استلم المدير التنفيذي الجديد لمجمّع سوناطراك أمين معزوزي مهامه أمس على رأس(البقرة الحلوب)، في عزّ أزمة حقيقية وقنابل موقوتة تتربّص بالشركة التي تمثّل عصب الاقتصاد الوطني، من بينها قضايا الفساد وتراجع الإنتاج، ما يجعل مهمّة نجل وزير العمل الأسبق في عهد الرئيس هواري بومدين (إطفائية) قبل أن تكون (استشرافية)، فهل سينجح فيما فشل فيه أربع مدراء خلال الخمس سنوات الأخيرة؟ أمر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أول أمس بإجراء تغييرات (فورية) على رأس بعض البنوك والشركات الحكومية أبرزها سوناطراك، في وقت تعاني فيه الجزائر من أزمات مالية بسبب تراجع إيرادات النفط، ما يجعل الأنظار كلّها تتّجه صوب المدير الجديد للشركة البترولية باعتبارها العصب الحقيقي للاقتصاد الوطني. وخلف أمين معزوزي المدير التنفيذي بالوكالة لمجمّع سوناطراك سعيد سحنون الذي أدار الشركة بعد إقالة عبد الحميد زرفين بسبب فشله في إعادة الشركة إلى كامل طاقتها الإنتاجية بعد الهجوم الإرهابي على مصنع الغاز في تيفنتورين في جانفي 2013، ما تسبّب في شلّ جزء من إنتاجه. وكان أمين معزوزي، 50 سنة، يشغل منذ 2008 منصب مدير التخطيط والاستراتيجية في الشركة وحاصل على دكتوراه في الهندسة البترولية، كما أنه نجل وزير العمل الأسبق في عهد الرئيس هواري بومدين محمد السعيد معزوزي. الفساد وتسريب المعلومات الخاصّة تواجة الشركة البترولية الجزائرية قضيتي فساد تجري التحقيقات حولهما، وتمّ تغيير مديرها أربع مرّات خلال السنوات الخمس الماضية، كما أقيل الوزيران شكيب خليل ويوسف يوسفي. كما فوجئت إدارة المجمّع النفطي مؤخّرا بتسريب معلومات وأرقام حول البنود السرّية لدفاتر الشروط والمناقصات الخاصّة بالبترول والغاز عبر مواقع إلكترونية وبطاقة الطاقة الدولية، وكذا تقديرات القسم التقني للمجموعة حول الطاقة الإنتاجية لبعض حقول النفط ومناطق الاستكشاف، وهو ما يجعل الحفاظ على المعلومات الخاصّة بالشركة من أكبر التحدّيات التي تواجه الإدارة الجديدة، خاصّة وأن تسريب مثل هذا النّوع من المعلومات من شأنه أن يؤثّر سلبا على صفقات المجمّع إذا ما اطّلعت الشركات الأجنبية على هذه الأرقام. وكان قد أثير الجدل من قبل، وتحديدا خلال تحقيقات سوناطراك 2 حول تسريب معلومات داخل المجمّع بشأن صفقات ومشاريع سوناطراك، كما سبق وأن أمر قاضي القطب المتخصّص بمحكمة (سيدي امحمد) قبل أيّام بتفتيش مقرّات سوناطراك وبنك الجزائر الخارجي للحصول على وثائق تجارية وجمركية حول صفقات المجمّع. إجراءات الأمن والبيئة من بين التحدّيات التي تصطدم بالإدارة الجديدة لسوناطراك نجد ضرورة احترام المعايير والإجراءات المرتبطة بالنظافة والأمن والبيئة للوقاية من المخاطر ذات الصلة بنشاط المؤسسة، وهو الرهان الذي همّشته الإدارات المتعاقبة، ما أدّى إلى تسجيل حوادث عديدة منها ذاك الذي أودى مؤخّرا بحياة عاملين في المؤسسة الوطنية للخدمات في الآبار بحاسي مسعود، ما يوجب التحلّي باليقظة في كلّ الأوقات والسهر على تحسين إجراءات النظافة والأمن والبيئة. جمود الإنتاج من أهمّ الرهانات الملقاة على عاتق المدير الجديد تلك المتعلّقة بالاختيار بين تثمين الاكتشافات التي أعلن عنها سالفه أو الاكتفاء بتحسين معدلات الاسترجاع في أكبر الحقول البترولية والغازية في كلّ من حاسي مسعود وحاسي الرمل، خاصّة بعد أن تقلّص إنتاج الجزائر من المحروقات بنسبة 20 بالمائة لينخفض إلى مليون و100 ألف برميل يوميا، أي تحت السقف المرخّص له من طرف منظّمة (الأوبك). وتراجعت عائدات الصادرات الجزائرية من المحروقات بنسبة 42، 8 بالمائة في الأشهر الأربعة الأولى من 2015 بسبب تراجع أسعار النفط، ما أدّى إلى تفاقم العجز التجاري، حسب أرقام رسمية نشرت السبت. وتحتاج الجزائر -حسب عديد الخبراء والملاحظين- إلى استثمارات أجنبية لزيادة إنتاج الطاقة الذي يعتريه الجمود. وبلغ إنتاج النفط نحو 1.2 مليون برميل يوميا في السنوات الماضية، إلاّ أن سوناطراك أعلنت هذا الشهر أنها سترفع الإنتاج بما لا يقلّ عن 32 ألف برميل يوميا من جويلية مع بدء الإنتاج من حقلين.