تبين أن الشيفرة المستخدمة حالياً في هواتف «آيفون» هي الأقوى في العالم حالياً حيث فشلت أجهزة الشرطة والأمن في دول متقدمة تكنولوجياً، ومن بينها بريطانيا، في تفكيك هذه الشيفرة وبالتالي فشلوا في التجسس على هواتف بعض المستخدمين... وكشف عدد من وسائل الإعلام في بريطانيا أن شركة «أبل» الأمريكية رفضت الاستجابة لمطالب تلقتها من أجهزة أمنية وأجهزة مخابرات غربية بتخفيف الشيفرة المعقدة المستخدمة في هواتف «آيفون» وأجهزة «آيباد»، وهو ما يعني في حال كان صحيحاً أن أجهزة شركة «أبل» هي الأكثر تحصيناً حتى الآن في العالم. ونقلت جريدة «التايمز» البريطانية عن مصادر في أجهزة أمنية غربية قولها إن «التطويرات التي تم إدخالها مؤخراً على الشيفرة المستخدمة في هواتف آيفون أعاقت عملهم» مشيرين إلى أن من المفترض أن يكونوا قادرين على الاطلاع على البيانات التي يتم تداولها بين أجهزة الكمبيوتر والهواتف في حال أتيح لهم قانوناً أن يفعلوا ذلك، لكن الشيفرة المحصنة التي تستخدمها «أبل» تعيق عملهم في هذا المجال. وتأتي الشكاوى من الشيفرة المشددة التي تستخدمها «آبل» بعد فترة وجيزة من التحديثات الجوهرية التي أدخلتها الشركة الأمريكية على نظام (iOS) المستخدم في تشغيل هواتف «آيفون» وأجهزة «آيباد» اللوحية، فيما تؤكد الشركة على الدوام أنها تعمل من أجل حماية بيانات المستخدمين وعدم السماح لأي جهة كانت بالوصول إليها، بينما يسود الاعتقاد بين قطاع واسع من المستخدمين أن السلطات الحكومية وأجهزة الأمن والاستخبارات في أغلب دول العالم قادرة على الوصول إلى البيانات والتجسس على المستخدمين، سواء ما يتعلق بالهواتف الصوتية أو الرسائل النصية أو تداولات البيانات التي تتم باستخدام الانترنت. وبحسب ما رصدت وسائل إعلام في بريطانيا، ولاحظت «القدس العربي» فقد أضافت شركة «آبل» إلى بيان الخصوصية على موقعها الالكتروني الفقرة التالية: «نحن ملتزمون باستخدام الشيفرة القوية، لأن من المفترض على المستخدم أن يعرف بأن البيانات على جهازه والمعلومات التي يقوم بمشاركتها مع الآخرين محمية، ونحن لا نستطيع فتح جهازك لأي شخص آخر لأنك أنت فقط الذي تملك المفتاح، وهو كلمة المرور السرية الخاصة بك». وكان تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «آبل» الأمريكية أكد في شهر حزيران/يونيو الماضي أن شركته تحترم القوانين التي تتيح للشرطة وأجهزة الأمن القيام بأعمال التحقيق، لكنه أضاف: «دعوني أقول بوضوح إن ضعف الشيفرة أو التخفيف من تعقيدها سوف يؤدي إلى الاضرار بالأشخاص الجيدين والذين يستخدمون الأجهزة في الأشياء الصحيحة». ونقلت «التايمز» البريطانية عن مفوض الشرطة في مدينة لندن أدريان ليبارد قوله إن القدرة على الوصول إلى البيانات يعتبر مسألة جوهرية في عمليات تفكيك الجرائم والوصول إلى مرتكبيها في عالم الشرطة الحديث. وأضاف: «بدون ذلك فان المحققين سوف يواجهون معركة شاقة في كل أنواع الجرائم، وكل مراحلها، ابتداء من عمليات تتبع القتلة، وصولاً إلى البيانات التي نستطيع من خلالها تحديد من هو الإرهابي من غيره، ومن يمكن أن نطلق سراحه أم لا». وتعتبر مسألة التجسس على الهواتف المحمولة واحدة من أبرز القضايا الجدلية في عالم التكنولوجيا الحديثة، حيث يعتقد قطاع واسع من المستخدمين أن هواتفهم تتعرض لعمليات قرصنة وتجسس، فيما يبدو الأخطر في هذا المجال أن أعمال الاختراق لا تقتصر على أجهزة الأمن والاستخبارات والسلطات الحكومية، بل تمتد إلى العديد من العصابات التي أصبحت متخصصة في أعمال القرصنة والتجسس والتي تهدف في الدرجة الأولى لتحقيق الأرباح المالية من وراء أعمال القرصنة التي تقوم بها. وكانت مجموعة من الوثائق المسربة التي نشرها موقع «ويكيليكس» أظهرت أن شركة ايطالية متخصصة في بيع برمجيات خبيثة تتيح التجسس على الهواتف المحمولة، باعت برمجيات بملايين الدولارات للعديد من دول العالم، وفي مقدمتها بعض الدول العربية التي تبين أنها تخصص ملايين الدولارات من أجل القرصنة على هواتف مواطنيها. وتبين من المعلومات الواردة في الوثائق المسربة أن النظام الأهم الذي اشترته كافة الدول العربية يحمل الاسم (RCS) وهو اختصار للعبارة الانكليزية (Remote Control System) وهو نظام اختراق تبيعه الشركة الايطالية للأجهزة الأمنية ويتيح الدخول على أجهزة الهواتف المحمولة للضحايا والإطلاع على مضمون ما فيها، بما في ذلك التحكم بها عن بعد، وصولاً إلى إمكانية إجراء مكالمات صوتية بهواتفهم وإرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة. لكن المعلومة الأهم التي أظهرتها الوثائق هي أن النظام المشار اليه يتيح أيضاً للأجهزة الأمنية أن تتجسس على مستخدمي تطبيقات الاتصال عبر الانترنت التي تكون محملة على الهاتف المحمول مثل برامج «واتس آب» و»فايبر» و»سكايب» وبالكفاءة التي يمكن بها مراقبة الاتصال الهاتفي التقليدي، وذلك على الرغم من أن هذه التطبيقات تقوم على الاتصال عبر الانترنت فقط، ويعتقد أغلب الناس أنها أكثر أمناً من الاتصال الهاتفي العادي. ويتيح النظام (RCS) اختراق الهاتف المحمول بأكمله، وهو ما يجعل من الممكن للجهاز الأمني التجسس على المكالمات الهاتفية، أو ملفات البيانات، أو التطبيقات، بالسهولة والكفاءة نفسها. وفي الوقت الذي أصبحت فيه الهواتف المحمولة أشبه بمراكز التجسس على مستخدميها، فقد أعربت الحكومة الروسية قبل شهور عن قلقها بشأن استخدام مواطنيها لنظامي «أندرويد» و»آي أو أس»، وذلك بسبب أن هذه الأنظمة قد تحتوي على برامج تجسس. وكشفت صحيفة «ر ب ك» الصادرة في موسكو أن الحكومة الروسية ترغب في إطلاق نظام تشغيل خاص بها بعيداً عن أنظمة التشغيل الشهيرة والمنتشرة مثل «أندرويد» و(iOS)، لتحمي مواطنيها من التجسس، خاصة بعد انتشار العديد من التقارير التي تؤكد تجسس الحكومة الأمريكية على العديد من أنظمة التشغيل والهواتف الذكية.