قال راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الإسلامية التونسية المعارضة والمقيم حاليا في منفاه بلندن والذي ينتظر العفو ليستطيع العودة إلى تونس، إن حركته لا تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في البلد، وإنما التخلص من "نظام الحزب الواحد مهما كان"، مشددا على أن "كل ما تحتاجه تونس اليوم هو الحرية". ففي حديث له مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية في عدد اليوم الاثنين، قال الغنوشي: "أنا قبل كل شيء مواطن تونسي يريد العودة إلى بلاده"، معربا عن أمله في أن تتم هذه العودة قريبا جدا. وردا على سؤال حول تطلعاته، قال الغنوشي: "لستُ الخميني (الزعيم الإيراني الراحل آية الله روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية) وتونس ليست إيران، نريد تقديم مساهمة فكرية في هذا المنعطف التاريخي الذي يخرج تونس من عهد القمع إلى الديمقراطية". وأردف قائلا: "إننا لا نريد نظام الحزب الواحد مهما كان، ولا فرض الشريعة إن ما تحتاجه تونس اليوم هو الحرية والديمقراطية الحقيقية". ودعا إلى رحيل "عناصر الحرس القديم" الذين ما زالوا في المؤسسات الانتقالية التي تريد "محاكاة نظام تعددي ديمقراطي". وأكد راشد الغنوشي (70 سنة) أنه "لن يترشح لأي منصب"، مشيرا إلى أن "هناك شباب لذلك في حركتنا". في نفس السياق، وصف الغنوشي في تصريحات لفضائية "الجزيرة" القطرية السبت حركته بأنها إسلامية معتدلة وديمقراطية تستند إلى مُثل ديمقراطية في الثقافة الإسلامية. وأضاف أن بعض الأشخاص يحاولون أن يضعوا عليه عباءة الخميني مشيرا إلى انه ليس الخميني وليس شيعياً. وحول المتشددين الذين يرفضون أي ديمقراطية على النمط الغربي ويطالبون بإقامة دولة إسلامية تقليدية، قال الغنوشي إن حركته بعيدة جدا عن هذا الموقف، معربا عن اعتقاده بأنه ليس لمثل هذه الفكرة أي مكان داخل الاتجاه الإسلامي المعتدل، مؤكدا أنها "فكرة متطرفة ولا تستند إلى فهم صحيح للإسلام". ويقول محللون أن الإسلاميين المعتدلين في تونس ربما يجذبون الكثير من الأتباع بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي في الوقت الذي ربما يتمكن فيه متشددون من التسلل إلى تونس. وفرضت العلمانية بصرامة في تونس منذ ما قبل استقلالها عن فرنسا في عام 1956، فالحبيب بورقيبة الذي قاد حركة الاستقلال وتولى رئاسة تونس لفترة طويلة كان ذا توجهٍ قومي واعتبر الإسلام "تهديدا للدولة؟" وسن عدة قوانين قمعية تمنع الحجاب والتعددية الزوجية. وفي عام 1987 عندما نحى بن علي بورقيبة عن السلطة أفرج عن الإسلاميين من السجون لفترة قصيرة وسمح لهم بالمشاركة في انتخابات 1989. وأشارت النتائج الرسمية لتلك الانتخابات إلى حصول حركة النهضة وهي أكبر حركة إسلامية في تونس على 17 في المائة من أصوات الناخبين وجاءت في الترتيب التالي للحزب الحاكم، وتشير بعض التقديرات إلى أن الحركة ربما تكون قد فازت بثلث الأصوات ولكن النظام زور النتائج. وأسس راشد الغنوشي حركة النهضة الإسلامية سنة 1981 مع مفكرين من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبعد أن كان متسامحا معه لدى توليه السلطة سنة 1987، قمع الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الحزب بعد انتخابات 1989 التي حصلت فيها النهضة على 17% من أصوات الناخبين. وغادر الغنوشي على إثرها من تونس إلى الجزائر ثم لندن وفي 1992 حكم عليه غيابيا بالسجن مدى الحياة مع مسؤولين آخرين بتهمة "التآمر على الرئيس". وأقرت الحكومة الانتقالية التونسية الخميس مشروع قانون عفو عام سيُطرح على البرلمان. وتشكلت الحكومة المؤقتة اثر فرار بن علي إلى السعودية في الرابع عشر من يناير، بعد شهر من اندلاع حركة احتجاج شعبية غير مسبوقة. وأعلنت الحركة الأسبوع الماضي أنها ستطلب إضفاء الشرعية عليها والموافقة على إنشاء حزب. * حول المتشددين الذين يرفضون أي ديمقراطية على النمط الغربي ويطالبون بإقامة دولة إسلامية تقليدية، قال الغنوشي إن حركته بعيدة جدا عن هذا الموقف، معربا عن اعتقاده بأنه ليس لمثل هذه الفكرة أي مكان داخل الاتجاه الإسلامي المعتدل، مؤكدا أنها "فكرة متطرفة ولا تستند إلى فهم صحيح للإسلام".