لعلّ أهم مشكلة صحية يمكن أن تواجه الصائمين في فصل الصيف وأجوائه الحارة، مع طول فترات الصيام نسبياً، هي مشكلة جفاف الجسم، خصوصاً إذا كان الصائم مضطراً للعمل وبذل جهد عضلي أثناء النهار، ما يوجب على الصائمين مراعاة الحفاظ على معدلات جيدة للسوائل في أجسامهم، لتجنب الإصابة بالجفاف وأضراره الصحية. وثبت في دراسة واسعة بريطانية - كويتية، جمعت نتائج بحوث أجريت على مدى أكثر من عشر سنوات، أنّ الصائمين تلحقهم -بدون شك- خسارة في مخزون الماء لاسيما في أواخر شهر رمضان، ومن آثار هذا الجفاف إصابة كثيرين منهم بألم الرأس والاضطرابات الذهنية والأرق والحمى والإمساك، إلا أنهم يعوّضون هذه الخسارة بسرعة بعد انتهاء فترة الصيام- هذا إذا كانوا، بالأساس، صحيحي الجسم،أما بالنسبة لكبار السن والمصابين بحالات مرضية، لا تحتمل نقصاً كبيراً في احتياطي الجسم من الماء، كالقصور الكلوي، وانخفاض الضغط واعتلال العضلة القلبية، فيتوقع أن تكون آثار نقص حجم الدم الناتج عن الاجتفاف، أشد وأخطر بكثير، ويحدث جفاف الجسم إما من عدم تناول الكمية الكافية من الماء والسوائل (كما هو الحال في الصيام)، أو من صرف الكثير من ماء الجسم عن طريق التعرق والتنفس (كما يحدث في الأجواء الحارة). خطوات سهلة للوقاية من الجفاف ونوجز فيما يلي أهم الخطوات الوقائية التي على الصائم أن يتخذها لمنع إصابته بجفاف الجسم وتجنب العواقب الوخيمة: - ليكن أول ما تفعله عندما يحين موعد الإفطار هو شرب كأسين من الماء (مع تناول تمرة أو تمرتين)، فهذا من شأنه سد بعض العجز في سوائل الجسم الناتج عن الصيام، إضافة إلى توفير مصدر غني وسريع للحريرات الغذائية التي يؤمنها التمر. ولا يغرنك منظر المشروبات السكرية التي كثيراً ما تقدم في هذه المناسبة، فهي مليئة بما أصبح الأطباء يدعونه (الحريرات الجوفاء) التي تضر أكثر مما تنفع، لأنها ترفع تركيز السكر في الدم بسرعة، مما يستوجب ضخ غدة البنكرياس للأنسولين، ويوقع الصائم في حلقة معيبة من الجوع والتهام المزيد من الطعام مما يؤدي إلى البدانة وللإصابة بمرض السكري. بعد ذلك ننصح ترك فترة حوالي ربع ساعة تنقضي قبل معاودة الأكل والشراب، حتى يتاح للصائم الإحساس ببعض الشبع، وتتوسع المعدة الفارغة بالتدريج. ويستحسن أن تبدأ وجبتك بطبق من الحساء (الشوربة)، ثم اشرب كأساً إلى كأسين من الماء مع طعام الإفطار لمساعدتك على (بلع) لقيمات الطعام، ولسد المزيد من عجز السوائل في الجسم، وإذا أحببت شرب كأس من الشراب بدلاً من الماء، فليكن عصيراً خالصاً من الفاكهة دون إضافة أي سكر أو كوباً من الحليب، وليكن ثلث إلى نصف وجبة الإفطار مؤلفة من الخضار والفواكه الغنية بالماء، ولتكن وجبتك فقيرة من الملح الذي يدعو إلى العطش، وليكن تناولك الطعام بطيئاً دون استعجال. لا بأس من تناول بعض القهوة أو الشاي (يفضل الثاني) بعد وجبة الإفطار، على ألا يزيد ذلك عن فنجان قهوة أو كأس صغير أو فنجان من الشاي، لأن الكافيين الموجود في القهوة والشاي يدعو إلى إدرار البول، كما ينصح بتناول كأس من الماء على الأقل كل ساعة بين الإفطار والسحور، ولتكن وجبة السحور قريبة من صلاة الفجر وعلى الصائم أن يتعامل مع وجبة السحور كما يتعامل مع وجبة الفطور من حيث تناول السوائل. ومع تزامن رمضان مع شهر الحر وجب على الصائم أن لا يرهق نفسه خلال النهار بأي مجهود عضلي كبير، حتى لا يخسر الماء عن طريق التعرق، وأن يترك الأعمال المجهدة والرياضة إلى فترة ما بين الفطور والسحور، ولا يتعرض للشمس في النهار، وانتقاء أمكنة الظل في الطريق، وتحاشي الأمكنة المغلقة الحارة واستبدالها بالأمكنة الباردة والمكيفة.