هجمات متزايدة وموجة الكراهية تتمدد مراكز إيواء اللاجئين تحت نار المتطرفين الألمان أثار تزايد الاعتداءات الموجهة لمراكز وبيوت اللجوء بمدن ألمانية مختلفة بشكل مضطرد خلال فترة وجيزة استياء الألمان الذين عبر أكثرهم عن إحساسهم بالخجل من هذه الجرائم وطالبوا السلطات بالتعامل بشكل أكثر حزما مع الجرائم العنصرية ضد الأجانب واللاجئين بعد تحولها لظاهرة مقلقة. وجاء الكشف هذا الأسبوع عن إشعال مجهولين النيران بمراكز ونزل للاجئين في ثلاث ولايات شرقي وغربي البلاد بعد إعلان الشرطة الجنائية الألمانية عن زيادة الهجمات الموجهة لبيوت اللجوء خلال العام الماضي خمسة أضعاف مثيلاتها عام 2014. وتزامنا مع زيادة هذه الحوادث العنصرية أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الأولى شبه الرسمية بالتلفاز الألماني (أي. آر. دي) أن 83 من الألمان يشعرون بالخجل من الاعتداءات على بيوت اللاجئين. ودعا 83 من المستطلعين السياسيين الألمان إلى إدانة هذه الجرائم بشدة في حين رأى 58 من المشاركين بالاستطلاع أن السلطات لا تتخذ إجراءات كافية لحماية الأجانب واللاجئين من الهجمات العنصرية. هجمات متزايدة وشهدت ألمانيا بداية هذا الأسبوع تعرض ثلاثة بيوت للاجئين لهجمات متتالية بدأت بإضرام مجهولين النار بنزل كان معدا لاستقبال لاجئين بمدينة كيرشهونديم بمنطقة زاور لاند الواقعة غربي البلاد مما دعا بلدية هذه المدينة لتأجيل استقبال ثلاث أسر لاجئة خلال الشهر الجاري بهذا النزل الذي تعرض قبل ذلك للحريق ثلاث مرات. وأدى اشتعال النيران بمنزل للاجئين بمدينة زوننبيرغ بولاية ميكلينبورغ الشرقية لإصابة لاجئة عراقية بحروق واختناقات في حين لم يسفر حريق مماثل بمركز للجوء بهارندورف الواقعة بولاية شرقية أخرى هي سكسونيا أنهالت عن حدوث أي إصابات بين سكانه. وبموازاة الكشف عن هذه الحوادث الثلاثة التي لم تستدل جهات التحقيق عن منفذيها ذكر تقرير للشرطة الجنائية أن العام الماضي شهد تعرض مراكز ونزل اللجوء بعموم البلاد إلى 1027 اعتداءً بزيادة خمسة أضعاف عن معدل هذه الجرائم عام 2014. وأشار التقرير إلى تفاوت هذه الاعتداءات بين الحرائق واستخدام مواد متفجرة والدعاية التحريضية وأوضح أن 90 من هذه الجرائم جاءت بدوافع يمينية متطرفة و10 لا يستبعد حدوثها أيضا بدوافع سياسية ولفت إلى التوصل ل27 فقط من المشتبه في ضلوعهم بهذه الهجمات. وتحدثت الشرطة الجنائية عن هذه الاعتداءات الموجهة ضد بيوت اللجوء مشيرة إلى أن تزايدها يرتبط بزيادة مراكز اللاجئين بعموم البلاد ويعكس وصول التصورات اليمينية المتطرفة إلى الطبقات الوسطى بالمجتمع. بالمقابل اتفق خبيران ألمانيان في مجال دراسات اليمين المتطرف على أن هذه الزيادة الكبيرة بحوادث إحراق بيوت ومنازل اللجوء تمثل تطورا متوقعا وحذرا من استمرار هذه الجرائم مستقبلا إن لم تواجهها الدولة بشكل رادع بالكشف سريعا عن مرتكبيها وتقديمهم لعدالة ناجزة. دعوة للردع ورأت مدير معهد المسؤولية الإعلامية الدكتورة زابينا شيفر أن عدم القبض على متهمين بجرائم الهجوم على بيوت اللاجئين وتقديمهم بسرعة للقضاء يثير شكوكا حول الجدية بالكشف عن هذه الجرائم. وأرجعت شيفر هذه الشكوك للتهوين الرسمي من عنف اليمين وعدم إنجاز السلطات قاعدة بيانات مفصلة للجرائم اليمينية مثلما فعلت مع الإسلاميين. وأشارت الخبيرة الإعلامية إلى أن تعامل السياسة الرسمية مع الأزمة الراهنة بتشديد قوانين اللجوء يمثل إجراء خاطئا وتجاوبا مع مطالب اليمين المتطرف وتشجيعا له على مواصلة جرائمه العنصرية. وخلصت إلى أن حصول فعاليات التحريض على مساحات اهتمام إعلامي أكبر من الفعاليات المعارضة لها واستمرار التعامل مع العنصرية باعتبارها حرية رأي سيؤدي لفتح الأبواب على مصارعها لأمثال جرائم الاعتداءات على بيوت اللجوء. ركيزة أساسية ومن جانبه اعتبر الخبير بمكافحة التيارات اليمينية المتطرفة الدكتور بيرند فاغن أن اليمينيين المتطرفين يرون بالهجمات ضد نزل اللاجئين ركيزة رئيسية بمقاومتهم للنظام السياسي وإجراء ضروريا لإيقاف تدفق المهاجرين ومنع خروج البلاد عن السيطرة وللحيلولة دون (انقراض) الألمان. وشدد فاغن على ضرورة تعديل الإجراءات العقابية وزيادة ميزانية أجهزة الشرطة والتحقيقات لمواكبة التزايد الحالي بالاعتداءات الموجهة لمراكز اللجوء. وبيّن أن ضعف الشرطة وإطالة زمن المحاكمات بقضايا العنف اليميني والعقوبات المخففة بجرائم العنصرية -مثلما يحدث الآن- تمثل دعوة لليمين المتطرف لمواصلة جرائمه ضد المهاجرين واللاجئين.