الكسكس طبق رئيسي في ليلة القدر منطقة عين ماضي بالأغواط تتمسك بعاداتها في رمضان جبنا ولايات الوطن للبحث عن التقاليد الرمضانية ومدى رسوخها في الشعب الجزائري شمالا جنوبا شرقا غربا وهذا لما للتقاليد من أهمية في اثبات هوية الجزائريين خاصة في هذا الشهر الكريم فكل ولاية في الوطن الجزائري أو بالأحرى كل منطقة إلا ولها عادات خاصة بها. قصدنا هذه المرة إحدى ولايات الجنوب الشرقي وهي ولاية الأغواط وبالضبط منطقة عين ماضي معقل الزاوية التيجانية التي يتمسك قاطنوها بعاداتهم العريقة في هذا الشهر الكريم حطينا رحالنا في هذه المرة في ولاية الأغواط التي تبعد عن الجزائر العاصمة بحوالي 400 كيلومتر المنطقة شبه صحراوية وغاية في الجمال لها طابع عمراني مميز يتوافق وموجات الحر التي تشهدها المنطقة وتكسو أطراف معظم مدن المنطقة أشجار النخيل إذ تعد الولاية من الولايات المساهمة في إنتاج كل أنواع التمور ما يجعلها منطقة مهمة في الجنوب الجزائري. تكريس للعادات والتقاليد سكان ولاية الأغواط الجنوبية لازالوا متمسكين بعاداتهم في مختلف المناسبات فهم بحسبهم هذه التقاليد هي التي تعطي ميزة خاصة لأي مناسبة مهما كانت لذا فهم حريصون على تعليمها لأبنائهم من أجل أن تترسخ فيهم كي يحملوها للأجيال المتعاقبة ومن بين هذه المناسبات الدينية شهر رمضان الكريم حيث يقوم سكان ولاية الأغواط بإعطاء ميزة خاصة لهذا الشهر الكريم فهو بداية شهر القرآن بحيث تكتظ الزوايا بالمصلين لقراءة القرآن وإقامة مسابقات لحفظة القرآن لتشجيعهم على حفظه بتقديم الجوائز للمتفوقين في ليلة القدر وخاصة في مسجد الفرقان في بلدية قصر الحيران كما يشهد المسجد كذلك جلسات رمضانية مع تقديم طعام الإفطار للصائمين والدعاء للأمة بالخير والصلاح. كما يقوم سكان الأغواط كذلك بزيارة أرحامهم في هذا الشهر الكريم والاجتماع على مائدة الشاي والمكسرات في السهرة ومن المثير كذلك أن سكان مدن الولاية يدعون الزوار الوافدين من المناطق الأخرى على مائدة الإفطار فالولاية معروفة بحسن الضيافة والكرم. الحريرة سيدة مائدة الإفطار بعيدا عن هذا قصدنا إحدى العائلات القاطنة بمدينة عين ماضي منبع الزاوية التجانية المعروفة في الولاية وتبادلنا أطراف الحديث معها فرحت بنا العائلة وقررت أن تعود أدراجها لتعزمنا على بيتها القريب تم إكرامنا بإبريق من الشاي والمكسرات سألنا العائلة حول الأجواء الرمضانية عندهم فردت علينا ربة البيت أن رمضان في السنوات الأخيرة يشهد موجات حرارة عالية مما يجبرنا على شرب الماء وأكل التمر مع اللبن بالإضافة إلى الفواكه الباردة عند الإفطار وبعد التراويح نأكل ما تيسر لنا من الأكلات المعروفة عندنا (الحريرة) و(الشوربة) هي سيدة الإفطار كما أنه لدينا أكلة مميزة هنا بالمنطقة نسميها (الهريسة) وعادة ما يكون الطبق على رأس المائدة وبعد الإفطار نجتمع على مائدة الشاي والمشروبات حتى وقت السحور وعادة ما تكون هذه اللمة مع الأحباب والأصدقاء. احتفال مميّز بصوم الأطفال ومع طول الحديث سألنا العائلة حول كيفية استقبال اليوم الأول من رمضان وما هو المميز فيه فردت علينا ربة البيت أن ما يميز رمضان خاصة هي فرحة صوم الطفل لأول مرة بحيث نقتسم معه الفرحة والمعروف عندنا أن أطفال الجيران في أول يوم يجتمعون في الشارع القريب من مساكنهم ويتناولون الإفطار مجتمعين ونسمي الإفطار الذي يتناولونه (بزق الطير) الذي نقصد به الطعام المعد للإفطار حيث يخرج الطفل إلى الشارع بهذا الإفطار داخل أوان صغيرة وهي عادة المنطقة لسنوات ومازلنا نحن هنا نتداولها احتراما لجدودنا الذين وصوا بها.
الكسكس طبق رئيسي في ليلة القدر أما في ليلة السابع والعشرين - تقول السيدة- نقوم بتحضير الكسكس وهذا لأن هذا اليوم مميز ونقوم فيه بختان أطفالنا كما وصى به الإسلام وفي اليوم الأخير من رمضان أو ليلة العيد نقوم بوضع الحناء للأطفال كي يحسوا بفرحة العيد وهو اليوم السعيد الذي يترقبه الأطفال فرحين بملابسهم الجديدة ولشراء الألعاب واللعب مع بعضهم البعض. لقد كانت رحلة مشوقة ورائعة اكتشفنا من خلالها عادات وتقاليد جنوبنا الكبير افترقنا مع أهل عين ماضي على الحب وتمنوا منا العودة ثانية في القريب العاجل.