رغم هروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى السعودية، بعد أن رفضت فرنسا استقباله، تواصل نزيف الدم التونسي أمس، بعد أن شهدت الساعات التي تلت هروب بن علي انفلاتا أمنيا خطيرا، وتعرض عشرات التونسيين للتقتيل على أيدي ملثمين، كما قُتل عشرات المساجين حرقا في المنستير، ويبدو أن تونس بحاجة إلى مزيد من الوقت لاستيعاب التغيير الحاصل بها· لقي عشرات الأشخاص حتفهم أمس السبت في حريق اندلع بسجن في مدينة المنستيرالتونسية· وقال أطباء في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية إن عدد القتلى وصل إلى ما لا يقل عن 50 شخصا· ووفقا للبيانات الأولية، قام سجناء بإشعال النار في مراتب فراشهم، وسريعا ما امتدت ألسنة النيران إلى جميع أنحاء المبنى· ووفقا لبيانات شهود عيان، فتح حراس السجن النار على المسجونين أثناء محاولتهم الفرار، مما أدى إلى مقتل العديد منهم بالرصاص بينهما لقي آخرون حتفهم جراء الحريق· يشار إلى أن تونس تشهد حاليا العديد من الهجمات ضد المباني والمؤسسات العامة بسبب فراغ السلطة في أعقاب فرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من البلاد· كما أعلنت مصادر متطابقة عن تمكن عشرات السجناء من الفرار من السجون المتواجدة في تونس العاصمة ومحافظات المنستير والمهدية ونابل الواقعة شرق البلاد· وذكرت مصادر حقوقية نقلا عن شهود أن عملية هروب جماعي تمت في سجن المهدية، ما دفع الحراس إلى إطلاق النار، ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، وتواترت أنباء مماثلة بشأن فرار سجناء من سجن المنستير بشرق تونس العاصمة، ومن سجن قرمبالية بمحافظة نابل· وتأتي هذه التوترات فيما دوت ظهر أمس طلقات نارية متفرقة في ضاحية الكرم شمال تونس العاصمة، حيث تبين أن وراءها أفرادا من العصابات الملثمة بهدف ترويع المواطنين· وقال مراسل يونايتد برس انترناشونال إن مواطنين تسلحوا بالعصي وقضبان الحديد خرجوا إلى الشارع الرئيسي في ضاحية الكرم وسدوا أبرز مداخله بالحجارة وبقايا السيارات المتفحمة فيما يشبه المتاريس، وذلك إستعدادا للتصدي لهذه المجموعات وللدفاع عن حرمة مساكنهم· وتجري هذه الأحداث في ظل غياب تام للجيش الذي سير فجر اليوم دورية مشتركة مع عدد من قوات الأمن في الشارع المذكور· وفي سياق ذي صلة، أكد السيد محمد الغنوشي، الوزير الأول "السابق"، أن بعض الأطراف تريد استغلال الوضع الراهن من أجل زرع حالات من الهلع والرعب في أوساط كل الفئات الاجتماعية مشددا على ضرورة التصدي لها بكل قوة وحزم· وأوضح الغنوشي في حديث أدلى به لقناة حنبعل التلفزيونية التونسية أن إلامكانيات في تونس وإن كانت محدودة فإنه سيتم تعبئتها لمواجهة الوضع الراهن الذي تمر به البلاد· وبخصوص تشكيل الحكومة التونسيةالجديدة أفاد السيد الغنوشي أن ذلك سيتم في القريب العاجل وأنه بصدد إجراء المشاورات المكثفة مع مختلف الأطراف الفاعلة في البلاد من ممثلي الأحزاب السياسية وأعضاء المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني من أجل تشكيل الحكومة الجديدة التي ستكون في مستوى الطموحات وتستجيب لتطلعات الشعب التونسي على حد قوله· وبهذا الصدد أشار إلى أن رؤساء اللجان التي تم إقرارها لمعالجة الإشكاليات العميقة القائمة سيتم تعيينهم في القريب العاجل للشروع في أعمالهم، وأعرب عن حرصه الكبير على الاستجابة التامة لمختلف تطلعات الشعب التونسي قصد تحقيق ما أسماه بالمنعرج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي سيتيح للبلاد الخروج "القوي من هذه الأزمة الراهنة· ودعا إلى تكاتف جهود كل المواطنين التونسيين للدفاع عن أنفسهم مشيرا إلى أن قوات الأمن ووحدات القوات المسلحة تعمل دون هوادة من أجل استعادة الأمن والطمأنينة في مختلف أحياء العاصمة التونسية وشتى مناطق البلاد·