إخلاف الوعد ..... سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق صدوق صادق الوعد منصفا ظاهرة إخلاف الوعد ونقض العهد إذا المرءُ لم يلبس ثيابا من التقى تقلَّب عريانا ولو كان كاسيا وخيرُ لباس المرء طاعةُ ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا يجب أن نعلم علم اليقين أن الدين صدق أن الدين وفاءٌ بالوعد أن الدين إنجاز للوعد هذا هو الدين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك قَالَ مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا قَالَ: (لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ) ...تمر السنين بأحداثها حلوها ومرها فهناك الصادق وهناك الكاذب وهناك الموفِّي وهناك الناكث وهناك المعذور.... وتبقى في الذاكرة صور محفورة لمواقف ماضية مع أحبة كنا نراهم سندا وذخرا يوفون بعهدهم إذا عاهدوا ..... من المظاهر الاجتماعية التي عمت بها البلوى وتفشت في المجتمع ظاهرة إخلاف الوعد ونقض العهد فكلنا سمعنا من ألسنة أشخاص كبار يظهر على وجوههم الخير ولكن يعيدون ولا يوفون بعدهم إذا عهدوا !! أشخاص يظهر على وجوههم الكبر ولكن يعيدون ولا يوفون بعهدهم إذا عاهدوا!! وكم من أشخاص يظهرون لك الود والخير ويحلفون بالله إنهم يحسنون صنعا وكم من أناس يلبسون لباسا محترما يحملون شعار الشيطان!!(يعدهم ويمنيهم وما يعدونهم الشيطان إلا غرورا). يصدق عليهم قول الله عزوجل ((وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم....))الآية 4. سورة المنافقون أصبح من يعدك في يومياتنا ..لا حدث ! كقولهم غدا نلتقي: لا الواعد ولا الموعد ....يصدق ذلك بل لا يسجلها في ذاكرته !! أصبح من يعهدك في يومياتنا .. لا حدث كقولهم غدا نفي بعهدي لا العاهد ولا المعهود ....يصدق ذلك بل لا يسجلها حتى في ذاكرته !! فكم من شاب قضى حياته ينتظر أحدا وعده ؟؟؟؟وكم من امرأة وعدوكا ....وعاهدوها قضت حياتها تنتظر ما وعدوها .. وبما عاهدوها. فكم من مريض ....وعدوه ؟؟؟ ومات وهو ينتظر وكم من وعدوه بالعمل وأفنى حياته وهو ينتظر !!وكم وكم ؟؟؟ من ليله بل نهاره بل شهره بل عامه بل حياته وهو ينتظر !! فأي آثار ونتائج وآلام من ينتظر الوعد أو تنفيذ العهد !! نتفق جميعا أن الآثار المادية والمعنوية كبيرة وإثمها عند الله عظيم (سنكتب ما قدموا وآثارهم) فهي بمثابة الوأد وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت ؟؟؟ فهي بمثابة خيانة الآمانة والله يقول ((ياأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)) ويحلفون بالكذب وهم يعلمون غدا نلتقي !غدا نأتيك بشيء ! غدا نفعل كذا ! غدا ستذهب إلى كذا! فأنت له مصدق ! وهو لك كاذب فكم من مصالح تعطلت! ... وكم من أفكار أفسدت !.فكرة خطيرة عدم التصديق عند عامة الناس !! وأصبح مخالفة الوعد ونقض العهد هي الأصل وعكسها الوفاء بالعهد وعدم إخلاف العهد هما غريبان في مجتمعنا !! ومن الناس من يعدون وهو يريدون أن يوفُّوا بما وعدوا فهم صادقون ومن الناس من يعدون وهم لا يريدون أن يوفُّوا بما وعدوا فهم كاذبون عند الله ومن الناس من يعاهدك وفي نيتهم أن يوفُّوا بما عاهدوا عليه فهم عند الله صادقون ومن الناس من يعاهد وفي نيتهم أن لا يوفُّوا ما عاهدوا عليه فهم كاذبون والوعد والعهد يجمع بينهما أن الإنسان يقطع بشكل جازم بتنفيذ ما وعد أو ما عاهد ولكنه الفرق بين الوعد والعهد أن العهد أكثرُ توثيقا قد تدعمه أيمانٌ كثيرةٌ وقد تدعمه أوراق وتواقيع الإنسانُ قد يعد