سؤال بات يتردّد في الأوساط الغربية وسط التدهور المريع في الاقتصاد والارتفاع الجنوني في أسعار السلع وانهيار سعر العملة الفنزويلية (البوليفار). هذه الظروف القاسية التي تعيشها البلاد فجّرت الغليان في الشارع الفنزويلي خاصّة في العاصمة كراكاس التي انطلقت فيها مظاهرات غاضبة تطالب بإقالة حكومة الرئيس مادورو. وفيما تلقي الحكومة باللّوم على أمريكا وحلفائها في المعسكر الرأسمالي الذين تعتقد أنهم يتآمرون ضدها وضد الشعب الفنزويلي يحمّل الطلاّب والمعارضة البرلمانية حكومة مادورو الاشتراكية المسؤولية في تدهور الأوضاع. وكانت الحكومة الفنزويلية قد اضطرّت في ديسمبر الماضي إلى استئجار 36 طائرة من طراز (إيرباص) لإحضار أوراق العملة الفنزويلية (بوليفار) من مطابع في سويسرا وبريطانيا وفرنسا وهو ما يعني أن البوليفار لم يعد يشتري شيئا في كراكاس ويحتاج المواطن إلى حقيبة لحمل البوليفارات لشراء حاجياته. لكن بغضّ النّظر عن الاتّهامات المتبادلة حاليا بين الحكومة والمعارضة حول من المسؤول عن انهيار الاقتصاد والتدنّي المرعب في مستويات الحياة المعيشية للشعب الفنزويلي الذي يقدّر عدد سكانه بأكثر من 30.5 مليون نسمة (تقديرات عام 2013) فإن انهيار سعر النفط من 115 دولار في منتصف العام 2014 إلى حوالي 30 دولارا للبرميل حاليا هو السبب الرئيسي في تراجع دخل البلاد من العملات الصعبة وبالتالي عدم قدرتها على استيراد مستلزمات الحياة المعيشية من الأدوية والغذاء. وحسب مصرف باركليز البريطاني في تقريره الصادر في جانفي الماضي فإن فنزويلا تخطت مرحلة الإنقاذ وأن الافلاس بات أمرا حتميا. وبنيت تقديرات مصرف باركليز على أن البلاد لن تتمكّن من خدمة ديونها خلال العام الجاري. في ذات الصدد تشير تقديرات صندوق النقد الدولي الصادرة في منتصف ديسمبر إلى أن التضخّم في فنزويلا سيبلغ 750 خلال العام الجاري من مستوياته الحالية البالغة 275 . وهذا يعني أن الأسعار ستتضاعف 8 مرات بنهاية العام الجاري من مستوياتها الحالية. ولا تختلف تقديرات مصرف نومورا الياباني كثيرا عن تقديرات صندوق النقد الدولي حيث يتوقّع أن يصل معدل التضخم 700 . لكن الأرقام التي نشرها المصرف المركزي الفنزويلي في منتصف جانفي الجاري تشير إلى أن التضخم بلغ 144.5 مقارنة بآخر أرقامه المنشورة في ديسمبر من عام 2014 والتي قدر فيها حجم التضخّم بحوالي 68.5 . وهذا يعني أن دخل الفرد في فنزويلا انخفض إلى أكثر من 300 بين عام 2013 وعام 2015 أي أنه انخفض من حوالى 12 ألف دولار في السنة إلى أكثر قليلاً من 4 آلاف دولار وهذا بحساب القيمة الشرائية. ويلقي المصرف المركزي الفنزويلي باللوم على تجار العملة في السوق السوداء حيث يقول في تقريره الأخير إن 60 من الزيادة في التضخّم تعود إلى تجّار العملة الذين يضاربون على العملة الفنزويلية (بوليفار( مقابل الدولار. وتسعى الحكومة الفنزويلية عبر إجراءات التقشّف وخفض سعر صرف (البوليفار) ورفع أسعار المواد الأساسية مثل البنزين إلى تفادي الوقوع في براثن الإفلاس لكن هذه الإجراءات تظلّ محدودة ومحفوفة بالمخاطر السياسية حيث أنها تقوّي المعارضة وتثير غضب الجماهير ضد الحكومة الاشتراكية. وفي هذا الصدد أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يوم الأربعاء الماضي خفضا لقيمة العملة وزيادة في أسعار الوقود المدعوم في مسعى إلى احتواء أزمة اقتصادية حادّة لكن معارضي الزعيم الاشتراكي سارعوا إلى رفض هذه الخطوات قائلين إنها غير كافية. وتهدف الإجراءات إلى تعزيز الموازنات المالية.