أكد الدكتور محمد فؤاد البرازي، رئيس الرابطة الإسلامية بالدنمارك وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأميركا، أن المستقبل البعيد في أوروبا للإسلام، وأن أكثر ما يخشاه الأوروبيون الآن هو النمو السكاني المتزايد للمسلمين هناك في ظل ضمور النمو السكاني لغير المسلمين. وقال في حوار مع _الاتحاد_ الاماراتية، إن الرابطة الإسلامية بالدنمارك تفكر في اللجوء للمحكمة الأوروبية لأن القضاء الدنماركي لم يكن منصفا في قضية الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. ووصف المناهج الدينية في المؤسسات التعليمية بالعالم الإسلامي بأنها تعاني مرضاً عضالاً، وأنها في حاجة إلى إعادة النظر، بحيث تعود إلى أصالتها وتنهض بالعقل المسلم. وحذر من أن البعض يتخذ قضية مقاصد الشريعة حجة للتحلل من كثير من الأحكام الشرعية ويفسر بعض الأحكام الشرعية كما يحلو له مدفوعا بهواه، مؤكدا أن الشريعة من هذا براء، ولذلك يجب أن ننتبه إلى هذا الموضوع لكي لا نقع في المحظور، ولكي لا نتحلل من كثير من الأحكام بمقصد ما واليوم زال هذا المقصد، وبالتالي لم تعد الحاجة قائمة لهذا الحكم وهذا خطير جداً. الفقيه الحقيقي وأضاف البرازي: سمعنا من البعض كلمات غير دقيقة في معالجة بعض المسائل التي مست الثوابت الفقهية، ولهذا فإن من يتحدث في هذه القضايا يجب أن يكون بصيرا فقيها، والفقه ليس هو العلم الذي ندرسه فقط وإنما الفقيه الحقيقي من تعلم الفقه، لأن الفقه ليس فقط أحكاما يحفظها الإنسان ليصبح فقيها، وإنما الفقيه الحقيقي هو الذي جالس العلماء وأخذ عنهم وسهر الليالي الطوال في البحث والتمحيص والدراسة والحفظ. أما إذا ترك الأمر لكل من هب ودب ليتحدث في مقاصد الشريعة، فقد ينسف من أحكام الشريعة ما لا يحلو له بحجة أن الشريعة تقصد غير ذلك فهذا من أخطر الأمور. وأشار إلى أهمية الفهم الصحيح لتعايش المسلمين مع المجتمعات الأخرى لأن هناك من يفهم هذه القضية على أنها انفتاح كامل يفقد معه كثيرا من خصائصه الإسلامية ويذهب بكثير من الأحكام الإسلامية وهذا خطأ فادح لذلك كان لابد من تأصيل فقهي للتعامل مع الآخر، وهذا التأصيل يجعلنا نحافظ على ديننا وفقهنا الإسلامي، ونجد في هذا الفقه طرقا شرعية لأسلوب التعامل مع الآخر، وهذا الأمر يحتاج إلى فقيه بصير. وحول كيفية مواجهة الذين يتناولون هذه القضايا بغير علم ولا بصيرة، أوضح: الفتوى في هذا العصر وصلت إلى أكثر من فوضى لأن الفضائيات صارت تنقل أقوال غير المختصين ويتصدى للفتوى غير المؤهلين لها، وأنا مع تقييد الفتوى لأهل العلم المتخصصين وهذا ليس من الحجْر على أهل العلم، وفي الفقه الإسلامي قال العلماء يُحجر على المفتي الجاهل والطبيب الجاهل والمكاري المفلس، لذلك يجب أن نحجر على هؤلاء الذين لا يحسنون الفقه الإسلامي. الرسوم المسيئة وأكد البرازي أن الرابطة الإسلامية في الدنمارك، كان لها موقف واضح من الرسوم التي أساءت إلى رسولنا