الحكومة -يضيف المتحدث- أصدرت مرسوما تنفيذيا يتعلق بالأغذية الحلال في آخر جريدة رسمية صدرت يوم 19 مارس 2013 تجاهلت من خلاله مسؤولية مراقبة شهادات الحلال المستوردة إلى الجزائر، والجهات التي من شأنها أن تحقق وتراقب الأغذية التي تحمل وسم "حلال"، وطالب زبدي بضرورة تعديل هذا المرسوم التنفيذي بالتفصيل في الجهات المسؤولة وراء مراقبة "المنتوجات الحلال" وهو "ما يجعل السوق الجزائرية حاليا مفتوحة لعدد كبير من المنتوجات الحلال المزيفة والتي يدفع المستهلك الجزائري ضريبتها لاحتوائها على مواد مسرطنة وخطيرة على صحة الإنسان". وأضاف زبدي أن الحكومة أعفت الأجبان المستوردة إلى الجزائر وكذلك "الشكولاطة" من إلزامية وضع وسم "حلال" وهذا ما يجعل هذه المواد الاستهلاكية تحتوي على مستخلصات خنزيرية قد يستهلكها الجزائريون دون علم، ما يتطلب منا ضرورة إعادة النظر في القوانين الحالية. صدمة كبيرة يقبل الملايين من الجزائريين يومياً على استهلاك مختلف المواد الغذائية والحلويات دون الإطلاع على تركيبتها، أو حتى المواد المكوِّنة لها والجهات التي تقف وراء استيرادها وإغراق السوق الوطنية بها في ظل غياب الرقابة عليها، لكن الخطر لم يعد يترصّدنا من السلع المستورَدة فقط بل يحدق بنا من البضاعة المحلية أيضا؛ فقد ثار مؤخرا شباب "الفايسبوك" ضد أصحاب شركات صناعة الحلويات والتي تُستعمل في إنتاجها دهنياتٌ ومواد مستخلصة من لحم الخنزير ك"الغيلاتين" وطالبوا السلطات بالتحرك فورا. وبعد اطلاعهم على هذه المعطيات، ألمت صدمة كبيرة بكثيرين فلم يكن يخطر على بالهم أنهم يستهلكون يوميا كميات من دهنيات الخنزير، فقد تسبب فيديو مصور على موقع الأنترنيت "اليوتوب" لشاب يدعى "عبد القادر قاطع لياس" من ولاية تيبازة والذي يعالج في كل مرة ظاهرة اجتماعية ويكشف حقائق مختلفة، في إماطة اللثام حول فضيحة استهلاكية في بلد إسلامي، ما دفع الرأي العام إلى التحرك ضد التجار وأصحاب الشركات المختصة في بيع الحلويات والتي لا يهمها سوى تحقيق الرِّبح السريع دون التطلع إلى صحة المواطن أو الدين الإسلامي، الذي حرَّم هذه المواد حيث قام صاحب الفيديو بالتوجه إلى أحد المحلات ليراقب المواد المكوِّنة للحلويات والتي تدخل في أغلبية تركيبتها مادة "الغيلاتين" بعضها مستخلص من الأبقار وهو حلال، وأخرى ليس لها أي مؤشر، ما يرجح فرضية أنها مستخلصة من دهنيات الخنازير وبالتالي هي حرام. و"الجيلاتين" عبارة عن مادة هلامية شبه صلبة وشفافة تميل للون الأصفر وليس لها طعم أو رائحة موجودة في الحيوانات وبالأخص جلد الخنازير، تتكون مع الغلي المستمر للأنسجة الحيوانية أو النباتية وهناك أنواع من "الجيلاتين "الحيواني يتكون عادة من غلي سيقان الأبقار، المواشي، جلود، الخنازير. و"اليلاتين" نباتي يتكون عن طريق غلي بعض الطحالب البحرية وهو بروتين غير كامل، وهي حقيقة كان يجهلها الكثيرُ من المواطنين وتستخدم في صناعية الحلويات واللبان، الشكولاطة، الآيس كريم ومشروبات الطاقة والكثير من المواد الاستهلاكية الأخرى. لغز الجيلاتين قررت "أخبار اليوم" خوض