خربشة: سفيان عبد الجليل تقول حكاية يعجبني سردها في رمضان وفي غير رمضان أنه كان يعيش في قرية صغيرة نائية طفل يدرس في المرحلة الابتدائية اسمه خميس، ربما سموه خميسا لأنه ولد يوم الأربعاء ولم يسجلوه إلا (لاميري) إلا في اليوم الموالي، وكان هذا الطفل في منتهى البلاهة والغباء واللامبالاة والكسل ولا أحد يحبه من معلميه أو حتى من زملائه في المدرسة. كان مستوى درجاته متدن جداً وكانت معلمته تصرخ في وجهه دائماً: (والله هبلتني يا خميس!! يقصف عمرك يا خميس!! رايح تقتلني يا خميس!! إيلا مت سبابي انت يا خميس)!! وفي أحد الأيام جاءت والدة خميس إلى المدرسة لتسأل عن ولدها، فأخبرتها المعلمة بأنها لم تر أغبى من خميس طوال سنوات عملها في سلك التعليم وأن حالته ميؤوس منها ونصحتها بأخذه من المدرسة ليتعلم مصلحة تفيده في كسب عيشه في المستقبل. عندما استمعت الأم إلى كلام المعلمة لم تيأس من حالة ابنها وقررت أن تغادر القرية نهائياً وأن تتابع دراسة ولدها في المدينة المجاورة.. ومرت السنوات، وقُدّر للمعلمة أن تدخل المستشفى بسبب مشاكل في القلب حيث قرر جميع الأطباء أنها بحاجة لعملية قلب مفتوح ولا يستطيع إجراء هذه العملية إلا طبيب واحد في المدينة متخصص في إحدى الدول الأوروبية. وبالفعل قامت المعلمة بمراجعة هذا الطبيب الذي أجرى لها العملية وتكللت بالنجاح.. عندما أفاقت المعلمة من التخدير، وجدت الطبيب الوسيم يبتسم لها، فأشارت له بيدها ونظرت إليه نظرة غريبة، فظن أنها تحاول أن تشكره ولكنها كررت الإشارة بيدها وكأنها تحاول أن تقول له شيئاً وحاول الطبيب أن يفهم ما تريد قوله ولكن دون جدوى، وفجأة فارقت المعلمة الحياة وسط ذهول الطبيب الشاب. التفت الطبيب إلى الخلف حيث أشارت المعلمة، فوجد عامل التنظيف الغبي خميس قد نزع (فيش) الكهرباء عن جهاز الإنعاش ليضع فيش شاحن (شارجور) هاتفه النقال (نوكيا 10 33)!! أرجو أن لا تكونوا قد توقعتم أن يكون خميس أصبح دكتورا؟؟!! خميس (حابس) مغفل أحمق بليد ويبقى (حابسا) بليدا مغفلا أحمق.. وتحققت نبوءة المعلمة المسكينة: (إن موتها على يد خميس).. والسؤال الكبير الذي يمكنكم تخيل الإجابة عنه هو: كم عندنا من خميس في بلادنا؟.. كم من خميس لا أمل يُرجى منه يحلم وتحلم عائلته بأن يصبح (أسطور) تمشي على الأرض؟ هذا مشكل.. أما المشكل الأكبر فهو أن "خميسات" بلادي يجد كثير منهم الطريق إلى النجاح.. و(عيش ما تشوفش خير)..