قرى ومداشر تلتزم بإحيائها في مختلف ربوع الوطن الوعدة .. موروث شعبي يقاوم رياح العصرنة من منا لا يعرف معنى الوعدة كعادة اجتماعية ضاربة في الأعماق فمن الوعدات المصغرة التي تقيمها بعض الأسر من باب التصدق إلى الوعدات الكبيرة المقامة عبر المدن في ولايات عديدة فصفة التراحم والتضامن بين أفراد المجتمع الجزائري عملت على ترسيخ تلك العادة الحميدة التي تحولت إلى عرف ملزم ببعض الولايات على غرار وعدة (سيدي الشيخ) بولاية البيض ووعدة سيدي لعجال بمستغانم وغيرها من الوعدات التي اتخدت تسميات كبار الشيوخ بتلك المناطق المشهورين باعتدالهم وأفعالهم الخيرة. خ. نسيمة/ ق. م وبقيت تلك الوعدات جارية في مجتمعنا والتصق بها الجميع خاصة وأنها من بين العادات الحميدة التي تقوي أواصر المحبة بين أفراد المجتمع الواحد وتهدف إلى العديد من الأهداف الإيجابية كمساعدة الفقراء والمعوزين بإطعامهم أو حتى مساعدتهم ببعض من المال ولا ننفي أن حتى بعض العائلات صارت تقوم بتلك العادات على شكل وعدات مصغرة تبعد الأذى وتضاعف الثواب. في هذا الصدد تحدثنا إلى بعض النسوة حول الوعدات فكانت لهم آراء تصب كلها في وعاء تبجيل تلك العادة الحميدة التي تحمل الكثير من الأهداف النبيلة. تقول السيدة يمينة في العقد السابع إنها تحبد بين الفينة والأخرى إقامة وعدة في بيتها بحيث تدعو أبناءها وبناتها ويجتمعون في البيت وتعد الكسكسي لهم ولأحفادها مع إلزامية إرسال قصعة إلى المسجد تصطف باللحم أو الدجاج حسب إمكانياتها المادية كما ترسل أطباقا من الكسكسي إلى جيرانها بحيث دأبت على تلك العادة ولا تستطيع التوقف عنها ما حيت ورأت أن ذلك من باب التصدق فالصدقة تنفع في الحياة وبعد الممات وأضافت أنها ستواصل إقامة تلك الوعدات في بيتها لجلب البركة وإبعاد كل مكروه. وعدة سيدي سعادة تستقطب جمهورا غفيرا استقطبت وعدة (سيدي سعادة) التي انطلقت فعالياتها مساء الخميس الماضي بالبلدية التي تحمل نفس الإسم (حوالي 30 كلم غرب مدينة غليزان) جمهورا غفيرا للزوار الذين قدموا من مناطق مختلفة للجهة الغربية للوطن. ويحظى زوار ضريح هذا الولي الصالح الذي دأب سكان المنطقة على تنظيم هذه الوعدة تزامنا مع فصل الربيع بإكرام من أهل المنطقة الذين يجتهدون في تقديم طبق (الكسكسي) على مستوى الخيم التي تقام بهذه المناسبة ويتكفل أحفاد الولي الصالح وسكان بلدية سيدي سعادة بنصب الخيم التي تجمع الزوار وحفظة كتاب الله الذي يتلون قراءات جماعية للقرآن الكريم وبعض المدائح الدينية كما يستمتع الحضور بعروض الفنتازيا التي يتفنن فيها عشرات الفرسان الذين يمتطون الأحصنة العربية والعربية البربرية الأصيلة من ولايات معسكر وتيارت وغليزان والتي تجلب جمهورا غفيرا. ويعتبر هذا الموعد التقليدي السنوي المنظم على مدار يومين مناسبة لاقتناء بعض المنتجات التي تعرض خلال الأنشطة التجارية المنظمة كالألبسة التقليدية والمنتجات الحرفية والحلي والحلويات التقليدية. وتتخلل التظاهرة نشاطات ترفيهية تمتع الزوار الوافدين من ولايات وهران ومستغانم ومعسكر بوصلات فلكلورية محلية التي تمتع الحاضرين بنغمات الزرنة والقصبة والطبل جدير بالذكر بأن الولي الصالح سيدي سعادة يعود نسبه - حسب كتاب ابن الخطيب- إلى سيدي محمد السعادي وصولا إلى فاطمة الزهراء بنت الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. و عتبر أحد أبرز المتصوفين والمقاومين بمنطقة غليزان الذين ذاع صيتهم في التصدي ومحاربة المستعمر على غرار سيدي أمحمد بن عودة وسيدي لزرق وسيدي بوعبدالله وسيدي خطاب وسيدي بلعسل وسيدي عابد وغيرهم من وأولياء الله الصالحين. للإشارة فالوعدات والمواسم الدينية المخلدة للأولياء الصالحين أضحت من التظاهرات الكبرى بولاية غليزان وكذا المناطق المجاورة ولم ينقطع السكان على إقامتها منذ قرون مهما كانت ظروفهم لما لهذه المناسبات من دور في ربط حاضرهم بماضيهم كما يؤكد على ذلك منظمو هذه الاحتفاليات.