روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قصة صحابية جليلة كما ورد في صحيح الإمام البخاري رضي الله عنه حيث قال: كان في أحد أحياء العرب القديمة أسرة من الأغنياء لديها جارية سوداء تقوم على خدمة أفرادها وقد أعتقوها. وكانت تلك الجارية لا تمتلك بيتًا تذهب إليه فبقيت تعيش معهم تخدمهم مقابل طعامها. وفي أحد الأيام خرجت صبية من بنات هذه الأسرة إلى الحمام وعليها وشاح أحمر ووضعته خارج الحمام ثم مرت حدأة فحسبته لحمًا فاختطفته وطارت به بعيدًا في الفضاء. فلما خرجت الصبية بحثت عن وشاحها فلم تجده فصاحت بأهلها فبحثوا عنه ولم يجدوه فما كان منهم إلا أنهم اتهموا تلك الجارية بسرقته وقاموا بتفتيشها وتهديدها وتعذيبها.. حتى إنهم بحثوا عن الوشاح في خبايا ملابسها.. وكانت ساعة كرب وشدة أحست فيها الجارية بالمهانة والظلم وضاقت بها السبل فليست ذات نسب تحتمي به ولا ذات قرابة تستنجد بهم وليس بها قوة فتدفع عن نفسها.. فلم تجد الجارية نصيرًا تستنصره أو مغيثًا تستصرخه إلا ربّها الذي خلقها بعد أن عجزت آلهة قومها وأصنامهم عن نجدتها. توجهت الجارية إلى الله تعالى بأشد مايكون الاضطرار تدعوه أن يظهر براءتها ويخلّصها من كربها.. فأجابها الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء فجاء الفرج أسرع مما أمّلت وألطف مما قدّرت.. إذ بالحدأة تعود وتلقي الوشاح عليهم وهكذا ظهرت براءتها فأخذوا وشاح ابنتهم.. فصاحت الجارية اتهمتموني به وها هو ذا أمامكم ولأنها كانت قد أعتقت فقررت الهجرة من بلدتها.. بعد أن أثّر فيها هذا الموقف أيما تأثير.. ولكن أين تذهب ؟؟؟ اتجهت الجارية صوب المدينةالمنورة.. إلى طيبة الطيبة وهناك ذهبت إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعلنت إسلامها بين يديه وسكنت في خباء في المسجد وكانت تنشد هذه الأبيات: ويَوْمُ الْوِشَاحِ مِنْ أعَاجِيبِ رَبِّنَا إلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي وقد وردت هذه القصة في صحيح البخاري / ج 2