عطاف يشارك في اجتماع تنسيقي لآلية دول جوار ليبيا ويؤكد ضرورة توحيد الجهود لدعم الاستقرار    إطلاق أول مسابقة وطنية لطلبة الطب في الجزائر لتعزيز التميز العلمي والابتكار الشبابي    المجلس الشعبي الوطني يناقش تعديل قانون الجنسية: التجريد إجراء استثنائي لحماية أمن الدولة    إطلاق منصة رقمية جديدة لاستقطاب الاستثمارات النفطية تحضيرًا لمناقصة "Algeria Bid Round 2026"    أدرار.. توقع إنتاج نحو 380 ألف قنطار من الذرة الحبية    بومرداس.. إنتاج قياسي للسمك الأزرق خلال 2025    محتصون يحذرون من ردود أفعال عنيفة عقب نتائج الفصل الأول    خنشلة.. الشروع قريبا في إنجاز 4 مؤسسات تربوية    الوقاية من حوادث المرور : الجزائرية للطرق السيارة تشارك في حملة تحسيسية    أمطار رعدية مرتقبة على عدة ولايات هذا الأحد    المذكرات الورقية تنسحب من يوميات الأفراد    تمتين الجبهة الداخلية للتصدّي للمؤامرات التي تحاك ضد الجزائر    الجزائر لا تساوم على ذاكرتها الوطنية    تناغم بين الصناعات العسكرية والمدنية لتحقيق النمو الاقتصادي    شراء وبيع أسهم وسندات "بورصة الجزائر" إلكترونيا    الصناعة العسكرية قاطرة الاقتصاد الوطني    تطوير المصطلح الإعلامي ليواكب التحوّلات الرقمية    مجلس الأمن يدين بشدة الهجمات على قاعدة بجنوب    حيماد عبدلي يعد الجزائريين بالتألق في "الكان"    "الخضر" جاهزون لرحلة النجمة الثالثة في "الكان"    أكاديمية العلوم تكشف عن قصة توعوية مصوَّرة    فضاء للتنافس في علوم الطيران    إبراهم مازة ورقة "الخضر" الرابحة في كأس إفريقيا    تحويل الزجاج إلى لغة فنية نابضة بالروح    الموت يغيّب الفنّانة سمية الألفي    إحباط تهريب 97510 علبة سجائر    مصادرة 3552 وحدة من المشروبات الكحولية    "حماية المعطيات الشخصية" محور نقاش قانوني وأكاديمي    أوّل هزيمة للعميد هذا الموسم    الخضر في المغرب.. والعين على اللقب    شرفي تزور مصلحة مكافحة الجرائم السيبرانية    الرُضّع يموتون يومياً من البرد في غزّة    استراتيجية الأمن القومي الأمريكي ... أوهام أم حقائق؟    هذه توضيحات بنك الجزائر..    تجريم الاستعمار في البرلمان اليوم    اختتام الدورة التأهيلية التاسعة للمرشحين للمسابقات الدولية لحفظ القرآن الكريم    إشادة بدعم رئيس الجمهورية للبحث    بلمهدي يشرف على اللقاء الدوري    تعويل رئاسي على الإنتاج الجزائري    الشعب الفلسطيني ما زال يقف على عتبة الأمم المتحدة منتظرا نيل حريته    "نسعى إلى تعزيز علاقات التعاون والشراكة بين البلدين"    ضرورة الحفاظ على إرث وتراث الدولة السورية الغني    عبدلي يعوّض عوّار    الملك تشارلز يستقبل جزائريا أنقذ ركّاب قطار خلال هجوم ببريطانيا    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    نحو تعزيز إنتاج الأفلام وترقية الابتكار الشبابي.. وزيرة الثقافة والفنون تعقد لقاءات تشاركية مع صنّاع السينما    الوزير الأول يشرف على مراسم توزيع جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة العربية في طبعتها الأولى    الكيان الصهيوني يستفيد من نظام عالمي لا يعترف إلا بالقوة    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    إنه العلي ..عالم الغيب والشهادة    محبة النبي صلى الله عليه وسلم من أصول الإسلام    فتاوى : الواجب في تعلم القرآن وتعليم تجويده    تمكين الطلبة للاستفادة من العلوم والتكنولوجيات الحديثة    دعم السيادة الصحية بتبادل المعطيات الوبائية والاقتصادية    أبو يوسف القاضي.. العالم الفقيه    الجزائر تُنسّق مع السلطات السعودية    الاستغفار.. كنز من السماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو الحسن الندوي يدعو العرب لإنقاذ العالم بالإسلام
نشر في أخبار اليوم يوم 02 - 06 - 2015

العلامة الهندي أبو الحسن الندوي رحمه الله أحد العلماء الذين عاصروا سقوط الخلافة الإسلامية، وما صاحبها من أحداث اهتزت فيها الكثير من الكيانات الإسلامية في أوروبا وفي الشرق والغرب، الأمر الذي رسّخ في يقينه أن الإسلام لا بدّ أن يتولى الزمام لإنقاذ العرب والعالم؛ وأن الحل الوحيد لمأساة الإنسان، يكمن في تحول قيادة العالم إلى أيد مؤمنة بقيم الإنسانية. وانطلاقا من هذه النظرة الواسعة العميقة جاء محور دعوته الإصلاحية في مكافحة الغزو الفكري، وبثّ روح الاعتزاز بالإسلام في المسلمين، ومقاومة الردَّة وآثارها، وخاطب العرب وركّز عليهم اهتمامه، لأنّهم يحملون استعدادًا روحيًّا ومعنويًّا وماديًّا لقيادة العالم الإسلامي. وبالتالي لقيادة العالم أجمع، وكان حريصًا على نهضة العرب بمواهبهم وكفاءاتهم.
