بقلم: أمير المفرجي* أسدلت سنة 2015 ستارها بتمنيات وأمنيات نسعى إلى تحقيقها لكن تبقى الأحلام المرتبطة بالوطن غير قابلة للتخلي عنها لأنها تمثِّل ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا بعد أعوام حافلة بالأحداث والتطورات أثرت على العراقيين باختلاف طوائفهم ومعتقداتهم. كثيرة هي الأحلام التي تداعب عقل الإنسان العراقي وتستأثر بقلبه على أمل بتحقيقها في العام الجديد يترقب بشغف موعد قدومها كما هي كثيرة أيضا الكوابيس والهواجس والخوف من المستقبل التي يخشى وقوعها من طائفية وإرهاب واستمرار تدمير وحدتنا الوطنية. عديدة هي تلك الأمنيات التي يتمناها العراقيون في إشراقة العام الجديد منها ما قد يتحقق ومنها ما لايزال علمه عند الله ولكن ما يجمع عليه الجميع من أمنيات هو أن تنتهي دائرة العنف الطائفي وتسكن الآلام ويحل الاستقرار والسلام وأن تلتئم وتضمد جراح طال نزفها. الخوف من المستقبل هو الهاجس الذي يؤرق غالبية العراقيين اليوم ويوجّه أفكارهم وعقولهم إلى تصديق قارئي الفنجان حيث بات الكثير منا يخشى أن يمضي بنا قطار الأحداث مسرعاً من دون العثور على فرصة أو أمنية قابلة للتحقق تعيد لنا بهجة الانتماء للوطن والافتخار بتاريخه وقدسيته السماوية التي أقرت بها جميع الأديان. لكن لا أخفي في الوقت نفسه خوفنا كعراقيين مما يحاك ويخطط لوطننا لتمزيق خريطته الجغرافية. العراقيون تائهون هائمون باحثون عن ملجأ ووطن بديل. عراق الشموخ والعزة يُدمر وبلاد الرافدين مهد الحضارات تعبث بها يد الطائفية المحلية الهمجية وتعيدها نوايا قوى الشر الخارجية للعصور الظلامية. العراقيون يختلفون في الرأي والإرادة العراقيون ينقسمون في الإيمان والعبادة العراقيون يتخاصمون ويتصارعون في ما بينهم لاختيار دول الجوار في حكم البلاد وضياع السيادة. أقاويل عالم الفنجان ثمة حكايات وأقاويل متناقضة داخل متاهات عالم الفنجان قد تجد طريقها بكل يسر إلى قلوبنا وتستأثر بعبراتها قلوب العراقيين لاسيما عشاقه الباحثين عن فسحة من التفاؤل وسط عتمة من الواقع المر الذي تتخلله جرعات وهمية من الأمل المؤجّل. قد تستطيع التوقعات التي ترسمها التنبؤات الفلكية وقراءة الفنجان إعادة حالة من التفاؤل ونشر الابتسامة على وجوه العراقيين بعودة العراق سالما معافى مع بداية عام 2016 انطلاقا من الواقع الجديد الذي يرسمه المشهد العراقي الحالي في النجاح لقراءة مفرحة للمستقبل. قد يساهم نجاح الحملة العسكرية غداة تحرير مدينة الرمادي إنهاء (تنظيم داعش) في مدينة الموصل وبقية أجزاء العراق. الدور الروسي الجديد في سوريا الذي بدأ شيئا فشيئا في الاتساع إلى درجة لم تعد هناك مساحة كافية للحليف الإيراني الذي تراجع من الساحة السورية ارتباك الساحة الميليشياوية في العراق بعد عزلها ورفض مشاركتها أخيرا في ساحات القتال في الرمادي من طمأنة القلوب وإبعاد الخوف وعودة الأمل لإحلال الاستقرار والسلام على الرغم من معرفة الجميع استحالة الوصول إلى تحقيق هذه التنبؤات لوقوعها في إطار المستقبل. بانتظار تحقيق أماني المستقبل تبقى آمال العراقيين سجينة دوامات العنف وحقيقة الحاضر لعراق مقسم إلى ثلاثة أجزاء في الوقت الذي تكثف الدول العظمى نشاطاتها لوضع حلول جديدة للمنطقة تتناسب مع مصالحها الاقتصادية وأهدافها السياسية بمعنى آخر الشروع بتقسيم البلاد انطلاقا من حالة الجرد الجديدة التي أفرزتها الصراعات المذهبية في المجتمع العراقي تحت حجج اختلاف ثقافة العراقيين الدينية والقومية واستحالة إيجاد توافق وطني جامع قادر على أن يكون في الموقع الذي يعلو درجات الطائفة والدين. التاريخ يتحدث وما علينا إلا الرجوع إلى ملفات التاريخ السياسي والجغرافي للشرق الأوسط الذي ساهمت الدول العظمى بصنعه في معاهدة (سايكس بيكو) التي قصمت الجسد العربي الممزق المنحل من الاستعمار العثماني على اعتبار أنه لم يكن فكرة ناجحة وجب إعادة صياغتها والعمل على وضع حلول جديدة للمنطقة. ومثلما كان تفكيك بلاد الشام وبلاد الرافدين حجة لوضع نظام (سايكس- بيكو) فقد تكون مقدمات تقسيم بلاد الرافدين مجددا هذه الأيام على خلفية الصراع المذهبي الداخلي وإصرار النظام الطائفي الحاكم في بغداد الذي تسيره إيران على تهميش واضطهاد المكونات الأصيلة الأخرى حيث باتت فرص تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات أقرب من أي وقت مضى. تزامن حلول عام 2016 مع الذكرى المئوية الأولى على توقيع (معاهدة سايكس بيكو) في 16 ماي 1916 وما تروجه دراسات معاهد الغرب السياسية عن هذه الاتفاقية من ضجيج وإشاعات عن (انتهاء مفعولها بعد فشلها في تثبيت دولة الأمة في العراقوسوريا) يقودنا إلى استنتاج وجود إرادة دولية واضحة لتأسيس نظام إقليمي جديد على أسس عرقية ودينية وطائفية بعد تهيئة التربة الخصبة عن طريق زرع نظام طائفي فاسد لا يمثل العراقيين الذي بدوره مهد الطريق لولادة تنظيم (داعش) الذي من خلاله توعّد (أبوبكر البغدادي) بدقّ آخر مسمار في نعش هذه الاتفاقية ليجعل من أهداف تنظيمه المشبوه غطاء (لسايكس- بيكو) جديدة تعيد تقسيم المنطقة على أسس عرقية ومذهبية وبتواطؤ أطراف إقليمية ودولية.