الكريم، وأظهرت استنكار المسلمين من نشرها، وسيرت مظاهرات ضمت أكثر من 10 آلاف شخص وأوصلنا صوتنا إلى الآخرين، ولم نكتف بهذه المظاهرات بل أوصلنا صوتنا إلى الحكومة الدنماركية وقلنا لهم إننا لا نقبل مثل هذه الإساءات، وتحدثنا مع المسؤولين هناك وأوضحنا أن هذه الإساءات لا تخدم التعايش بيننا وبينهم ولا تخدم مجتمعا نعيش معهم فيه. وأوضح أنه كنا في كل احتجاجاتنا ومظاهراتنا نحذو حذوا سلميا حضاريا يظهر سماحة الإسلام، لأنه لا يجوز أن نقوم بمظاهرة فوضية ولا نستطيع أن نتصرف تصرفا ينعكس سلبيا على الوجود الإسلامي في تلك البلاد، بل يجب علينا أن نحتج بقوة ولكن بشكل منظم لا يؤثر على المسلمين هناك لاسيما وأننا نعيش في عصر صراع بين النظرية الإسلامية والنظرية الغربية، وهذا أمر حقيقي وواقعي. صراع الحضارات كما أننا لا نريد أن نكون مبررا وسببا في تحقيق نبوءة هينتغنتون الذي قال بصراع الحضارات، وهو الذي أخذت به بعض القوى الغربية، لكن نريد أن نسلك مسلك حوار الحضارات ومع الأسف الشديد أجد من خلال التعاون بين اليمين المسيحي المتطرف والصهيونية العالمية أن نظرية هينتغنتون بدأت تشق طريقها في عقول كثير من الناس الآن حتى أنني أخشى أن تأتي ساعة الصدام. ونحن مؤمنون وعلى ربنا متوكلون ولكن الله أمرنا بتعاطي الأسباب ونحن في عالم الأسباب لسنا الأقوى ولابد أن تكون دراستنا للواقع سليمة وقويمة حتى نعرف مواضع أقدامنا، خاصة أن هذا المد بدأ يتصاعد في أوروبا تصاعداً كبيراً وشديدا، وأخشى على الوجود الإسلامي في أوروبا من أندلس ثانية. لذلك فإن الحوار الذي أدعو إليه يجب أن يقوم على التقديم لصورتنا وصورة ديننا للبشرية بشكل سليم وحكيم لأن الله يقول _ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن_.. ويجب أن يتولى الحوار من هو أهل له وهم الذين يتسمون بالعلم والحكمة. وأكثر ما يخشاه الأوروبيون الآن هو النمو السكاني المتزايد للمسلمين هناك حتى أن بعض ساسة أوروبا صرحوا بذلك علانية وبعضهم يقولون إنه بعد 50 عاما ستصبح فرنسا جمهورية إسلامية، وكذلك ألمانيا تصرح بمثل هذا القول ودول أوروبية أخرى تتحدث عن هذا في ظل ضمور النمو السكاني لهم وتضخم النمو السكاني للمسلمين في ديارهم، وهم يخشون ذلك، ويجب علينا أن نكون حكماء وأن نطمئنهم بأننا لسنا القنبلة التي سوف تنفجر فيهم. الوجود الإسلامي ويشير: في معظم المؤتمرات والندوات التي نعقدها هناك أدعو إليها بعض المسؤولين ورجال السلك الدبلوماسي في الدنمارك، وأقول لهم نريد أن نطمئنكم بأن الوجود الإسلامي في هذا البلد نمو طبيعي فنحن جزء من هذا المجتمع، وكما يوجد مسيحيون وأصحاب ديانات آخرون يوجد أيضا المسلمون، ونحن لا نخطط لتغيير هذا المجتمع من الداخل ولا نخطط لأسلمة المجتمع، ونؤمن بالحرية ولو أن بعض أفراد المجتمع دخلوا الإسلام بمحض إرادتهم فنحن نرحب بهم، وليس معنى هذا أننا نحاول أن نعمل من أجل تغيير الصبغة العامة في المجتمع الغربي.