التجربة ذاتها والتي قام بها "عبد القادر"، فاتجهنا إلى أحد محلاَّت بيع المواد الغذائية حيث رحنا نتطلع إلى علب الحلويات "المارش مالو"، وهي حلويات محبذة كثيرا عند الأطفال الصغار وسعرها منخفض. وبعد قراءتنا للمواد المكوِّنة لها وجدنا أنها تحتوي على "جيلاتين" دون أدنى إشارة أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لحلوى الحلقومة وحلويات أخرى وقد غابت عن العلبة عبارة "حلال " التي تجعل المشتري يأكل وهو مطمئن خاصة وأنها موجهة للأطفال الصغار. في حين حملت أصناف أخرى عبارة مصنوعة ب"جيلاتين" بقري. وخلال حديثنا مع صاحب المحلّ أوضح لنا أنه لم يكن يعرف عن الأمر شيئا خاصة وأن السلع مصنوعة محليا في الجزائر، ولم يخطر بباله أن تحتوي مواد محرّمة وأنه من الآن وصاعدا سيتفقدها بشكل جيد حتى يتفادى حمل وزرها. ليضيف أحد الزبائن أنه شاهد الفيديو على موقع "اليوتيوب"، وأبلغ صاحب المحل المجاور لمسكنه مفيدا أنه لم يتوقع أن تكون هناك سلعٌ مصنوعة من خلاصة الخنزير موجودة وتروج في الجزائر. وفي دراسة قامت بها كندا بسبب إرتفاع حالات الوفاة العديدة إكتشفت أن تناول "الجيلي كولا "بجميع أنواعها المصنوعة من "الجيلاتين " أنها خطر كبير على الأطفال وتؤدي لاختناق الأطفال وقد تسبب الوفاة، حيث تم وقف بيع هذه الأنواع من الحلوى في أمريكا وبريطانيا كونها خطر قاتل لشريحة الأطفال المستهلك لها. مسؤولية السلطات.. وفي هذا الصدد أفاد السيد مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك، أنه من الواجب على السلطات اتخاذ مجموعة من التدابير بالأخص على مستوى الميناء لمراقبة المواد المصنوعة من خلاصات حيوانية ومشتقاتها المستوردة من دول أجنبية، والتي تدخل في صناعة مختلف المواد الغذائية، مستطردا أن الجمعية قامت بدراسة ميدانية لمدة 3 أشهر حول بعض الأغذية المستورَدة التي تباع في أسواقنا والمنتَجة محليا والتي تدخل في تركيبتها مواد مستوردة مجهولة المصدر ومن بينها "الجيلاتين". وشملت الدراسة إداريين ومتعاملين اقتصاديين ومختصين، وتمّ التوصل إلى مدى خطورة هذه المواد على صحة المستهلِك، ليواصل السيد زبدي حديثه قائلا: إن المسؤولية تتحملها جهات عديدة بدءا من الجمارك وصولا إلى وزارة التجارة، والتي رغم إصدارها للمرسوم التنفيذي الساري المفعول يوم 16 ماي 2013 إلا أنه لا يزال بحاجة لتدابير إضافية وذلك لضمان أكبر قدر من الحماية للمستهلك الجزائري. وحول الموضوع أكد السيد جلول حجيمي الأمين العام للتنسيقية الوطنية لأئمة وموظفي الشؤون الدينية وإمام مسجد تيليملي، أنه يتوجَّب على الدولة تشديد الرقابة على البضاعة المعروضة في الأسواق سواء المستوردة أو المصنوعة محليا حتى نتقي الشبهات، مع تشكيل لجنة مختصة في المعاينة تتكون من خبراء ومختصين في التغذية والصحة وأئمة أيضا ليدفعوا بذلك الشك، مضيفا أن هذه المواد تظل شبهة في حال لم يتضح مصدرُها الأصلي ويجب أن لا نُدخل الناس في الشبهات من باب: "اتقوا الشبهات"، فعلى وزارة التجارة، والسلطات المعنية، وضع حد لفوضى السلع السائدة في السوق.