الدكتور بشير مصيطفى في آخر إصدارته: *** أصدر كاتب الدولة الأسبق لدى الوزير الأوّل للاستشراف والإحصائيات والخبير الاقتصادي الدكتور بشير مصيطفى كتابه السادس بعنوان (نهاية الريع - الأزمة والحلّ) في موضوع الأزمة المالية التي تمرّ بها الجزائر ويُنتظر أن يُعرض بمناسبة الصالون الدولي للكتاب الذي سينظّم في الجزائر نهاية أكتوبر الجاري. يقع الكتاب في 240 صفحة وهو من الحجم المتوسّط ويحتوي على سبعة فصول هي: الأزمة الاقتصادية قضايا الإقليم قضايا البيئة والطاقة قضايا دولية مواردنا وثقافتنا وقضايا استشرافية إلى جانب حوارات في الاقتصاد. (الأزمة والحلّ) في هذا الإطار ارتأت (أخبار اليوم) أن تقدّم قراءة مختصرة تعريفا بكتاب (نهاية الريع - الأزمة والحلّ) الذي يأتي صدوره في ظرف خاصّ يميّز الاقتصاد الجزائري ويتّسم بتراجع سريع في أغلب مؤشّرات الاقتصاد الكلّي حيث وفي أقلّ من سنة واحدة أي خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2015 سجّلت على الاقتصاد الجزائري المؤشّرات التالية في مقارنة مع نفس الفترة من العام 2014 تراجع قيمة العملة المحلّية ب 22 بالمائة ارتفاع الواردات من السلع وحدها إلى 31.4 مليار دولار أمريكي في ثمانية أشهر أي بزيادة نسبتها 11.4 بالمائة تراجع العائدات النفطية ب 52 بالمائة إلى 34 مليار دولار على أساس سنوي (متوقّع نهاية 2015) تحوّل الميزان التجاري من فائض قدره 4.3 مليار دولار إلى عجز قدره 9 ملايير دولار ما يعني نسبة في التراجع قدرها 300 بالمائة تراجع الصادرات إلى مستوى 26.3 مليار دولار أي بنسبة تلامس 40 بالمائة عودة ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك ليلامس معدل التضخّم سقف 5 بالمائة تراجع موجودات النقد الأجنبي بشكل متسارع إلى 159 مليار دولار في جوان 2015 بنسبة لامست 20 بالمائة منذ بداية السنة وتراجع موجودات الصندوق الخاصّ بضبط الإيرادات بنسبة 33 مائة في سنة إلى مستوى 34 مليار دولار شهر جوان 2015. وفي الآية الكريمة التي صدر بها هذا الكتاب من سورة (لقمان) إشارة واضحة إلى ثلاثة معايير تؤطّر واجب شكر اللّه على نعمه (الظاهرة والباطنة) كي تتحوّل تلك النِّعم إلى حوامل لرفاهية النّاس وهي: العلم (المعرفة) الهدى (الرؤية) والكتاب المنير (خطّة الطريق) وهي نفسها معايير (اليقظة الاستراتيجية) التي نجدها في الآية الكريمة في موضوع الغفلة: {لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} (ق/ 20). والمعنى في ذلك أن النِّعم التي أودعها اللّه في الكون بشكل ظاهري (الشمس والرياح والمياه السطحية والطبيعة المنظورة) أو بشكل باطني (المحروقات والمعادن والمياه الباطنية) إنما أودعت لتخدم رفاهية الإنسان من خلال تحويلها إلى قيمة مضافة ذات محتوى معرفي وهو ما نجده اليوم في نماذج النمو التي تتبعها الدول الصناعية الكبرى والدول الصاعدة معا. كما ينبغي على الحكومات في سبيل تحقيق هذه العملية المهمّة في رسم مستقبل الشعوب أن تعتنق رؤية شاملة للإعمار (الهدى) وخارطة طريق مدعّمة بالمعطيات المستقبلية (الكتاب المنير). وقد حاول المؤلّف في هذا الكتاب استعراض محتوى واتّجاهات الاقتصاد الجزائري ومعه الاقتصاديات النفطية بين عامي 2014 و2015 وهي ذاتها الفترة التاريخية التي شهدت تراجعا غير مسبوق في أسعار النفط (52 بالمائة) ومعه الغاز الطبيعي ( 48 بالمائة) وكيف كان التأثير على مستوى آداء الاقتصاد وحياة العائلات في تلك الدول وتعامل الحكومات مع الوضع الجديد والجدل الفكري الذي صاحب ذلك إضافة إلى رؤية المؤلّف بخصوص التدابير الواجب اتّخاذها لاستدراك ما يمكن استدراكه من نتائج النمو للمدى المتوسّط والبعيد وهي الرؤية النّاتجة عن التأمّل في الموارد المادية والمالية والبشرية الكامنة في الاقتصاديات الريعية. ويتضمّن الكتاب أفكارا أخرى تخصّ إعادة تنظيم الاقتصاديات الريعية على أساس المعرفة واليقظة الاستراتيجية التي يمكن تطبيقها على محتوى (الإقليم) و(البيئة) و(الطاقة) خاصّة وأن ثورة المعلومات (القرن 21) التي أعقبت الثورة الصناعية (القرن 20) تحمل محتوى اقتصاديا ممهّدا لثورة الثقافة والأديان (القرن 22). مشاهد وتوقّعات كما يتضمّن الكتاب بعض المشاهد المستقبلية لموضوعات محدّدة تعني الدول النفطية بشكل عام نرجو أن تعين واضعي السياسات في الدول النفطية على إعادة النّظر إلى المستقبل بأسلوب جديد ومتطوّر أي بأسلوب (صناعة الغد) المفضي إلى رفاهية الجيل القادم من السكّان خاصّة بعد تحقّق المشهد الاستشرافي لتراجع أسعار النفط والذي عرضه الكاتب في حوار أجراه معه موقع (مصر العربية) بتاريخ 24 ماي 2014 تحت عنوان (الاقتصادي الجزائري بشير مصيطفى: أتوقّع انخفاض أسعار النفط) حيث نقرأ: (وتوقّع مصيطفى انخفاض أسعار النفط نتيجة التقدّم التكنولوجي في البحث عن طاقات صديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لكن الأخطر على الدول المنتجة للنفط أن الاتحاد الأوروبي سيتوقّف تماما عن استيراد النفط والغاز عام 2050 فتسقط أسعار النفط سقوطا مدوّيا ينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني ما لم يتمّ تنويع مصادر الثروة خارج المحروقات التي لازالت تشكل 97 بالمائة من الصادرات الجزائرية). وينتهي كتاب (نهاية الريع) بفصل خاصّ بالحوارات الأخيرة التي أجريت مع الكتاب عبر عواصم عربية وأوربية (الجزائرالقاهرةدبيبيروتالدوحةالكويتلندن) وقد تناولت جانبا من انشغالات الإعلام في متابعة وقائع الاقتصاديات العربية عموما والاقتصاد الجزائري على وجه الخصوص.