يتحدث كثير من المسلمين هذه الأيام عن قرب قيام الساعة ويربطون بين علامات الساعة الصغرى والتي كثرت هذا الزمان مثل: كثرة ظهور الفتن وكثرة القتل وضياع الأمانة والتطاول في البنيان وإسناد الأمر إلى غيَر أهله وغير ذلك ويربطون بينها وبين الأحداث الأليمة والتي تمر بالمسلمين. وبعض الناس يدفعهم ذلك لترك الجد والاجتهاد والجهاد والقعود عن السعي والعمل وانتظار قيام الساعة وبعضهم يصاب باليأس من الإصلاح ويترك التغيير لكثرة انتشار الفساد ويدع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وإذا أردنا معرفة حقيقة أشراط الساعة فلا بد أن نعلم أن بعضها قد ظهر فعلا فعلامات الساعة الصغرى قد قسمها العلماء إلى ثلاثة أقسام: قسم منها انقضى وقسم لا يزال يتكرر وقسم لم يحدث بعدُ وكل هذا ورد بأدلة من الكتاب أو السنة الصحيحة. فمن علامات الساعة التي وقعت وانقضت: بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته وانشقاق القمر ونار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببُصرى بالشام وتوقف الجزيَة والخراج. وبعض العَلامَات وقعت وتستمر أو وقعت مَرة وَيمكن أن يتكرّر وقوعُها مثل اختلال الموازين وكثرة القتل ومثل: الفتوحَات والحروب وقد فتحت مملكتي فارس والروم وفتحت القسطنطينية ويتبقى فتح روما. ومن العلامَات التي لم تقع بَعدُ: عودَة جزيرة العَرب جنَّات وَأنهاراً وتكليم السّبَاع والجمَاد للإنسَ انحسَار الفرات عَن جَبل من ذهَب وإخراجُ الأرضِ كنوزَهَا المخبوءة محاصَرة المسلمين إلى المدينَة وخروُج المَهدي. وبهذا يتبين أنه هناك علامات للساعة الصغرى لم تظهر بعدُ ويتبين أن ما يتكرر من كلام كثير من الناس أن علامات الساعة الصغرى قد ظهرت كلها ولم يبق إلا (المهدي) كلام غير صحيح. ثم ألا نتعلم من الفقه النبوي ونقتدي بالنبي الكريم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الموضوع الشائك وفي هذا الوقت الذي لا ينبغي أن نبحث فقط عن أشراط الساعة وعلاماتها بل يجب أيضا أن نهتم أكثر بالإعداد لها بالإيمان والعمل الصالح فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلًا سأل النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الساعةِ فقال: متى الساعةُ؟ قال: (وماذا أعْدَدْتَ لها؟). قال: لا شيء إلا أني أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: (أنت مع مَن أحْبَبْتَ). قال أنسٌ: فما فرِحْنا بشَيْء فرَحَنا بقولِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أنت مع مَن أحْبَبْتَ). قال أنسٌ: (فأنا أُحِبُّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبا بكر وعُمَرَ وأرْجو أنْ أكونَ معهُم بحُبِّي إياهُم وإنْ لم أعْملْ بمثلِ أعْمالِهِم)(رواه البخاري في صحيحه). وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العمل والاجتهاد حتى لو قامت الساعة كما في الحديث: (إنْ قامَتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكُم فَسيلةً فإنِ استَطاعَ أن لا تَقومَ حتَّى يغرِسَها فلْيغرِسْها) (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني).