إنك إذا آمنت بالله حق الإيمان فإنك لا بد أن تتعرض للأذى ولا بد أن تتعرض لشتى الفتن حتى من نفسك فهي تأمرك بالسوء ومن الذي يستطيع أن يدافع نفسه عن بعض الشهوات؟ ليس كل أحد! إن كنت صاحب مال يأتيك الشيطان ويدعوك وتنفق في التبذير والإسراف وفي أي شيء ليس له قيمة ولكن إذا أردت أن تخرج الزكاة تجد النفس تنفر من ذلك وتحاول أن تخلق الأعذار والأسباب لكيلا تؤدي هذه الزكاة كأن يقول: إن لي أرحاماً مساكين وهم أولى إلى غير ذلك من المغالطات لكن إذا قيل له هناك: تبرع للنادي الفلاني لأنه سيشارك في بطولة القارات فإنه يقول: كم؟ فيقولون: مليون ريال! فيقول: بسيط خذوا! فالشيطان دائماً يزين شهوة النفس ومثلاً لو كان راتبك خمسة عشر ألف فإذا أردت أن تنفق من أجل شهوة تحبها النفس فإن الشيطان يزين لك ذلك ويحسنه وإذا كان من أجل الله فالنفس وكذلك الشيطان يكرِّه لك ذلك ويحاول أن يصرفك عنه مثلاً: النظر إلى الحرام - والعياذ بالله - لا يجوز ولكن الشيطان يزين لك هذه الفاحشة قال بعض السلف: جاهدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت أربعين سنة؟! فبلغ ذلك الكلام بعض العلماء فقال: أَوَ قد استقامت؟! يغبطه بعد أربعين سنه أنها استقامت..! وإذا أذنبت أو عصيت فارجع إلى الله واستغفره وتب قال سبحانه: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ}.. [غافر: 3] وقال أيضاً: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.. [الزمر: 53] بل ربما يكون حالك بعد التوبة والإقلاع خيراً وأفضل من حالك قبلها كما قال بعض الحكماء: (رب معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكبارا). وهكذا كما وقع في عهد الصحابة رضوان الله عليهم لحاطب أو غيره حتى ذكر ذلك في شأن داوود -عليه السلام- لما استغفر ربه وخر راكعاً وأناب وهكذا ينبغي أن يكون حالك بعد التوبة أفضل لأن الله تبارك وتعالى يريد أن يتعبدنا بحال الاستقامة ومنا الاستقامة ويريد أن يتعبدنا بالتوبة ولهذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).