* فضائح بالجملة وتنظيمات طلاّبية تحذّر شهد قطاع التعليم العالي بالجزائر طيلة سنة 2010 العديد من المتغيّرات أدّت في كثير من الأحيان إلى حدوث شلل عبر مختلف الجامعات الجزائرية التي يبدو أنها لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب الطلبة المتتالية بجدّية، والتي يكرّر بشأنها هؤلاء احتجاجات مستمرّة بسبب بعض من العجز المسجّل أحيانا في التأطير أو في المسائل البيداغوجية أحيانا أخرى. كما شهدت الفترة وبالمقابل إصلاحات أهمّها مواصلة العمل بنظام الأقسام التحضيرية كتجربة على بعض الأقطاب الجامعية، إلى جانب استحداث بعض من المشاريع الجامعية الأخرى التي فتحت أبوابها هذا الموسم للتخفيف من حدّة الاكتظاظ على بعض الجامعات المركزية، ناهيك عن أحداث أخرى أبرزها التحاق عدد قياسي من النّاجحين في شهادة البكالوريا بالجامعة· ولعلّ ما يمكن ذكره حول ما ميّز القطاع في هذه الفترة بالتحديد هي المنشآت الجامعية الجديدة التي تمّ تسجيلها في العديد من ولايات، ناهيك عن بعض الاضطرابات داخل العديد الأحياء الجامعية كالتسمّمات والفضائح الأخلاقية، هذا إلى جانب أحداث أخرى ميّزت الفترة أهمّها المنح المعتبرة التي أقرّها رئيس الجمهورية لفائدة الأساتذة الباحثين، إلى جانب الاحتجاجات التي ميّزت الدخول الجامعي والانتفاضات الجماعية بالأحياء الجامعية لتحسين ظروف الإقامة، ناهيك عن الغموض الذي لايزال يكتنف وضعية العديد من الطلبة العائدين من مصر العام المنصرم، والذين لم يدمج أكثر من 600 منهم رغم توفّر العديد منهم على الشروط التي وضعتها الوزارة الوصية· ** مشاريع هامّة وتأطير نوعي نظرا للعدد الكبير الذي استقبلته مختلف الجامعات من الطلبة الجدد الحائزين على شهادة البكالوريا، والتي تعتبر أكبر نسبة منذ الاستقلال تمّ توفير أكثر من مليون 300 ألف مقعد بيداغوجي و500 ألف سرير لاستقبال 237.543 طالب جديد، كما شهد تخرّج 186.000 حامل شهادة عقب دورتي جوان وسبتمبر 2010، وقد يبلغ العدد الإجمالي 1.230.000 طالب في مختلف الأطوار. كما تمّ إثراء الشبكة الجامعية بإنشاء مركزين جامعيين وخمس مدارس تحضيرية، إلى جانب إنشاء 55 إقامة جامعية جديدة، كما تمّ فتح في ذات الإطار 2.800 منصب مالي لصالح الأساتذة الباحثين و4.400 منصب آخر لصالح عمّال الإدارة والتقنيين، ممّا سيسمح بالتكفّل الجيّد بالطلبة وتحسين وتعزيز التأطير وتعميق إصلاح التعليم وترقية النّوعية وتطوير استعمال تكنولوجيات الإعلام والاتّصال· هذا، وتعتزم الدولة من خلال الميزانية الموجّهة لقطاع التعليم العالي في إطار برنامج الاستثمارات العمومية 2010-2014 مواصلة الإصلاحات التي تمّت مباشرتها في القطاع من أجل ضمان تكوين وتأطير نوعيين· ويرى الملاحظون أن هذا البرنامج الذي تمّت المصادقة عليه خلال مجلس الوزراء الأخير خصّص 868 مليار دينار للقطاع لإنشاء 600000 مقعد بيداغوجي و400000 سرير و44 مطعما جامعيا، والذي سيعزّز من خلال مشاريعه قدرات الاستقبال البيداغوجية والهياكل الجامعية الموجودة، مع العلم أن القطاع يتوفّر خلال الدخول الجامعي 2009 / 2010 على 1.2 مليون مقعد بيداغوجي و510000 سرير إيواء سيعمل على استكمال مسار الإصلاحات التي تمّت مباشرتها