لم تلتقط السياحة التونسية أنفاسها منذ الهجوم المسلّح الذي تعرّض له متحف باردو في العاصمة التونسية، والذي راح ضحيته عشرات السيّاح من جنسيات مختلفه، حيث لم يمرّ الكثير حتى جاء هجوم مسلّح آخر ليضرب السياحة التونسية في مقتل، الأمر الذي يشير إلى كارثة سياحية قد تحلّ بالسياحة التونسية الجريحة التي لم تتعاف بعد منذ ثورة ديسمبر 2010 وجانفي 2011 وبسبب الأزمات السياسية التي تلتها. تعدّ مدينة سوسة من أهمّ المدن السياحية في تونس، حيث تقع ولاية على بعد نحو 160 كلم عن العاصمة التونسية، يعود تاريخ مدينة سوسة إلى 3000 سنة خلت، فقد بناها الفينيقيون قبل قرطاج على ضفاف حوض البحر الأبيض المتوسّط، وتضمّ معالم أثرية مهمّة يعود عهدها إلى القرنين الثاني والثالث الهجريين، ومن أبرزها الرباط والجامع الكبير ومتحف أثري الذي به مجموعة فريدة من الفسيفساء. على بعد بضعة كيلومترات توجد المحطة السياحية (القنطاوي)، وهي أوّل مجمّع سياحي مدمج في البلاد التونسية، حيث يمكن للسائح التمتّع بما يتوافر فيه من منشآت ترفيهية ورياضية، حيث تستقطب المدينة 1.5 مليون سائح أجنبي سنويا، على الأقل، حيث تعرف سوسة باسم الجوهرة. وتعدّ السياحة التونسية عصب الاقتصاد التونسي وأحد أهمّ مصادر العملة الصعبة للبلاد، وقد تأثّرت السياحة التونسية بعد هجوم باردو، فقد تمّ إلغاء بعض الحجوزات وتوقّف بعض الرحلات البحرية الترفيهية وغادر سيّاح من العاصمة التونسية بشكل عاجل، ويقول محلّلون إن تأثير الهجوم الجديد سيكون أشد عنفا. وحسب مكتب الإحصاء التونسي فإن قطاع السياحة يمثّل نحو 7% من الناتج الداخلي الخام ويوفّر نحو أربعمائة ألف وظيفة مباشرة، كما يدرّ عائدات بقيمة 3.5 مليار دينار (1.7 مليار دولار). ومن شأن هذا الهجوم الذي استهداف أحد أبرز متاحف العالم الذي يتميّز بتماثيله الرومانية ولوحاته الفسيفسائية الفريدة أن يضرّ السياحة التونسية بشكل مباشر. الجدير بالذكر أن وزارة السياحة كانت تراهن علي زيادة الحجوزات في هذا الموسم لإنعاش الاقتصاد وتجاوز الصعوبات، الأمر الذي يصعب أن يتحقّق بعد الحادث، ويعاني النشاط السياحي سنوات من التراجع بسبب الأوضاع غير المستقرّة التي أعقبت الثورة على نظام بن علي. وتراجعت عائدات قطاع السياحة في تونس بنسبة 6,8% في الفصل الأوّل من 2015 مقارنة بالفترة ذاتها من 2014، كما تراجع عدد الليالي المشغولة بنسبة 10,7% وعدد الواصلين إلى الحدود بنسبة 14,2%، حسب أرقام وزارة السياحة. وكانت أرقام شهري جانفي وفيفري، أي قبل الاعتداء الدامي على متحف باردو الذي أوقع 22 قتيلا، بينهم 21 سائحا أجنبيا، أصلا سيّئة مع تراجع بنسبة 2,1% في المداخيل بالدينار التونسي وتراجع الليالي المشغولة 8,6% وعدد الواصلين 19,5%، حسب موقع الوزارة على الأنترنت. ويرى اقتصاديون أن الهجوم ستكون له أثار سلبية على الاستثمار الذي سجّل تراجعا بنسبة 20% العام الماضي، لكن القطاع السياحي سيكون صاحب نصيب الأسد من الخسائر. * بريطانيا تحذّر من هجمات جديدة حذّرت بريطانيا من أن إرهابيين قد يشنّون المزيد من الهجمات على المنتجعات السياحية في تونس بعد أن قتل مسلّح 39 شخصا، بينهم 15 بريطانيا على الأقل في أسوأ هجوم من نوعه في تاريخ تونس الحديث. وذكرت وزارة الخارجية البريطانية في تحديث لنصائح السفر على موقعها على الأنترنت السبت أن الهجمات ربما نفّذها (أفراد غير معروفين للسلطات استلهموا أفعالهم من جماعات إرهابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي). وكتب وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ووزير الخارجية فيليب هاموند في مقالين صحفيين منفصلين الأحد إن جرائم القتل في تونس ستكون عاملا في رسم سياسات الدفاع والأمن في بريطانيا هذا العام وستقوي عزم لندن على التصدّي لما وصفاه بالخطاب السام للتطرّف الإسلامي. ومن المتوقّع أن يرتفع عدد البريطانيين الذين تأكّد مقتلهم في الهجوم، إذ أن بعض السيّاح البريطانيين في تونس ما زالوا مفقودين. ومن المقرّر أن يعود كثير من البريطانيين إلى بلادهم الأحد بعد أن قطعوا عطلتهم في تونس. وكانت شركات سياحة أجلت آلاف السائحين الأجانب من تونس السبت بعد يوم من مقتل 39 شخصا برصاص مسلّح في سوسة التي تبعد 140 كيلومتر إلى الشمال من تونس العاصمة، في هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه.