الشيخ: قسول جلول إن وضعت نفسك موضع الشبهة فقد أشهدت الناس على نفسك ونفسك أحق باللوم من غيرها!! وكنت قدوة سيئة. من المظاهر التي لا ينبغي لها أن تكون في المجتمع الجزائري وهي آفة خطيرة باعتبارت مآلاتها وآثارها لما لها من نتائج سلبية في المجتمع يحسبونها هينة وهي عند الله عظيمة تعبر عن آثاره التي قال الله عنها (سنكتب ما قدموا وآثارهم) ويصبح كقدوة لانتشار الأفعال السيئة والله تبارك وتعالى حذرنا من ذلك بقوله ((إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون))الآية 19 سورة النور. ومن هدي الذي لاينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم أن كل الناس معافى إلا المجاهرون فالمجاهر بأفعاله وأقواله السيئة ومعاصيه إنما يريد أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا من حيث علم أم لم يعلم والمعلن لأفعال السوء قد نزع الحياء من قلبه ووجهه يقول أحد الصالحين: إذا هممت بمعصية فأرم ببصرك إلى السماء واستحيي من خالقك فإن لم تردع فارم ببصرك إلى عباده فإن لم تستح من رب السماء ولا من خلقه فاسأل الله أن يمن عليك فإنه لا عقل لك وعد نفسك من البهائم وربنا يقول في القرآن الكريم ((لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها أولائك كالأنعام بل هم أضل أولائك هم الغافلون))الآية 179سورة الأعراف. وإن أغلب الحدود التي شرعها الإسلام إنما تقام على هذا النوع من الناس الذين لايستحيون من الله وهو معهم أينما كانوا ومن هنا نعرف وجه الشبه بين هذا المجاهرالمستهتر وبين دواب الأرض فلا حياء يمنع ولا عقل يردع ولا أذن للنصيحة تسمع ولا ضمير يؤنب فلم يبق إلا الجلد أو القطع لقطع دابر شره وصيانة المجتمع من شيوع الفواحش وحمايته وككل مستدرج مغرور فإن الكثير من هؤلاء يحاول أن يجد المبرر لسوء فعله وانعدام حيائه واستهتاره كقولهم أنا حر فيما أفعل ولا أحد يحاسبني إلا الله ولو كان القائل ذا علم أو عقل سليم لعلم أن حريته تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين والمقصود بالآخرين هنا هو المجتمع بأكمله له دين يدين به لخالقه وله قيم وأعراف يجب الأخذ بها لقوله جل وعلا ((خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين)) الآية 199 الأعراف. استدراج ومنهم من يقول أنا لا أخاف إلا الله ولا يهمني رأي الناس أبدا وهذا القول هو استدراج بعينه وهو خلاف الفطرة فلا يمكن للإنسان أن يعيش بعيدا عن الناس وحاجتك لهؤلاء الناس الذين لا يهمونك أعظم من حاجتهم إليك فمنهم الطبيب لعلتك ومنهم المعلم لولدك ومنهم الإمام لدينك ومنهم التاجر لحوائجك والناس هم شهداء الله في الأرض ففي الحديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (مَرَّتْ جِنَازَةٌ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَتَتَابَعَتِ الْأَلْسُنُ لَهَا بِالْخَيْرِ فَقَالَ: (وَجَبَتْ). قَالَ: وَمَرَّتْ جِنَازَةٌ فَقِيلَ لَهَا شَرًّا حَتَّى تَتَابَعَتِ الْأَلْسُنُ عَلَيْهَا بِالشَّرِّ فَقَالَ: (وَجَبَتْ) ثُمَّ قَالَ: (أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْأَرْضِ)رواه أحمد. فمراقبة الخالق جل وعلا والخوف منه كفيلة أن تمنع المؤمن من الوقوع في مواطن الشبهات فضلا عن الجهر بالمنكرات فالذي لا يضع نفسه مواضع الشك والريبة لا يدفع إخوانه إلى سوء الظن به وإن كان متحريا للصدق في طاعته لخالقه كان الجزاء العاجل في الدنيا أن يظهر رب العالمين محاسنه وينشر فضائله وإن في إخفائها ويزرع ربك حبه في قلوب الناس قال تعالى ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)) الآية 96 سورة مريم ومما هو شائع في أقوال الناس اليوم قولهم حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فيه الناس ؟! فأعلم أن خالق الناس قد نسب له الناس الولد ؟ !!! ولكن أي ناس هؤلاء هم الكفرة !! الفجرة! وأهل الشرك وأظنك تعيش مع قوم يقولون لاإله إلا الله محمد رسول الله ثم من أنت حتى تجعل نفسك في منزلة خير الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم .؟؟!!... كان صلى الله عليه وسلم حريصا على سلامة صدورأصحابه يمر مع زوجته على قوم من أصحابه ليلا يتفرقون فيقول صلى الله عليه وسلم: على رسلكم إنها صفية قالوا يا رسول الله أوفيك نشك؟ قال صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم). ودخل أبو العاص ابن الربيع زوج ابنته زينب قبل أن يفرق الإسلام بينهما بعد أن أخذ الصحابة تجارته وفر هاربا حتى دخل على بيت زينب فقامت عليها رضوان الله إلى المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس وقالت أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص ابن الربيع قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعد الصلاة هل سمعتم ما سمعت والله ما كان لي من علم بالخبر إلا الآن حرصا منه صلى الله عليه وسلم على أن لا يتسلل الشك والريبة إلى قلوبهم أما أعداؤه من الكفرة والمشركين فقد كانت أقوالهم كفرا وطعنا في الدين وتكذيبا لرسالة رسول رب العالمين أما أخلاقه وخلقه فقد كان قبل البعثة يلقب بالأمين والفرق واضح لمن عقل فإن ابتغيت ستر الله وشكرته على ذلك وابتعدت عن مواطن الشبهات فكلام الخلق لا ينقص من قدرك عند الخالق شيئا وإن وضعت نفسك موضع الشبهة فقد أشهدت الناس على نفسك ونفسك أحق باللوم من غيرها ولقد كان الصالحون يرون في أعدائهم هم أعوانهم على الخير فربما دلوهم على عيوب لم ينتبهوا لها ومهما كانت فلست بذلك العظيم الذي كان الناس يحسدونه وبالباطل يتهمونه. فراجع نفسك واحذر فإن عدوك شيطان ماكر والله المستعان.