في القطاع منذ أكثر من عشر سنوات· يذكر أن الجهود التي بذلتها الدولة في السنوات العشر الأخيرة أدّت إلى تحسين وضع البلاد على الساحة الإفريقية، حيث تركّزت هذه الجهود على أهداف ذات بعد استراتيجي في إقامة منظومة للبحث وتسييرها وفق ميكانيزمات مرنة تتوافق مع أنشطة البحث العلمي· وأدّت هذه السياسة المنتهجة من قبل القطاع إلى إنشاء ما يفوق 880 مخبر بحث في مختلف الحقول المعرفية عبر التراب الوطني أغلبها تنشط في مجالات العلوم الأساسية، ومكّنت جميع هذه الجهود الجزائر من احتلال سنة 2010 المرتبة الثالثة على المستوى الإفريقي في مجال العلوم الأساسية والمتمثّلة في الفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلوم النواة والإعلام الآلي، وهذا بعد أن كانت تحتلّ المرتبة السابعة في سنة 1995عناية خاصّة بالطلبة المتفوّقين· ** زيادات غير مسبوقة في منح وتعويضات الأساتذة أعلن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مع بداية السنة الجامعية 2010/2011 من جامعة قاصدي مرباح بورفلة رسميا عن اعتماد الأنظمة التعويضية الجديدة لفائدة أساتذة قطاع التعليم العالي والباحثين. وقال رئيس الجمهورية لدى افتتاحه السنة الجامعية الجديدة إن ما تمّ اتّخاذه من تدابير وإجراءات حافز يشكّل في المقام الأوّل قطيعة مع النّظرة التي سادت في ماض غير بعيد ويمثّل نقلة نوعية تعيد الاعتبار للأساتذة والباحثين وتعطيهم مكانتهم الاجتماعية المستحقّة، مؤكّدا التزام الدولة بدعم الجامعة الجزائرية باستثمارات جديدة في إطار البرنامج الخماسي الجديد· حيث سيستفيد هؤلاء الأساتذة الجامعيون والباحثون من زيادات جدّ معتبرة في الأجور تفوق ال 60 بالمائة بموجب تطبيق نظام المنح والتعويضات الذي سيدخل حيّز التطبيق قريبا، وهي زيادات سترقى بهم إلى مصاف النّخبة الوطنية وستكون محفزةّ وجذّابة، كما أنها زيادات سيسجّلها التاريخ كونها غير مسبوقة في تاريخ الجامعة الجزائرية، وبالتالي إعطاء تحفيز للأساتذة من أجل إبراز مواهبهم وتقنياتهم وأبحاثهم في مجال التعليم العالي. حيث ينتظر أن يستفيد 41 ألف أستاذ جامعي وباحثين من دعم كمّي ونوعي من حيث التوظيف والتكوين خارج الوطن، خاصّة في مجال الدكتوراه وذلك دون الاعتماد على اللّجوء إلى أساتذة مختصّين في قطاعات في إطار ما يعرف بصيغة الأستاذ المشارك· ** العودة إلى الوطن شرط عملية تجديد منح التكوين بالخارج حدّدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العديد من الشروط التي يتمّ بموجبها تجديد منح التكوين لفائدة كلّ من الطلبة والأساتذة على حدّ سواء لسنة 2010 - 2011 الذين يتابعون تكوينا إقاميا في الخارج، أهمّها شرط تجديد المنح والكيفيات المطلوبة لسحب وثائق تجديد المنحة، على أن يتقدّم المعني بالأمر شخصيا إلى مؤسسة الاستقبال· وتعتبر ضرورة العودة إلى أرض الوطن بعد التكوين من أهمّ الشروط المطلوبة، حيث تمّ وضع كيفيات وشروط تجديد منح الطلبة والأساتذة الذين يتابعون تكوينا اقاميا في الخارج في إطار السنة الجامعية 2010 - 1011. وقد طالبت وزارة التعليم بهذا الخصوص من الممثّليات الدبلوماسية الجزائرية بالخارج اتّخاذ كامل التدابير المناسبة قصد النّشر الواسع