أو يعاهد وفي نيته الأكيدة أن يفيَ بما وعد به أو بما عاهد عليه ولكن ظروفا طارئةً ووضعا صعبا يحول بينه وبين تنفيذ ما وعد أو ما عاهد فهذا الصنف معذور عند الله جل وعلا والله وحده يعلم ما إذا كان صادقا في اعتذاره أو ما إذا كانت الظروفُ التي حالت بينه وبين تنفيذ عهده ووعده حقيقية أو مفتعلةً هذا أمره إلى الله فهناك الصادق وهناك الكاذب وهناك الموفِّي وهناك الناكث وهناك المعذور وهناك من يدَّعي العذر والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ... وربُّنا جلَّ في علاه فإذا وعد فهو لا يخلف الميعاد لذلك قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً) 132 سورة النساء (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) 61 سورة القصص إذا أردت أن يدخل الناسُ في دين الله أفواجا فتخلَّق بالأخلاق الإسلامية وإذا أردت أن يخرج الناسُ من دين الله أفواجا فأجرِ العبادات بشكل أجوف ولا تتخلَّق بالأخلاق الإسلامية الذي يجذب الناسَ إلى الدين لا عباداتك ولا أورادُك ولكن أخلاقك يقول الله عزوجل: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً)34 سورة الإسراء هذا أمرٌ في القرآن الكريم وكل أمر يقتضي الوجوب قال تعالى (قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا) 34سورة الأنعام وقال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّة أَنْكَاثاً)الآية 91سورة النحل. قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)الآية 8سورة المؤمنون وقال تعالى: (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) 177سورة البقرة. هذا ما في القرآن الكريم من آيات قطعية الدلالة على المؤمن مأمور من قِبل الله عزوجل بالوفاء بوعده والوفاء بعهده أما ما في السنة النبوية المطهَّرة من إشارات وعبارات كثيرة واعتبره من صفات المؤمنين أما إخلاف الوعد فهو من صفات المنافقين قولا واحدا إذا أردت دليلا قطعيا على نفاق الإنسان ففي إخلاف وعده ونقض عهده ويعدُّ نقض العهد وعدم الوفاء بالوعد غدرًا يبعد أن تفعل إثم الوعد أو نقض العهد فهذا نوعٌ من أنواع الغدر لذلك روى الإمام البخاري ومسلم عَنْ أَنَس عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لِكُلِّ غَادِر لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ أَحَدُهُمَا يُنْصَبُ وَقَالَ الْآخَرُ يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ)) رواه البخاري وما أكثر ما يجري بين المسلمين من وعد لا تُحقَّق ومن عهود لا تُنفَّذ وما الله به عليم وهذه أخلاق الماديين وهذه أخلاق أهل الدنيا وهذه أخلاق المنافقين فالمسلم لاينقض وعدك أو يخلِف عهدك. إن أكثر الذنوب يسترها الله عزوجل عن عباده يوم القيامة حتى لا يُفضَحوا بها لكنَّ ذنب الغدر عظيمٌ وآثاره خطيرة لذلك يفضح الله به فاعلَه على رؤوس الأشهاد يوم القيامة لأنه خلقٌ ذميم وقبيح. ولو نقضتَ عهدك مع مجوسي لحاسبك اللهُ حسابا عسيرا مع مجوسي مع عابد صنم مع ملحِد قال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) الآية 4سورة التوبة. بهذه الأخلاق أشرقت الأرض بنور ربها في مشارق الأرض ومغاربها فإذا تركنا هذا الخلق خلق الوفاء بالوعد والعهد عدنا إلى الجاهلية أيها الإخوة الأكارم حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم واعلموا أن الكيَّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني والحمد لله رب العالمين. بقلم: الشيخ قسول جلول