عمت أجواء الرعب أرجاء دولة مصر، مع الدقائق الأولى للعام الجديد، بعد أن هز اعتداء إرهابي مدينة الإسكندرية، وأسفر عن سقوط 100 ضحية، بين قتيل وجريح، وتسبب في حالة من الهلع عبر مختلف المدن المصرية التي استيقظت على وقع الخوف والإشاعات، وسط قلق من إمكانية أن يأخذ الشحن الطائفي أبعادا أكثر خطورة، وهو ما يضع استقرار مصر وأمنها واقتصادها على فوهة بركان. قالت وزارة الداخلية المصرية أمس السبت أن هجوم انتحاري استهدف كنيسة القديسين في الاسكندرية، مما تسبب في مقتل 21 شخصا وإصابة 79 آخرين بينهم ثمانية مسلمين. وقالت وزارة الداخلية في بيان اصدرته أمس أن العبوة المتفجرة في حادث الاسكندرية كان يحملها انتحاري لقي مصرعه في الحادث. وصرح مصدر أمنى بوزارة الداخلية أنه خلال عمليات الفحص لواقعة الانفجار أمام كنيسة القديسين مارى جرجس والانبا بطرس بمحافظة الاسكندرية ليلة الجمعة، تأكد عدم وجود نقطة ارتكاز للتفجير باحدى السيارات أو بالطريق العام، بما يرجح أن العبوة التى انفجرت كانت محمولة من شخص انتحارى لقى مصرعه ضمن الآخرين. وأشار المصدر إلى أن فحوصات المعمل الجنائى أكدت أن العبوة الانفجارية التى تسببت فى الحادث محلية الصنع، وتحتوى على "صواميل ورولمان بلى" لاحداث أكبر عدد من الاصابات، وأن الموجة الانفجارية التى تسببت فى تلفيات بسيارتين ، كانتا موضع اشتباه ، كان اتجاهها من خارج السيارتين وبالتالى لم تكن أى منهما مصدرا للانفجار. وأضاف المصدر الأمنى أن ملابسات الحادث فى ظل الأساليب السائدة حاليا للانشطة الارهابية على مستوى العالم والمنطقة، تشير بوضوح إلى أن عناصر خارجية قد قامت بالتخطيط ومتابعة التنفيذ فضلا عن تعارض ظروف ارتكاب الحادث مع القيم السائدة فى المجتمع المصرى، وفى ظل ارتكابها فى مناسبة دينية يحتفل بها المسيحيون والمسلمون على حد سواء بروح من التآخى بمقومات راسخة لوحدة نسيج المجتمع المصرى، ودلل المصدر على ذلك باصابة مسلمين فى الحادث. كما نوه المصدر إلى إصابة احد ضباط الشرطة وثلاثة من الافراد كانوا معينين لتأمين احتفال الاخوة المسيحيين بالكنيسة، وهو الاجراء بالذى تم اتخاذه لتأمين كافة الكنائس على مستوى الجمهورية فى ظل التهديدات المتصاعدة من تنظيم القاعدة للعديد من الدول. وذكرت مصادر أمنية مسئولة أن الحادث وقع عندما اندفعت سيارة "ملاكي الإسكندرية" خضراء اللون "س ي ج 5149"، والتي تبين أنها مفخخة ، إلي جموع المصلين الأقباط والمواطنين أثناء خروجهم من كنيسة مار مرقس الشهيرة بكنيسة القديسين . وعقب خروج قائدها وتوقفها انفجرت في المواطنين وخلفت قتلى وجرحى كثيرين من المصلين الأقباط وأفراد الحراسة المكلفة بحماية الكنيسة وتأمينها . وقالت المصادر إنه عقب التفجير توجه عدد من الأقباط إلي مسجد مقابل للكنيسة محاولين الاعتداء عليه إلا أن التواجد الأمني حال دون ذلك خاصة أن عشرات المسلمين المقيمين في المنطقة المجاورة للكنيسة توجهوا لإسعاف إخوانهم الأقباط المصابين ونقلهم بسياراتهم إلي المستشفيات لعلاجهم. وكان تنظيم القاعدة في العراق قد هدد المسيحيين في مصر باستهدافهم عقب حادثة كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في 31 اكتوبر في بغداد، كما شهدت الاسكندرية تظاهرات لمسلمين يطالبون الكنيسة المصرية بإطلاق سراح نساء أسلمن ويعتقد أنهن محتجزات في كنائس. وتشهد مصر توترا طائفيا محسوسا منذ مقتل اثنين من المسيحيين واصابة عدد اخر ورجال شرطة في اشتباك بمدينة الجيزة خلال احتجاج المسيحيين على قيام السلطات