لهذه التعليمة التي تخصّ عملية تجديد المنح (شهادة المنحة تذكرة السفر) للطلبة والأساتذة في إطار البرنامج الوطني الاستثنائي والبرامج التعاونية للذين لم يستكملون المدّة القانونية المبرمجة مسبقا للتكفّل بهم، والذين يسجّلون تقدّما في مسارهم البيداغوجي والعلمي. كما حدّدت الوزارة كيفيات سحب وثائق تجديد المنحة، حيث تسلّم الوثائق الخاصّة بالعملية من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للممنوحين شخصيا، والذين أثبتوا تقدّما في مسارهم البيداغوجي والعلمي خلال السنة الجامعية 2009 / 2010، والذين قاموا بتحويل وثائق كشف النقاط المتضمن تأشيرة الجامعة المستقبلة في الوقت الذي تمنع فيه كشوف النّقاط المحصّل عليها عن طريق الأنترنت. أمّا بخصوص بطاقة المتابعة البيداغوجية فينبغي أن يكون مؤشّر عليها من طرف الهيئة الجامعية المستقبلة والقنصلية الجزائرية المختصّة فيما فرض أن يتقدّم الطالب الممنوح شخصيا إلى الوزارة خلال المدّة المحدّدة من طرفها لإعلام المصالح المختصّة عن حالة سير تكوينه من جهة وسحب وثائق تجديد المنحة من جهة أخرى. أمّا الأستاذ فقد أوجب عليه أن تكون استمارة المتابعة مؤشّر عليها من طرف الهيئة الجامعية المستقبلة والقنصلية الجزائرية المختصّة والمؤسسة الجامعية الأصلية بالجزائر، كما يتوجّب عليه إرسال نسخة من تقرير النّشاط مؤشّر عليها من مؤسسة الاستقبال إلى المؤسسة الأصلية لإبداء الرّأي والتحويل إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كما يجب على الأساتذة الذين يتعذّر عليهم الحضور لسبب ما خلال عملية تجديد المنح بتبليغ كتابيا مؤسستهم الأصلية والوزارة الوصية· ** البطاقة المغناطيسية تجربة لتطهير الأحياء الجامعية تمّ تقديم توجيهات لمدراء الإقامات الجامعية من أجل تعميم استعمال تقنية البطاقات المغناطيسية قصد الحفاظ على أمن الطلبة المقيمين داخل الإقامات الجامعية والتحكّم في عملية الدخول إليها والتعرّف أكثر على العدد الحقيقي لعدد الوجبات المقدّمة. حيث من بين الإقامات الجامعية التي بدأت تستعمل هذه البطاقات المطعم المركزي بالبويرة التي طبّقه بها مائة بالمائة، والإقامة الجامعية فاريدي بالقبة والإقامة الجامعية للبنات ببن عكنون، فيما ينتظر استكمال إنجازها في باقي الإقامات الجامعية. ويعتبر هذا كإجراء أوّلي لمراقبة مداخل الإقامات الجامعية وحصر بيانات الطلبة داخل الحاسوب، حيث تحمل كلّ المعلومات الخاصّة بالطالب وصورته. ويتمّ توزيع البطاقة المغناطيسية على كل ّالطلبة المقيمين في الإقامة الجامعية، كما توزّع على الطلبة الخارجيين الذين يستفيدون من وجبات الغداء، وبالتالي القضاء على الطوابير التي كانت لا تنته· علما أنه تمّ استلام هذه السنة ما يقارب ال 50 إقامة جامعية، ليرتفع العدد إلى حوالي 368 إقامة حلال نهاية هذه السنة، حيث تتواصل عملية استلام المشاريع إلى غاية نهاية السنة· ** مصير معلّق ل 600 طالب عائد من مصر يبدو أن مصير أكثر من 600 طالب جزائري عائد من مصر إثر أحداث المباراة الفاصلة بين المنتخب الجزائري ونظيره المصري في نوفمبر 2009 للتتويج إلى مونديال 2010، لايزال معلّقا إلى غاية الساعة، في الوقت الذي لايزال فيه هؤلاء يطالبون بإعادة النّظر في ملفاتهم المقصاة من النّدوات الجهوية الثلاث المستحدثة بعد الحادثة رغم توفّر في أغلبهم الشروط الموضوعة من طرف وزارة التعليم العالي، وهو ما جعل العديد منهم يتمسّكون بموقفهم بعدم الرّضوخ والاستسلام لما أسموه ب الإجحاف في حقّهم. حيث نظّم هؤلاء طيلة سنة 2010 حركات احتجاجية واسعة، سواء أمام مقرّ الوزارة المعنية أو بالقرب من المجلس الشعبي الوطني، إلى جانب مقرّ رئاسة الجمهورية غير أن إدماجهم بقي معلّقا منذ سنة بالرغم من أن العملية كان قد نادى بها رئيس الجمهورية عقب أحداث تلك المباراة، غير أنها -حسب شهادات هؤلاء المقصيين - العملية شهدت العديد من الخروقات والتجاوزات أدّت إلى إقصاء العديد منهم رغم توفّر فيهم جميع الشروط، ممّا دفعهم إلى التهديد بمواصلة الاعتصامات والإضراب عن الطعام المفتوح من أجل تحريك الوصاية· ** إضرابات·· فضائح أخلاقية والتنظيمات الطلاّبية تتوعّد شهدت العديد من جامعات الوطن خلال الموسم الجامعي الماضي اضطرابات عديدة أدّت إلى إضرابات متباينة لضعف التأطير البيداغوجي، إلى جانب القوانين المستحدثة التي لم تلق استجابة لدى الطلبة. حيث عاشت كلّ من كلّيتي الحقوق والاتّصال ببن عكنون احتجاجات متواصلة منذ الدخول الجامعي بسبب عدم الاستجابة لمطالبهم بخصوص إعادة النّظر في جملة من المعطيات البيداغوجية التي أثّرت على المستقبل التعليمي لهؤلاء الطلبة، خاصّة بعد التخلّي عن نظام الإنقاذ الذي جعل مصير أكثر من ألف طالب معلّقا إلى غاية تحرّك الوصاية لإيجاد مخرج لهذه المعضلة التي شلّت العديد من أقسام الجامعة المذكورة· كما واجه المشكل ذاته بسبب الإجراءات الجديدة التي اتّخذتها الإدارة الموسم الجامعي الماضي، بالأخصّ مقارنة في السنوات الماضية بعدما تمّ رفع معدّل الإنقاذ للذين اجتازوا الامتحانات الاستدراكية من 9.40 إلى أكثر من 9.90 من عشرين، وهو القرار الذي أغضب العديد من الطلبة الذين بقي مصيرهم معلّقا بعد رفض الإدارة الفصل في القضية التي أكّدت أنها لا رجعة فيها· نفس الطريقة واجهها طلبة العلوم السياسية بالشلف، ناهيك عن جامعة الطبّ بقسنطينة، كما عاشت جامعة بوزريعة اضطرابات من نوع آخر بالنّسبة لطلبة الماجستير الذين اشتكوا كثيرا من خروقات الإدارة وغيرها من المشاكل الأخرى التي شهدتها مختلف جامعات الوطن· كما شهدت الفترة ذاتها فضيحة أخلاقية من نوع درامي اهتزّت لها الإقامة الجامعية للبنات بلبوري سعيد المتواجدة على مستوى الغرب الجزائري، وبالتحديد بولاية وهران، والتي تعتبر من العيار الثقيل بعدما اكتشفت إحدى الطالبات وهي حاملة لحقيبة بداخلها رضيع كانت بصدد إخراجه إلى خارج الحي الجامعي.، وهي الحادثة التي لقيت دهشة كبيرة من طرف القاطنين في ذات الإقامة، في حين تبرز تقارير التنظيمات الطلابية أنها الثانية من نوعها في سنة 2010. كما شهدت الفترة تسمّمات غذائية في العديد من الأحياء الجامعية، منها العالية بالعاصمة وغيرها· وعلى إثر المشاكل البيداغوجية والاجتماعية التي تعيش الجامعات وأحياؤها، فإن تقارير وبيانات التنظيمات الطلاّبية لم تخلو سنة 2010 من الاحتجاجات من أجل وضع حدّ للتلاعب في القطاع الذي بات تسييره نقطة سوداء وجب تعديلها·