إغراءات مالية ووعود وهمية بالخلافة على أنقاض الأبرياء *** يستغل التنظيم المرعوب المسمى ب (داعش) أي فرصة متاحة لديه من أجل تجنيد المزيد من المقاتلين عبر العالم مع تركيزه بشكل أكبر على الدول العربية التي تشهد النزاعات وعدم الاستقرار الأمني وهو ما اعتمده في الدول الشقيقة السودان أين وجدت الحكومة نفسها أمام تيار إرهابي جديد يحاصر الشباب السوداني من خلال تقديم إغراءات مادية ووعود وهمية بالخلافة على أنقاض الأبرياء. ق.د / وكالات (الدولة الإسلامية باقية وتتمدد) شعار كُتب على مبان في وسط العاصمة السودانية الخرطوم بدا من رداءة الخط أن صاحبه كان على عجلة من أمره غير أن ذلك لم يمنعه من تكرار كتابة شعار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في عدة مواقع متفرقة بالخرطوم بعد أن قامت سلطات الخرطوم بإزالة تلك الكتابات من شوارع العاصمة. وأخيرا أعلن وزير الداخلية السوداني عن اِلتحاق 70 سودانيا من الجنسين ب (داعش) جلهم من الطلاب. من بين الملتحقين ب (داعش) الشاب السوداني سعيد حامد (اسم مستعار) الذي عاد إلى السودان حديثا بعد أن قضى قرابة الستة أشهر في سوريا لكن فرحة عائلته بلقائه لم تكتمل إذ تحفظت السلطات عليه بعد أن مكث بين أهله ثلاثة أسابيع للعلاج من الإصابة التي لحقت بذراعه اليسرى خلال المعارك الدائرة في سوريا. ترفض والدة سعيد الحديث عن رحلة ابنها مع (داعش) مكتفية بالقول إن ابنها كان طالبا مثاليا يدرس في السنة الثانية في الجامعة وأنها لم تلاحظ عليه أي ميول نحو التطرف التديني لكنها فوجئت باتصاله بعد أسبوع من اختفائه يخبرها فيه بأنه ذهب إلى أرض العراق والشام لإنشاء دولة الخلافة الإسلامية. * (الدواعش) السودانيون تمتد خارطة دولة (داعش) على ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا تمثل جميعها إحدى عشرة ولاية ويتبع جزء من السودان لمصر التي سميت بأرض الكنانة بينما تم ضمّ الجزء الجنوبي منه للحبشة وسمي بدامس. ويعتبر الأكاديمي والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور حسن مكي أن اِلتحاق الطلاب أو المراهقين ب (داعش) تحركه دوافع مثل الرغبة في استعادة أمجاد التاريخ الإسلامي في ظل الأحداث التي يشهدها العالم الإسلامي وخاصة في مرحلة ما بعد احتلال العراق وسيادة شعور الانهزام وتراجع الربيع العربي. ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية محمد خليفة الصديق أن الطلاب الذين اِلتحقوا بالتظيمات المتطرفة وبينها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يعيشون في جزيرة منعزلة عن الواقع السوداني كما يحملون ثقافات وأفكار تجعلهم عُرضة للتأثر بخطاب داعش المؤثر والقوي الذي يبث على الأنترنت حسب تصريحات له في صحيفة (التيّار) السودانية. ويرى العسكري الليبيي حسن السرتاوي أن العديد من مقاتلي (داعش) في ليبيا سودانيو الجنسية ويقول إن التنظيم نجح في تجنيدهم في السودان وإدخالهم عن طريق حدود البلاد المفتوحة من الجنوب ويقوم التنظيم بدفع مبالغ مالية كبيرة لمجنديه تصل إلى 1500 دينار ليبي (قرابة 500 دولار) وهو ما يجذب العديد من الشباب للتنظيم. * كيف تواجه الحكومة السودانية (داعش)؟ نشطت الحكومة السودانية في محاربة (داعش) عبر تبني المراجعات الفكرية التي تبناها مجمع الفقه الإسلامي كما يقول القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم أمين حسن عمر مضيفا أن الحكومة تحارب دعوات التعصب والتحريض على العنف فكريا وشعبيا وأنه يجب دراسة أسباب ظاهرة تفشي الغلو في أوساط الشباب السوداني ومعالجتها بمراجعة المناهج التعليمية والإعلامية وسائر وسائط التنشئة الاجتماعية والفكرية. ويرى أمين أن السودانيين لا يزالون من أقل المنضمين إلى (داعش) وأن الشباب الذين اِلتحقوا بالتنظيم متأثرين بأفكار وافدة من خارج السودان وليس لها وجود محلي لكنه عاد ليقول إنه (ليس هناك بلد معصوم من اتجاهات التشدد والغلو). وتعمل السلطات السودانية على مراقبة حركة المغادرين للبلاد كما قامت بالتنسيق مع الحكومة التركية لمراقبة الوافدين إليها من الأراضي السودانية فيما قامت مؤخرا بتوقيف عدد من مشايخ التيارالمتشدد والمؤيد لفكر (داعش) في مسعى منها لتحجيم تأثيرهم على الشباب والطلاب من بينهم الشيخ مساعد السديرة وعدد من تلاميذه وأيضا الشيخ عمر عبد الخالق رئيس جماعة الاعتصام بالكتاب والسُنّة. وقبل يوم واحد من عيد الأضحى الماضي أطلقت السلطات سراح الشيخ محمد علي الجزولي المتهم بتأييد (داعش) بعد أن قضى في المعتقل ثلاثة أشهر وهو الاعتقال الثاني له حيث كانت السلطات قد أعادت اعتقاله في جوان الماضي بعد أربعة أيام فقط من إطلاق سراحه لكن هذه الإجراءات لن تعيد ابن الخمسيني السوداني حامد الذي نعى ابنه إلى جيرانه بمجرد علمه بانضمام ابنه إلى (داعش) في سرت الليبية.