(مصحف عثمان).. هدية روسية ملغّمة للحليف الإيراني *** يبقى العالم الإسلامي الهدف الأوّل للعالم الغربي الباحث دوما عن الهيمنة والسيطرة عبر كافّة الطرق المتاحة لديه فتارة عبر الحرب وتارة عبر استغلال الضعف والفرقة في الأمّة والآن جاء دور إيران لتكون الحليف الجديد لروسيا في تحالف غير مسبوق للهيمنة على ما تبقّى من العالم الإسلامي وكانت هدية مصحف الصحابي عثمان الحلقة الأولى في الخطّة الرّوسية للولوج إلى هذا العالم. ق.د / وكالات اعتبر علي هاشم مدير موقع (الميادين أونلاين) الالكتروني أن مخطوطة المصحف الشريف التي أهداها الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي (تحمل رسائل في أكثر من اتجاه لدول إسلامية مفادها أن مدخل روسيا إلى العالم الإسلامي سيكون عبر بوّابة طهران). وفي مقال لهاشم تحت عنوان (هدية بوتين لخامنئي: مصحف عثمان من قرطبة إلى طهران) احتفت به وكالة (تسنيم) للأنباء المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني أكّد هاشم أن المخطوطة (لم تكن هدية عادية فهي تنسب إلى الخليفة الإسلامي الراشد الثالث عثمان بن عفان وتحمل أثارا من دمائه على حدّ قول أحد أهمّ الباحثين العالميين في النسخ القرآنية القديمة وهي نسخة تعود في التاريخ إلى زمن الإسلام الأوّل). وأشار هاشم إلى أن تاريخ هذه المخطوطة حسب إيفيم رزفان وهو بروفيسور روسي متخصّص في الدراسات القرآنية ونائب مدير متحف الأنثروبولوجيا والإنثوغرافيا في بطرسبورغ في روسيا وهو كتب سابقا عن هذه النسخة النادرة من القرآن: (منذ أواخر القرن الخامس عشر تعتبر هذه النسخة القرآنية واحدة من الأهمّ في العالم كانت محفوظة في مجمّع عشقيا الصوفي في قرية صغيرة تدعى كاتالانغار التي تقع 100 كلم جنوبي سمرقند ثاني أكبر مدن أوزبكستان) مشيرا إلى أنه (منذ قرون وهذه النسخة ينظر إليها كواحدة من النسخ الأصلية للقرآن العثماني المكتوب بيد الخليفة الراشد الثالث وعليها قطرات من دمه). * رحلة 12 قرنا البروفيسور الرّوسي تابع أن (هذه النسخة تعود إلى 12 قرنا مضت وهي تختزل قصص أسر حاكمة وأمم ومدن وشعوب هي عصارة الرواية التاريخية للحضارة الإسلامية منذ انبثاقها في القرن السابع الميلادي في الجزيرة العربية مرورا بمرحلة الانتصارات والفتوحات الإسلامية وصولا إلى يومنا هذا وقدرة المسلمين على الصمود والبقاء رغم النظام الشيوعي في الاتحاد السوفياتي السابق). وأشار رزفان إلى أن هذه المخطوطة (انتقلت إلى قرطبة في العام 870 ميلادي الموافق 256 للهجرة ثمّ اختفت قبل أن تظهر في العام 1243 ميلادي لدى الظاهر بيبرس في مصر الذي أرسلها هدية إلى زعيم القبيلة الذهبية المغولي الذي اعتنق الإسلام وأعلن مبايعته للدولة العباسية وهو نفسه الذي تصدى لهولاكو وهزمه بالتعاون مع المماليك) مضيفا أنه (بعد قرن ونصف هاجم تيمورلنك مغول القبيلة الذهبية وهزمهم وأخذ المصحف التاريخي رمز القوة وأتى به إلى سمرقند). لكن رواية أخرى تناقض رواية رزفان وهي رواية ابن نصير في كتاب (فضائل القرآن) التي يقول فيها إن القرآن الذي كان في سمرقند جاء به تيمورلنك من البصرة إلاّ أن الاثنين لا يختلفان في أن الكتاب هو من المصاحف الأولى والأكثر قدما وذو أهمّية تاريخية كبرى. ووصف رزفان أن هذا المصحف (مكتوب على سبع وتسعين ورقة رق (وهو جلد الضأن الذي يعالج بطرق خاصّة تسمح في ما بعد بالكتابة عليه) بالخطّ الحجازي تعود إلى القرن الأوّل الهجري والأوراق موزّعة على سان بطرسبورغ وكاتالانغار وبخارى وطشقند تحتوي تقريبا على نصف النصّ القرآني). * من التاريخ إلى الحاضر أشارت (تسنيم) إلى أن إهداء المخطوطة جاء لإرسال عدة رسائل موضّحة أنه (خلال السنوات الماضية لم تصل العلاقات الرّوسية الإيرانية إلى مستوى التحالف وإن نظرة تاريخية للعلاقة منذ انتصار الثورة الإسلامية وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي كمرحلة أولى ومنذ قيام روسيا الاتحادية وحتى الآن تشير إلى أن ما بين البلدين مصالح مشتركة تفرضها التحديات والخصومات المشتركة). وتابعت (تسنيم) أن (هذه المصالح تعززت في المفاوضات حول مشروع إيران النووي وفي خضّم المفاوضات ظهرت أزمة سوريا وفي أوج الأزمة دخل الإيراني ثم الروسي على الخط ليخرجا معا من دائرة المصالح المشتركة فقط إلى مساحة الخندق الواحد) مشيرة إلى وجود (تباينات كبيرة إلى العلن البعض عللها باختلاف الرؤى وآخرون قالوا إنها تعكس أهدافا مختلفة) وتابعت أن (هناك من لخّص المشكلة بتصادم المفردات دون أن ننفي حقّا وجود هواجس بين البلدين تجعلهما في موقع السؤال عن كلّ خطوة يقوم بها الآخر). واختتمت (تسنيم) تقريرها بالقول إن (بوتين حمل هديته الثمينة بصندوقها الأخضر التاريخي من مطار مهر آباد مباشرة إلى خونه رهبر (بيت المرشد) وسط طهران ومعها حمل رسائل في أكثر من اتجاه رسائل لدول إسلامية مفادها أن مدخل روسيا إلى العالم الإسلامي سيكون عبر بوابة طهران وأن إيرانوروسيا قبل قمة المصحف ليسا كما بعدها).