إعداد الشيخ: يوسف قويدر جلول الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: المسلم لا بد أن يكون حريصا أشد الحرص على تعلم دينه والتفقه فيه، وذلك من خلال سؤال أهل العلم، قال تعالى في كتابه الكريم: [ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون] فالله سبحانه وتعالى أمر عباده أن يسألوا أهل العلم عما يجهلونه من أمور دينهم ودنياهم، لأن السؤال هو وسيلة من وسائل المعرفة، والله تعالى أول ما أنزل من القرآن الكريم على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم كلمة (اقرأ) التي تدل على طلب العلم والاستزادة منه، كما أول ما خلق من مخلوقاته خلق القلم، كل ذلك يدل على أن طلب العلم ضرورة ملحة لكل عاقل يريد أن يرتقي إلى أسمى المقامات، كما أمر الله تعالى نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن يطلب من ربه جل وعلا أن يزيده من العلم فقال تعالى: [وقل رب زدني علما]. والله تعالى لما خلق الإنسان زوده بوسائل وأدوات يستطيع باستخدامها أن يتعلم ويعرف ويكتشف المجهول، فالإنسان عندما يولد، يولد وهو مجرد من أي علم أو معرفة، كما قال تعالى: [والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا] ولكن باستخدام الإنسان الأدوات التي زوده الله بها من السمع والبصر والعقل وغيرها من المنافذ التي بها يطل الإنسان على العالم، بهذه الوسائل يستطيع أن يتعلم ويكون ضمن المتعلمين. والله تعالى أوجب على الإنسان أن يتعلم وأن يعرف أمور دينه حتى يعبد الله تعالى على علم وبصيرة، فإذا عبد الإنسان ربه عن جهل أضر بنفسه ودينه وعرض نفسه لسخط الله تعالى، لأن الجاهل إذا صلى مثلا وكان لا يميز ما بين الفرائض والسنن والمستحبات، ولا يعرف ما يبطل الصلاة، ربما صلى صلاته باطلة وهو لا يدري، لذلك كان لزاما على العبد أن لا يقدم على أمر حتى يرى حكم الشرع فيه، ولا يشرع في عبادة حتى يعرف أحكامها وأركانها وما تصح به وما يبطلها. داء العصر فالجهل داء ومرض والسؤال دواء وشفاء، فالإنسان ينبغي أن يعتبر جهله بالشيء كمرض وكعاهة أصابته، فكما يحرص الإنسان على أن يكون سليم البدن معافى من كل داء، عليه أن يحرص أشد الحرص أن يسعى ليتخلص من جهله بالشيء الضروري الذي يجب عليه أن يكون على علم ودراية به، هلا سألوا إذا لم يعلموا، فإنما شفاء العي (الجهل) السؤال كما قال عليه الصلاة والسلام، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: (خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: (قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ - أَوْ (يَعْصِبَ) شَكَّ مُوسَى - َعلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) ؟. فالإقدام على الشيء دون معرفة حكم الله تعالى عاقبته وخيمة. فسل الفقيه تكن فقيها مثله *** لا خير في علم بدون تدبر فالتفقه في الدين من أهم الواجبات التي ينبغي أن يحرص عليه المرء ومن يرد الله به خيرا يفقه في الدين كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح. وقال الله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [سورة الزمر]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ) رواه البيهقي. قال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في شرح الإحياء ما نصه: (واستماع العلم النافع) في دينه ودنياه و(في الآخرة أفضل من اشتغاله بالنوافل) من الصلوات، (فقد روى أبو ذر) جندب بن جنادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ حُضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة ((أيْ مِنَ النَّوافِلِ) وفي خبر آخر: (لَأَنْ يَتَعَلَّمَ أَحَدُكُمْ بَابًا مِنَ العِلْمِ أَو يُعَلِّمَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ صَلاةِ ألْفِ رَكْعَةٍ) قيل: يا رسول الله ومن قراءة القرآن أيضًا ؟ قال: (وهَلْ يَنْفَعُ قِرَاءَةُ القُرْآنِ إلّا بِعِلْم) ا.ه. وفي الأخير: أقول يجب على كل مسلم أن يسأل عن أمور دينه حتى يتسنى أن يعبد الله تعالى على بصيرة، ولا يأنف من السؤال ولا يتكبر ولا يستحي، فالذي يستحي أن يسأل أو يتكبر يبقى جاهلا طول حياته، والجاهل كالذي يمشي في طريق مظلم لا يأمن على نفسه من الوقوع في حفر أو يتعثر بعقبات، أما الذي عنده علم فكالذي يمسك مصباحا يضيء له الطريق فهو في مأمن من العثار. فينبغي للإنسان أن تكون لديه ثقافة السؤال، لا يقدم على أي أمر حتى يسأل عنه أهل العلم، حتى لا يندم في آخر المطاف. فاللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يارب العالمين، وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. * كتبه: الشيخ يوسف إمام أستاذ بمسجد السلام ولاية عين الدفلى للتواصل معنا عبر الإيميل: : هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته أو صفحة الفايسبوك: https://www.facebook.com/abouassem.kouiderdjelloul