تفعيل الشباك الوحيد للاستثمار: الحكومة تدرس تعديلات على المرسوم التنفيذي الخاص بعقود التعمير    الهيئات الدولية مطالبة بزيادة الضغط على المغرب لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم : مشاركة عشر دول في موعد تونس    وهران: افتتاح الطبعة ال 15 للصالون الدولي للسياحة والسفر وخدمات الفندقة والمطاعم    الجزائر تؤكد التزامها بدعم دول إفريقيا    معالجة أزيد من 31 مليون طن من البضائع    قطاع النسيج يتعزّز    نسعى إلى حماية المال العام    الجزائر تتعرّض لمؤامرة كبرى    استشهاد 600 طفل في غزّة خلال شهر    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51305 شهيدا و117096 جريحا    المؤرّخ الفرنسي لافاي يستعرض أبحاثه    تجاوزات على الهداف    بطولة الرابطة الأولى: رئيس الاتحادية يدعو الأندية إلى ضمان السير الحسن للمقابلات في إطار التنافس النزيه    مولوجي تبرز جهود حماية ذوي الاحتياجات السمعية    قسنطينة: إعادة تشغيل المصعد الهوائي للمدينة    أكدنا تطلع الطرفين لتجسيد خارطة الطريق المتفق عليها    تراجع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمئة    الاعلان عن نتائج الدورة الثالثة أفريل 2025 للالتحاق بمهنة مترجم    وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح    التدخّل الدولي الإنساني العاجل في غزة ضرورة قانونية وأخلاقية    الجزائر بحاجة إلى جبهة إعلامية موحّدة    الإعلان عن تشكيل جمعية للجزائريين المقيمين بهولندا    تواصل جلسات إثراء القانون الأساسي والنظام التعويضي لأسلاك التربية    مجمّع "ليون" الماليزي يريد الاستثمار في بالجزائر    توقيف أشخاص حرّضوا على المضاربة في منتوج البطاطس    تفكيك شبكتين وضبط 4 قناطير من الكيف مصدرها المغرب    تقييم العمليات الخاصة بإعادة تأهيل السد الأخضر    مسابقة وطنية لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    تمنراست : بتكليف من رئيس الجمهورية وزير الثقافة والفنون يقدم واجب العزاء إلى أسرة الراحلة بادي لالة    انتخاب كمال سعيدي عضوا في المكتب التنفيذي    المنتخب الوطني يقص شريط المنافسة أمام غانا    "الخضر" يواجهون رواندا بقسنطينة وهذه خطة بيتكوفيتش    التدخلات الجراحية ليست ضرورة لعلاج انسداد شريان الرقبة    مختبرات الذكاء الاصطناعي لمكافحة الجريمة    الذكاء الاصطناعي.. هل يزيد البشر غباءً؟    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    الحقل التكويني رهين بقدرة التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الجريئة    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    دراسة آليات بيع الأضاحي المستوردة    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تنظيم مسابقة وطنية للطلبة لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    كرة القدم: وليد صادي يجتمع بحكام النخبة في لقاء للتوعية حول الجولات المتبقية من البطولة    تمنراست: الكتابة والنشر ضمن أولويات برنامج المحافظة السامية للأمازيغية    حوادث الطرقات: وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    فرصة للشركات الجزائرية للتغلغل أكثر في السوق الإفريقية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا تتكلم الأيدي والأرجل يوم الحساب
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 10 - 2015


مشاهد من سورة يس
هكذا تتكلم الأيدي والأرجل يوم الحساب
تفسير الآيات من سورة يس رقم(65) يقصد بها التخويف َمن جهنم وعداً لا وعيداً وسبق أنْ عرفنا أن الوعد في الخير والوعيد في الشر ومن ذلك قول الشاعر: يَا دَهْرُ يَا مُنْجِزَ إيعَادِهِ وَمُخْلِفَ المأْمُولِ مِنْ وَعْدِهِ.
وقُلْنا: سَمَّى ذلك وعداً لأن التحذير من الشر قبل الوقوع فيه يُعَدُّ خيراً لأنك تستطيع تدارك الأمر وتصحيح الخطأ.
وقوله سبحانه: {صْلَوْهَا} [يس: 64] ادخلوها واصْطَلُوا بنارها واحترقوا بلظَاهَا {الْيَوْمَ } [يس: 64] أي: يوم الجزاء اليوم القائم الذي نحن فيه أما ما قبله فقد مضى ومضتْ معه اللذات التي جاءت بكم إلى النار ذهبتْ اللذات وبقيتْ تبعتها ولم يعُد أمامكم إلا النار تحترقون فيها {بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [يس: 64] يعني: هذه النار ليست ظُلْماً إنما جزاء كفركم بنعمة الله وهذا تقريع لهم لأنهم لم يعرفوا للحق سبحانه نعمه عليهم ولو عرفوا لله هذه النعمة ما كفروا بها.
لذلك حين تُحسِن إلى إنسان فيقابل إحسانك بالإساءة يخجل أن يقابلك ويستطيع أنْ يتحمل منك أيَّ عقاب إلا أن تواجهه أنت لماذا؟ لأن حياء المسيء من المحسن أشدُّ عليه من العذاب فكأن الله تعالى يقول لهؤلاء الكفرة بنعمه: استحيوا من الله لأنه أنعم عليكم فكفرتم بنعمه ولو أن عندكم إحساساً لكان تذكيركم بكفركم أشدَّ عليكم من هذه النار التي تَصْلوْنها.