ولد العلامة عليٌّ أبو الحسنِ بنُ عبد الحي بن فخر الدين الحسني والذي ينتهي نسبه للإمام على بن طالب رضي الله عنه، بقرية (تكية) بمديرية (راي بريلي) في الولاية الشمالية بالهند في 6 من المحرم 1333ه الموافق 1914م، كان والده علامة الهند ومؤرخها، وكانت والدته من السيدات الفاضلات؛ تحفظ القرآن الكريم وتقول الشعر، وتؤلف الكتب.
توفي والده وهو دون العاشرة، فأشرف أخوه الكبير على تربيته، فحفظ القرآن، وتعلم الأردية والإنجليزية والعربية، ثم التحق بجامعة لكهنؤ، وهي جامعة تدرس العلوم المدنية باللغة الإنجليزية، وفيها قسم لآداب اللغة العربية، اختاره أبو الحسن عن شوق، ثم التحق بدار العلوم لندوة العلماء عام 1929م، ليلاقي كبار علماء الهند، وليحضر دروس الشريعة عليهم، فالتحق بديوبند مدة شهور، ثم سافر إلى لاهور، وقرأ التفسير القرآني على كبار علمائها، وتحققت أمنيته بلقاء شاعر الإسلام محمد إقبال، فجالسه وأفاد منه، وعين بعد ذلك مدرسًا بدار العلوم لندوة العلماء في عام 1934م.
عالم من نوع خاص
ويُعَدُّ أبو الحسن الندوي من أشهر العلماء المسلمين في الهند، وله كتابات وإسهامات عديدة في الفكر الإسلامي، وكان كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم لنصرة قضايا المسلمين، والدعوة للإسلام وشرح مبادئه، وإلقاء المحاضرات في الجامعات والهيئات العلمية والمؤتمرات.
وقد دفعته همته المبكرة إلى كتابة مقال تاريخي، وعمره (18 سنة) يتحدث فيه عن جده المجاهد أحمد بن عرفان شهيد الإسلام، وبعث به إلى (مجلة المنار) المصرية، التي يقوم عليها العلامة محمد رشيد رضا فنشره، وبدأ الندوي الدعوة إلى الله على المنابر خطيبًا، ثم سافر إلى (دلهي) في رحلة علمية، فالتقى بعالمها الكبير الشيخ محمد إلياس؛ فعزم الندوي أن يكون داعية بلسانه، كما يكتب بقلمه، ولكنه رأى أن يدعو ويرحل إلى العالم الإسلامي كله، بدلاً من الدعوة في الهند فقط، كما فعل شيخه إلياس، فرحل إلى الحجاز مرات، وإلى مصر، والمغرب، والشام، وتركيا، وزار أميركا، والدول الأوربية، وطوف بأكثر عواصم العالم الإسلامي، وكانت رحلاته عظيمة التأثير.
وكان الندوي يرى أن واجب العلماء والطبقة المثقفة في مقال نُشِرَ بمجلَّة (البعث الإسلامي) قائلاً: (إنّ مسؤوليَّة العلماء والمفكّرين المسلمين في العصر الحديث بعد مواجهتهم للتحدّيات المعاصرة، واثباتهم أن الإسلام قادر على قيادتها وترشيدها والسموّ بها هي أن يفضّلوا الإسلام على كل جماعة، ومؤسّسة، ومدرسة، وطائفة، وحزب، وليكن مصلحة الدين والعقيدة مفضّلة على عمل كل مصلحة حزبيَّة، أو جماعيَّة).
كان رحمه الله غزير الإنتاج والتأليف فبلغ مجموع مؤلفات الندوي وترجماته نحو 700 عنوان، منها 177 عنوان بالعربية، ترجم عدد منها إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والبنغالية والإندونيسية وغيرها.
من المهد إلى اللحد
ومن أشهر مؤلفاته كتاب (ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) (1944م)، وأكمله (1947م)، وقد طُبِعت ترجمتُه الأرديةُ في الهند قبل رحلته الأولى للحج عام 1947م، وقال عنه العلامة القرضاوي: (الكتاب نظرة جديدة إلى التاريخ الإسلامي، وإلى التاريخ العالمي من منظور إسلامي، وهو منظور عالم مؤرخ مصلح داعية، يعرف التاريخ جيدًا، ويعرف كيف يستخدمه لهدفه ورسالته).
