لا بد من كسب الرهان لمواجهة الأزمات" دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كافة الطبقة الشغيلة بالجزائر، إلى التحلي بالمثابرة في العمل، وبذل مزيدا من المجهودات من أجل ترقية الواجب العملي بغية الارتقاء إلى مصاف الدول المصنعة، وبالتالي مواكبة الأحداث الاقتصادية العالمية، التي هي في تطور مستمر. كما ترحّم بالمناسبة على أرواح من سقطوا ضحية الواجب أمثال الراحل عبد الحق بن حمودة، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة معالجة المشاكل المطروحة بالحوار. وقال بوتفليقة في رسالة وجّهها إلى العمال الجزائريين بمناسبة عيد العمال، إن »المناسبة لها دلالة خاصة في بلادنا، تذكرنا بكفاح الجزائريات والجزائريين على جبهتين متلازمتين؛ جبهة التحرر الوطني من ربقة الاحتلال الاستيطاني، والتي أسهم فيها عمالنا بتضحيات جسام، قدّموا فيها مواكب من الشهداء، في طليعتهم الشهيد الرمز عيسات إيدير، الذي كان له شرف تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في ظل جبهة التحرير الوطني منذ أربعة وخمسين سنة خلت. هذا الصرح العظيم الذي شُيد بدماء وعرق أولئك النساء والرجال وبمثابرتهم وإيمانهم بوطن العزة والكرامة. كما لم تبخل شغيلتنا كذلك في الداخل والخارج بإسهام معتبر، في تمويل الثورة المباركة«. أما الجبهة الثانية - يضيف - »فتتمثل في مكافحة عاملاتنا وعاملينا التخلف المستشري الذي كرسه الاحتلال بكل مظاهر فساده«. التنمية في الجزائر ثمرة جهود كافة العمال ونوّه بوتفليقة بالجهود المبذولة من طرف الطبقة الشغيلة التي أكد أنها الثمرة التي أفرجت عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية في كافة القطاعات، وهي نتاج فكر وعمل هذه الطبقة. وإن العمل قيمة حضارية تساهم في دفع الوطن إلى الرقي والرفاهية كلما امتزجت هذه القيمة بثقافة المجتمع وانصهرت فيها. البنية التحتية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة من بناء وإعمار، كانت بفضل المجهود الذي بُذل وإمكانات الدولة التي وفرتها. كما كان للجانب الاجتماعي قسطه الوافر من هذا المجهود، حيث تم تكريس سياسة اجتماعية ثابتة وعادلة، تجسدت على الخصوص في صيغ مختلفة للدعم في مجالات السكن والتشغيل وإيصال المياه الصالحة للشرب والكهرباء والغاز الطبيعي للساكنة، بما في ذلك المناطق النائية والمحرومة، إلى جانب إنجاز عشرات الجامعات والمعاهد وآلاف المدارس والإكماليات والثانويات في إطار مبدأ تكافؤ الفرص في التربية والتعليم بين جميع أبناء الوطن، حتى إن سياسة التشغيل لعبت دورا مهما في التنمية، حيث رافق ذلك توفير آليات التشغيل والإدماج في عالم الشغل، وتنويعها سواء بخصوص العمل المأجور أو إنشاء المؤسسات الصغيرة من قبل الشباب، ونشر الثقافة المقاولاتية، حيث نتج ارتفاع مناصب الشغل من 40 ألف فقط في التسعينيات إلى إنشاء أكثر من 400 ألف منصب سنويا خلال العقد الأخير، مما جعل نسبة البطالة تتراجع من حوالي 30 بالمائة سنة 1999 إلى 10.2 بالمائة سنة 2009. كما رافق ذلك معدلا سنويا للنمو الاقتصادي خارج المحروقات، قُدر بحوالي 6 بالمائة وإن كانت النسبة تظل دون القدر المطلوب إلا أنها ذات دلالة إيجابية على صحة المنهج. عمال القطاعين يستفيدون من زيادات في الأجر وفي مجال المحافظة على القدرة الشرائية للعمال الأجراء وتحسينها يقول بوتفليقة إنه قد اتُّخذت عدة قرارات برفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، حيث انتقل من 12.000 دينار إلى 15.000 دينار ابتداء من أول جانفي 2010، والذي لم يكن يتجاوز 6000 دينار سنة 1999، إلى