كثير من التبذير في الأسبوع الأول من رمضان وجبات غذائية كاملة في المزابل! * حملة لا للتبذير.. "لاحدث" بالنسبة للجزائريين أطلق الاتحاد الوطني لحماية المستهلك الجزائري تزامنا مع حلول شهر رمضان المعظم حملة (لا للتبذير)، حتى يتم توعية المواطنين إلى الترشيد في الإنفاق، لأنه وما هو معروف عند الخاص والعام أن الجزائري يصرف خلال شهر رمضان نصف راتبه تقريبا على المواد الغذائية، التي يكون مصيرها المزابل في نهاية المطاف. عتيقة مغوفل أكدت بعض الإحصائيات أن الجزائريين ينفقون 75 بالمائة من رواتبهم على الأكل فقط خلال شهر رمضان، وهذا إن دل فإنما يدل على أن الجزائري لا يملك أدنى ثقافة غذائية، وما زاد الطينة بلة أن المواطنين يقتنون قرابة 50 مليون خبزة 10 ملايين منها ترمى في المزابل يوميا، هذا دون الحديث عن باقي المواد الغذائية، رغم أننا شعب مسلم وكلنا يعلم أن ما يقوم به أغلبنا حرام، لذلك نزلت (أخبار اليوم) إلى الشارع من أجل جس نبض المواطنين ومعرفة مدى تجاوبهم مع حملة(لا للتبذير). الخبز ديكور الحاويات المتجول هذه الأيام بمعظم الشوارع الجزائرية يلحظ الكميات الكبيرة من الخبز الذي رمي في المزابل خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان، وما شوارع الجزائر العاصمة إلا عينة عن البقية، فقد قامت(أخبار اليوم) بالتجول ببعض الأحياء الشعبية على غرار(القصبة)، (ساحة الشهداء) و(باب الوادي) وصولا إلى بولوغين، ما شد انتباهنا أن العديد منها كانت ممتلئة بالخبز، وأي خبز كان مرميا فيها، فقد كان فيها من أحسن الأنواع وعلى مختلف الأشكال، خبز الطجين وخبز السميد وخبز الكوشة، ولكن المذهل في الأمر أن الخبز الذي كان مرميا لم يكن عبارة عن قطع فقط بل كان عبارة عن رغائف كاملة معوجة لأنها خبز قديم توحي للناظر أن من رماها اشتراها خلال اليوم الأول من الشهر، وفي جولتنا ووصولا إلى حي باب الوادي وبالتحديد إلى إحدى الأزقة الضيقة فيه لمحنا كيسا من الخبز كان مملوءا بالخبز المقطع لقطع صغيرة كان مرميا أمام إحدى أبواب العمارات فصاحبه لم يكلف نفسه التنقل إلى المكان المخصص للقمامة ورميه هناك. وجبات كاملة مصيرها القمامة وعلى مايبدو أن الخبز ليس الوحيد الذي زار القمامة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان لهذه السنة، فحتى الأكل كان مرفوقا به، فمن خلال عبورنا عبر بعض شوارع العاصمة ومرورنا على بعض المزابل لاحظنا أن الأكل المطبوخ كان مرميا أيضا فقد وجدنا أطباقا كاملة معبئة في أكياس ومرمية مع أن الأكل يمكن وبسهولة الاحتفاظ به في البراد الذي أصبح متوفرا في كل البيوت الجزائرية ثم يسخن مرة أخرى ويؤكل بعد يوم أو يومين ولكن الجزائريين على ما يبدو يحبون كل يوم طبخا جديدا، ورمي(الأكل البايت)، ومن الأطباق التي وجدناها مرمية (الضولمة)، (الكباب) ونوع من(القراتان) ومن ينبش تلك القمامة حتما سيجد تلك الأطباق مرمية حتى بقطع اللحم التي طبخت به، مع أن سعره لا يقل عن 1350 دج في القصابات اليوم، هذا دون احتساب ثمن الخضر المستعملة بالإضافة إلى الزيت والبهارات وكأن كامل الشعب الجزائري يعيش حياة الرفاهية والبذخ ولا وجود للفقراء والمعوزين فيه. حملة "لا للتبذير" لا تهم المواطنين كل تلك المشاهد التي رأيناها في بعض شوارع العاصمة جعلتنا نقترب من بعض المواطنين من أجل معرفة الأسباب التي تدفعهم لرمي الأكل وعدم الاحتفاظ به مع أنه نظيف ومطبوخ في البيت. السيدة (فضيلة) صاحبة 41 ربيعا متزوجة وآم لطفلين سألناها إن كانت تقوم برمي الأكل، فأجابتنا هذه الأخيرة أنها تقوم أحيانا برمي بعض الأكل الذي يبقى في الثلاجات لمدة تفوق اليومين ولا يحب أبناؤها أكله فلا تجد ما تفعله به فتقوم بالتخلص منه، وقد حاولت أن تشرح لنا أنها ترميه وهي تشعر بالحسرة عليه لأنها تعلم أن زوجها يتعب يوميا في العمل من أجل تحصيل ثمنه وهي ترميه فيما بعد، حاولنا أن نستفسر منها إن كانت ترمي الخبز أيضا إلا أنها أخبرتنا أنها لا تقوم بفعل ذلك وأنها تحتفظ به في البراد، ولكن ملامح وجهها كانت توحي بعكس ذلك تماما، عدنا وسألناها مرة أخرى إن كانت سمعت بحملة لا للتبذير التي ينظمها الاتحاد الوطني لحماية المستهلك تحت الرعاية السامية لوزارة التجارة فأجابتنا هذه الأخيرة أنها لم تسمع بها ولا تعرف الاتحاد الوطني لحماية المستهلك، وقد أوضحت لنا أنها تعرف أن التبذير محرم شرعا وأخلاقيا ولا يحتاج لحملات توعية بذلك. السيد (رزقي) البالغ من العمر 52 ربيعا والذي يشتغل بإحدى المؤسسات التربوية بالجزائر العاصمة، سألناه إن كانت عائلته ترمي الخبز في شهر رمضان فأجابنا بكل صراحة أن عائلته تفعل ذلك على غرار باقي الأسر الجزائرية، فأولاده يشترون الخبز ثم لا يتناولوه فيبقى مكدسا لتكون نهايته المزبلة في الأخير، وعن الأكل فرد علينا أنه شاهد بناته حين يقمن بتنظيف طاولة الأكل يتخلصن من السلطات المتبقية ويقمن برميها مباشرة على أساس أنه لن يأكلها أي أحد مرة أخرى، صراحة السيد(رزقي) جعلنا نطرح عليه سؤالا آخر إن كان قد سمع بحملة(لا للتبذير) التي ينظمها الاتحاد الوطني لحماية المستهلك فرد علينا أنه لم يسمع بها وحتى وإن كان كذلك فأمرها لا يهمه.