تجول داعيا إلى الله في العديد من البلاد العربية، فقد دُعِي أستاذًا زائِرًا في جامعة دمشق (1956م)، وألقى محاضرات بعنوان: (التجديد والمجدِّدون في تاريخ الفكر الإسلامي)، نُشرت فيما بعد إلى كتابه الكبير (رجال الفكر والدعوة في الإسلام) (أربعة أجزاء)، كما ألقى محاضرات في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بدعوة من نائب رئيسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عام (1963م)، طُبِعت بعنوان: (النبوة والأنبياء في ضوء القرآن).
كما سافر إلى الرياض بدعوة من وزير المعارف السعودي (1968م)؛ للمشاركة في دراسة خِطَّة كلية الشريعة، وألقى بها عدَّةَ محاضرات في جامعة الرياض وفي كلية المعلِّمين، وقد ضُمَّ بعضُها إلى كتابه: (نحو التربية الإسلامية الحرة في الحكومات والبلاد الإسلامية).
تأثر الندوي بفكر الإمام أحمد بن حنبل، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وكان يحمل رؤية إصلاحية تنطلق من رؤية الإسلام للإنسان والكون والحياة، ومن أبرز تأمّلاته: قضيَّة الإصلاح والتغيير، حيث رأى أنّ المنهج الإصلاحي الذي نريده ينبع أساسًا من تكوين الفرد تكوينًا نوعيًّا، ويحمل على بعض المصلحين الذين خلطوا الواقع الإصلاحي بالتجربة والروح الغربيَّة، وكان يندهش من المسلمين الذين اطمأنّوا لتدريس أبنائهم في المؤسسات العلميَّة الغربيَّة، وغفلوا عن هدف الغرب في القضاء على الهويَّة الإسلاميَّة لهم، وتنبّه إلى ضرورة إحداث تغيير شامل في الجامعات الإسلاميَّة، من خلال ربط العلم بالتربية؛ وأولى اهتمامًا كبيرًا بالمنهل العلمي الذي يتلقّاه الشباب، فلا بدّ من تصفية هذا المنهل، من خلال توحيد التعليم ليكون وحدة شاملة تجمع بين الوسائل والغايات.
وكان دائم التأكيد على عالمية رسالة الإسلام وإنسانيَّتها، وفي ذلك ما يبعث على الغيرة، وأن يتنافس العرب، وأن يسبقوا لأنَّهم أهل الفضل وأهل الرسالة، وأهل الدعوة، وأشاد بدور العرب لأنهم الذين أشركونا في هذه الثروة السماويَّة السامية الأخيرة، وأنَّ هذه الدعوة قد لبيّت تلبية حسنة، وكانت مستجابة استجابة كريمة، تليق بإخواننا العرب وبشرفهم وبمكانتهم وبزعامتهم وقيادتهم.
وقد ترك وصية ترددها الأجيال ومما جاء فيها: (اسمعوها مني صريحةً أيها العرب: بالإسلام أعزَّكم الله، (لو جُمع لي العربُ في صعيدٍ واحد واستطعت أن أوجّه إليهم خطاباً تسمعه آذانهم، وتعيه قلوبهم لقلتُ لهم: أيها السادة! إنَّ الإسلام الذي جاء به محمد العربي صلى الله عليه وسلم هو منبع حياتكم، ومِنْ أُفُقه طلع صبحُكم الصادق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو مصدر شرفكم وسبب ذكركم، وكل خير جاءكم بل وكل خير جاء العالم فإنَّما هو عن طريقه وعلى يديه، أبى الله أن تتشرفوا إلا بانتسابكم إليه، وتمسُّكِكُم بأذياله والاضطلاع برسالته، والاستماتة في سبيل دينه، ولا رادَّ لقضاء الله، ولا تبديل لكلمات الله، إن العالم العربي بحرٌ بلا ماءٍ، كبحر العَروض حتى يتخذ محمد صلى الله عليه وسلم إماماً وقائداً لحياته وجهاده، وينهض برسالة الإسلام كما نهض في العهد الأول، ويخلِّص العالَم المظلوم من براثن مجانين أوروبا- الذين يأبون إلا أن يقبروا المدنيَّة، وقضوا على الإنسانية القضاء الأخير بأنانيتهم واستكبارهم وجهلهم- ويوجِّه العالم من الانهيار إلى الازدهار، ومن الخراب والدَّمار والفوضى والاضطراب، إلى التقديم والانتظام، والأمن والسلام، ومن الكفر والطغيان إلى الطاعة والإيمان، وإنه حق على العالم العربي سوف يُسألُ عنه عند ربه فلينظر بماذا يجيب؟!
وفي يوم الجمعة 23 من رمضان 1420ه الموافق 31 ديسمبر 1999م، توفي في قرية تكية كلان بمديرية رائ بريلي (يوبي) الهند، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس العلى من الجنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.