جانب الزيادة في مرتبات الوظيف العمومي وأجور عمال القطاع الاقتصادي العمومي والخاص في إطار المفاوضات حول الاتفاقيات الجماعية القطاعية، بالإضافة إلى إعادة التثمين السنوية والخاصة للمعاشات. كما تم إدخال إصلاحات معمقة على المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي من حيث عصرنة تسييرها باستخدام التقنيات الجديدة للإعلام والاتصال، ومن حيث ضمان ديمومتها على أساس مبدأي التضامن والتوزيع، وذلك بإصلاح آليات التحصيل وتنويع مصادر التمويل، وإنشاء صندوق خاص للموارد الجبائية المخصصة للضمان الاجتماعي، وإنشاء الصندوق الوطني لاحتياطي التقاعد؛ باعتبار المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي هي الأمان لتوازن المجتمع واستقراره من أجل إضفاء القدرة التنافسية للمؤسسة الاقتصادية والحفاظ على مبدأ توافق الحقوق مع الواجبات. ونوه الرئيس بالاتفاق الإيجابي الذي تم بين أطراف الثلاثية من أجل رفع الأجر القاعدي العام للعمال، لا سيما في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص، وهو إجراء يحسن القدرة الشرائية لهم، ويشجعهم على مضاعفة الجهد في سبيل دفع الإنتاج وتشجيع المردودية وترقيتها في كافة القطاعات. الأزمة العالمية حركت عزيمة الجزائر لرفع التحدي إن الأزمة الاقتصادية والمالية التي يمر بها العالم والتي تأثرت من جرائها إرادة الجزائر من التصدير، يقول بوتفليقة، »زادتنا يقينا بضرورة حشد كل ما نملك من موارد وتسخير جهدنا الجماعي لتنويع الاقتصاد الوطني، ونحن نعتمد في ذلك على إمكاناتنا الذاتية ومواردنا البشرية وعلى ما يحذوها من إبداع الفكر وإتقان العمل ومن روح وطنية عالية وشعور نبيل بالمسؤولية ووعي عميق بدقة وخطورة المرحلة وعزم قوي على رفع التحديات وكسب الرهانات بما يؤمّن لمسيرتنا التنموية الشاملة كافة عوامل النجاح واستمرار التقدم إلى الأمام بإصرار واقتدار ثقة بالحاضر وتفاؤلا بالمستقبل. إن سبيلنا إلى تأمين المناعة لوطننا والرفاه لشعبنا يمر حتما عبر المزيد من العمل والبذل ومضاعفة الجهد والاجتهاد والمثابرة على ترسيخ السلّم الاجتماعي ودعم تقاليد الحوار والوفاق. ولقد سجلنا بارتياح ما وصل إليه حوار الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين من خلال تكريس مبدأ اللقاءات المنتظمة لتدارس ومتابعة القضايا التي تهم عالم الشغل وتقويم مدى تنفيذ القرارات المتخذة في هذا الإطار«. الحوار أسلوب حضاري لحل مختلف قضايا المجتمع ونوّه بوتفليقة بفضائل الحوار الاجتماعي كأسلوب حضاري متميز في التعامل مع قضايا المجتمع بصورة عامة، وقضايا العمال والشغل على وجه التحديد. وقد كانت التجربة الجزائرية في هذا المجال محل تنويه من قبل مختلف المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة. وقد تحلى الاتحاد العام للعمال الجزائريين على مدى العقود بوعي متميز في ما يتعلق بمسؤولياته الجمة في الدفاع عن المقومات الوطنية والمصالح الاستراتيجية للشعب والدولة، فحافظ العمال على استقرار البلاد في الأوقات العصيبة، وأمّنوا استمرارية سير الدواليب الاقتصادية رغم كل ما عايشوه من ظروف اقتصادية واجتماعية وأمنية صعبة داخلية وخارجية في ظل مديونية ثقيلة *******أناخت بكلها أمدا ****** على البلاد، محدثة حالة من الركود والتململ. وقد تمكنت الجزائر من تجاوزها بفضل الإجراءات الحكيمة التي اتخذناها بتسديد الديون الخارجية، الأمر الذي حرر القرار السياسي للدولة، وبعث ديناميكية في مختلف دواليب التنمية الوطنية على مستوى الاستثمار والإنتاج والتوظيف والتكفل بالحاجات الاجتماعية للسكان.