ثم يقول سبحانه واصفاً حالهم والعياذ بالله: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65].
قوله: {الْيَوْمَ} [يس: 65] أي: يوم القيامة والجزاء {نَخْتِمُ عَلَى_ أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65].
نضرب عليها فلا يستطيعون الكلام فالأفواه مَنَاط الكلام وقبل أن يختم الله على أفواههم في الآخرة ختم على قلوبهم في الدنيا بالأمس ختم اللهُ على القلوب فلا يدخلها إيمان ولا يخرج منها كفر واليوم ختم الله على الأفواه ومنعهم الكلام حتى لا يعتذرون ولا يستغفرون.
فالمقام هنا مقام حساب لا عمل فلا جدوى من الاستغفار ولا فائدة من الاعتذار بل انتهى أوان الكلام والمنطق ولم يعُد للسان دَوْر اليوم تُغْلَق الأفواه وتُقيَّد الألسنة لتنطق الجوارح.
وتأمل بعدها: { وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65] القياس كان يقتضي أنْ يقول الحق سبحانه {1649لْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65].
ومثلها: ونُنْطِق أيديهم ونُشهِد أرجلهم لكن السياق القرآني هنا مختلف فبعد أنْ يختمَ اللهُ على أفواههم تُكلمنا أيديهم تطوعاً لا أمراً وتشهد أرجلهم تطوعاً لا أمراً فلم نقل للأيدي: تكلمي ولم نقل للأرجل: اشهدي.
وإنما تطوعتْ هذه الجوارح بالشهادة مع أنها هي نفس الجوارح التي بُوشِرت بها المعاصي والذنوب في الدنيا ومع ذلك تشهد لا على نفسها إنما على النفس الواعية التي أخضع اللهُ لها الجوارح وأمرها أن تسير وِفْق مرادها ورهْنَ إشارتها في الدنيا.أما ونحن الآن في الآخرة وقد تحررتْ الجوارحُ من تبعيتها للنفس الواعية وأصبح الملْكُ كله والتفويض كله لله تعالى فالآن تتكلم الجوارحُ بما تريد وتشهد بما كان أمام الرب الأعلى سبحانه.
أمثلة واقعية
وسبق أنْ مثَّلْنَا هذه المسألة بالكتيبة من الجيش يرسلها القائد الأعلى وعلى الكتيبة أن تطيع أوامر قائدها المباشر ولو كانت الأوامر خاطئة إلى أن تعود إلى الأعلى فتشكو له ما كان من القائد المباشر هكذا الجوارح يوم القيامة.
فإنْ قلتَ: فلماذا أسند التكلم للأيدي والشهادة للأرجل؟ نقول: لأن جمهرة الأعمال عادة تُسند إلى الأيدي حتى لو كان المشي وسيلة العمل وطالما أن الأيدي تتكلم فكأنها أصبحتْ مُدَّعية تحتاج إلى شاهد فتشهد الأرجل.
أما مسألة: كيف تنطق الأيدي فالذي أنطق اللسان وهو قطعة من لحم ودم قادر على أنْ يُنْطِق باقي الأعضاء الأيدي أو غيرها وما دام الفعلُ لله تعالى فلا داعيَ للسؤال عن الكيفية ثم إن الأيدي بها من الأعصاب أكثر مما بأعضاء الكلام.
وقوله تعالى: {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65] ولم يقُلْ: بما كانوا يعملون لأن هناك فرقاً بين إنسان يُقبل على المعصية لكنه لا يفرح بها بل يندم عليها ويعاقب نفسه على ارتكابها وآخر يعتبر ارتكاب المعصية مكسباً فيفرح بها ويتحدث عنها ويتباهى بارتكابها.
ومن حيث التحقيق اللغوي لمادة (كسب) فإن هذا الفعل يأتي مجرداً (كسب) ويدل على الربح في البيع والشراء وعلى العمل يأتي من الإنسان طبيعياً لا تكلُّفَ فيه ولا افتعال وغالباً ما يُستخدم في الخير.
ويأتي هذا الفعل مزيداً بالهمزة والتاء (اكتسب) ويدل على الافتعال والتكلّف وتُستخدم هذه الصيغة في الإثم وأوضحنا هذه المسألة فقلنا: إن الإنسان حين يفعل الخير يأتي الفعلُ منه طبيعياً تلقائياً أما الشر فيتلصص له ويحتال ذلك لأن الخير هَيِّن ليِّن سهل مقبول أما الإثم فشَاقٌّ مخجل.
أنت حين تجلس مثلاً بين أهلك ترى زوجك أو بناتك أو عمتك أو خالتك.. الخ وفيهن الجميلات والحسان وأنت تنظر إليهن جميعاً دون تكلُّف ودون خجل لأنه أمر طبيعي أنا مع غير المحارم ومع مَنْ يحرم عليك النظر إليهن فإنك تسرق النظرة وتحتال لها حتى لا ينكشف أمرك ولا يطلع أحد على نقيصتك.
فإذا جاءت كسب محل اكتسب فاعلم أن صاحب المعصية ومرتكب الإثم قد تعوَّد عليه وألِفه حتى أنه يفعله كأمر طبيعي فلا يخفيه ولا يستحي منه بل يجاهر به فَعَدّ الاكتساب في حقه كسباً كما في هذه الآية:
{وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [يس: 65].
المصدر: تفسير القرآن عن الشيخ الشعراوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.