هذه القصّة الكاملة ليوميات 4 آلاف (مهاجر) في شمال فرنسا *** تحوّلت أوروبا من حلم جميل للّجوء والهروب من الموت في بعض البلدان العربية التي تشهد نزاعات أمنية إلى كابوس حقيقي يحاصر الآلاف من المهاجرين العالقين في هذا الجحيم بعد أن أغلقت أمامهم كلّ سبل الحياة وما يحدث في غابة (كاليه) إنما هو حالة مصغّرة عن القصّة الكاملة لآلام المهاجرين. ق.د / وكالات اضطرّ آلاف الفارّين من الموت والحروب في سوريا وليبيا والعراق وغيرها من البلدان العربية والإفريقية إلى ركوب البحر سعيا وراء حلمهم بالعيش ولم يكن يخيّل لهم أن المئات منهم سيلقون حتفهم وتتقاذفهم الأمواج جثثا هامدة وأن من ينجو من رحلات الموت هذه سينتهي به المطاف (أشبه بالأسير) في بقعة شمالي فرنسا أعدّتها الحكومة لاستقبال اللاّجئين بشكل مؤقّت وأطلق عليها تسمية (الغابة). هناك في تلك الغابة (الموحشة) وفي ما يشبه (العشوائيات البائسة) ينتظر المئات من المهاجرين (الفرج) وإن أتى عبر شاحنة دخلوا صندوقها خلسة وتكدّسوا بالعشرات داخلها لعلّها تنقلهم إلى بريطانيا أو أيّ وِجهة أوروبية أخرى يتنفّسون فيها الصعداء. ميناء (كاليه) الذي يعتبر ممرّا بحريا بين فرنساوبريطانيا حيث تدخل مئات الشاحنات عبّارات متّجهة إلى ميناء دوفر البريطاني تحوّل إلى مرفأ للعديد من القصص الحزينة ففي تلك الشاحنات قضى العشرات من اللاّجئين اختناقا أثناء سعيهم إلى تحقيق حلمهم بالعيش بكرامة في أوروبا. آخر تلك القصص قصّة الشابّ (مسعود نافيد) البالغ من العمر 15 عاما والذي قضى اختناقا على متن إحدى العبّارات المتّجهة إلى بريطانيا بهدف لقاء أخته. أكثر من 4000 لاجئ يعيشون في (الغابة) في ظروف معيشية صعبة وقد عمدت السلطات الفرنسية قبل أسبوع إلى وضع المزيد من الحاويات بهدف إيواء اللاّجئين وسط موجة الصقيع والبرد القارس كما حاولت الشرطة نقل الخيم 100 متر نحو الداخل بعيدا عن الطريق العام. وغالبا ما تشهد تلك المنطقة مواجهات مع الشرطة كان آخرها السبت حيث تمكّن نحو 200 مهاجر من اقتحام ميناء (كاليه) بعد انتهاء مظاهرة دعما للمهاجرين الذين يقيمون في تلك المنطقة العشوائية وتمكّن 50 منهم من الصعود على متن عبّارة (سبيريت أوف بريتين) البريطانية فوقعت اشتباكات بينهم وبين الشرطة. هناك في تلك الغابة سدّت كلّ سبل الحياة الكريمة في وجوه اللاّجئين ولم يعد أمامهم سوى التسلّل خلسة إلى إحدى الشاحنات مواجهين الموت اختناقا عساهم يستعيدون بعد رحلة عذاب شاقّة ما حلموا به يوما. ونقلت (رويترز) عن دينيس جودين نائب حاكم منطقة (كاليه): (تجمّع نحو ألفي شخص في تظاهرة بكاليه وفي النهاية دخل نحو 200 منهم الميناء وصعد 50 تقريبا إلى سطح العبّارة سبيريت أوف بريتين) وأضاف أن بعض اللاّجئين قرّروا مغادرة العبّارة طواعية بينما ستتكفّل الشرطة بإبعاد الباقين وستستخدم القوّة إذا لزم الأمر. ومن جانبها قالت متحدّثة باسم الشركة المسيرة للعبّارة إن ميناء (كاليه) ما يزال مغلقا منذ مساء السبت وأن المهاجرين لم يتمكّنوا من دخول العبّارة بعدما أغلق طاقمها الأبواب لمنعهم.