بوقف البناء في امتداد كنيسة قائلة ان الكنيسة خالفت الترخيص. إدانات إسلامية ونصرانية واسعة أثار الهجوم الذي تعرّضت له كنيسة القديسين بالإسكندرية (شمالي مصر) عقب منتصف الليلة قبل الماضية، وأسفر عن مقتل 21 شخصًا، موجةَ إداناتٍ وانتقادات واسعة من مختلف طوائف الشعب المصري، وأشار مسئولون رفيعو المستوى بأصابع الاتهام تجاه تنظيم القاعدة وأطراف أجنبية. وأدانت مشيخة الأزهر الشريف أمس السبت الحادث الذي وصفته بأنّه عمل "إرهابي جبان"، ودعت المصريين جميعًا إلى الاعتصام بوحدتهم. وقال الشيخ أحمد السيد أحمد تركي إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية: إنّ الحادث جبان يجب إدانته ودعَا إلى التكاتف بين المسلمين والأقباط لصالح مصر ولعدم تمكين الإرهابيين من تحقيق أهدافهم، مشيرًا إلى أن مشايخ الأزهر وعلماء وزارة الأوقاف سيقومون بأنشطة وتحركات لتأكيد الوحدة الوطنية. من جانبه، اتّهم هاني عزيز أمين عام جمعية محبي مصر السلام، في تصريحاتٍ صحفيةٍ جهات خارجية بالوقوف وراء الحادث، وقال: إننا دائمًا شعب واحد ولا يجب أن نسمح لهؤلاء الإرهابيين بإفساد العلاقة بيننا". كما دان الدكتور نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشورى الحادث الإرهابي ووصفه بالجبان، ودعا إلى الوحدة والتآلف لمواجهة هؤلاء العابثين بأمن مصر ووحدة شعبها. وبدوره، قال اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية: إن الحادث الإجرامي الذي وقع أمام كنيسة القديسين هو مخطط خارجي يستهدف الأمن الداخلي المصري وضرب الوحدة الوطنية. واتّهم لبيب خلال تصريحه لقناة "النيل للإخبار" المصرية تنظيم القاعدة بارتكاب هذه "الأعمال الإرهابية بعد تهديداتها المستمرة وتفجير بعض الكنائس"، مشيرًا إلى أنه كان هناك انفجار أمس بالعراق، نافيًا ما إذا كان الحادث له أي علاقة بالفتنة الطائفية، موجهًا رسالة إلى شعب الإسكندرية بضرورة التوحُّد لمواجهة الحادث. دار الإفتاء تدعو للتكاتف أدانت دار الإفتاء المصرية عملية تفجير سيارة مفخخة أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، مطالبة جميع المصريين بضرورة التكاتف والوحدة والتآلف لمواجهة هؤلاء العابثين بأمن مصر ووحدة شعبها. ودعا الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية - فى بيان له اليوم - جميع المصريين إلى التعقل وعدم الانسياق وراء الشائعات والترابط والتماسك ودحر الفتنة حتى لا يصل المغرضون إلى غايتهم بالوقيعة بين أبناء الشعب المصرى الواحد. وأشار البيان إلى أن مفتى الجمهورية وجميع علماء دار الإفتاء يدينون ويستنكرون بشدة هذا العمل الإجرامى، الذى استهدف المواطنين الأبرياء والآمنين من المسيحيين والمسلمين فى محاولة خسيسة منهم لإشعال نار الفتنة بين أبناء هذا الوطن، معربين عن مواساتهم لأسر الضحايا والمصابين، ومتمنين للجرحى الشفاء العاجل ولمصر وشعبها العظيم دوام الأمن والاستقرار. من جهته، أصدر الرئيس المصري حسني مبارك أمس السبت تعليماته بالإسراع فى تحقيقات حادث الانفجار الذي وقع امام كنيسة القديسين مارى جرجس والأنبا بطرس بمحافظة الاسكندرية لكشف ملابسات هذا العمل الإجرامى وتعقب مرتكبيه ومن يقفون وراءهم، والذي أسفر عن مصرع 21 شخصا واصابة 79 اخرين بينهم 8 مسلمين وضابطي شرطة و3 من أفراد أمن الخدمة المعينة لتأمين الكنيسة، وأعرب سيادته عن خالص تعازيه لأسر ضحايا الحادث. وطالب الرئيس المصري ابناء مصر الوقوف صفا واحدا في مواجهة قوى الارهاب والمتربصين بأمن الوطن.