يزداد التطور التكنولوجي مع مرور الأيام، ويفاجئنا العقل الإنساني باختراع واكتشاف أمور لا بد أنها تزيد حياتنا سهولة، لكن وللأسف، فإن البعض لا يستعملون تلك المستحدثات إلاّ في وسائل الشر، مثلما يحدث مع الشبكة العنكبوتية التي كادت سلبياتها تطغى على إيجابياتها، حيث يقوم البعض باستعمالها للانتقام وقذف المحصنات. ابتكر بعض الرجال طريقة للانتقام من صديقاتهم أو خطيباتهم أو حتى من فتاة لا يعرفونها صدتهم مرة، حيث يدخل الواحد منهم موقعا إلكترونيا فيضع فيه رقمها الهاتفي على أنه رقم فتاة عاهرة تبحث عن علاقات مشبوهة، وهو الأمر الذي سيسبب الكثير من الإحراج للضحية، بل وقد يجعل حياتها تضطرب كليا، خاصّة إذا ما اكتشف فرد من عائلتها، وقد يكون زوجها، الأمر وصدقه. تحكي لنا سهى ما حدث لها مرة على شبكة الأنترنت، حيث أنها دخلت إلى إحدى مواقع الدردشة الإلكترونية، فتفاجأت بوجود رقم هاتفها النقال واسمها مكتوبين عليه، وأمامهما كلمة عاهرة، وعندما قامت بإشعال هاتفها الذي كان مقفلا، تفاجأت بالمكالمات تتهاطل عليها والرسائل الإلكترونية التي تدعوها إلى إقامة علاقات مشبوهة، ففهمت أن أحدهم وضع رقمها على الموقع، إما لينتقم منها أو ليزعجها، أو أن فتاة أخطات في كتابة الرقم، لكن ذلك لم يمنع سهى من تغيير رقم هاتفها لأنها أدركت أنّها ستتلقى حتما مكالمات أخرى. وإذا كانت سهى قد تفطنت إلى الأمر بنفسها فتمكنت بذلك من معالجة الوضع، فإن أخريات سببت لهن هذه الحوادث مشاكلَ لا بداية ولا نهاية لها، وتحكي لنا فوزية قصتها فتقول إنها تركت خطيبها منذ مدة، لكنه ظل طيلة ثلاث سنوات يزعجها بمكالماته الهاتفية ويضايقها في الشارع، وكانت كلما غيَّرت رقمها الهاتفي، إلاّ ووجد طريقة لكي يعرفه، ومن ثمة يتصل بها ليضايقها، لكنها عندما تزوجت تخلصت منه، أو حسبت ذلك، فلم يعد يجرؤ على الاقتراب منها أو إزعاجها لا في الطريق ولا في مكان آخر، بل لم يعد يقترب حتى من بيتها، ولم تدرك فوزية أنه وإن تركها تلك المدة القصيرة إلاّ أنه لم ينسها بل راح حقده عليها وعلى ما فعلته به يتنامى ويزداد إلى أن وجد الطريقة المثلى لكي ينتقم منها، كان ذلك بواسطة الأنترنت، ومن خلال أحد المواقع الإلكترونية، بل من خلال الكثير من المواقع الالكترونية التي استطاع الدخول إليها، ووضع رقم هاتفها وحتى عنوانها، ثم ادعى بأنها فتاة مومس تبحث عن رجل تعاشره، ولم يكتف بذلك فقط، بل راح يحادث أشخاصا غرباء على الأنترنت باسمها، ويدعوهم إلى مواعيد غرامية، وكانت الأماكن التي عادة ما ترتادها فوزية، مقر عملها، بيت والدتها وأختها، وكان يصفها لهم بدقة حتى يتعرفوا عليها، وفعلا فقد اصطدمت مرة بشخص تقدم نحوها، وأخبرها أنه الشخص الذي تعرف بها على الأنترنت، فاستاءت وشتمته قبل أن تتلقى مكالمات هاتفية من نفس النوع، فأدركت أن شخصا ما دبر لها تلك المكيدة. أما خطيبها الذي فعل كل ذلك، فقد راح يتصل بزوجها ويخبره أنها على علاقة مع آخرين، أنه »فاعل خير«، والدليل على صدقه المكالمات التي تتهاطل عليها صباح مساء، وشك زوجها في أمرها بعدما رآها تتلقى مكالمات فلا ترد عليها عندما تكون معه، ولم يكن من عادتها أن تفعل ذلك، وعندما سألها عنها ارتبكت وترددت قبل أن ترد بأن بعض الأشخاص يزعجونها على الهاتف، فلم يقتنع وكاد أن ينفصل عنها لولا أنها صارحته بالأمر، فصدقها، قبل أن تفكر في أنّ خطيبها لا شك وراء كل ذلك. وسعاد هي الأخرى حولت تلك المكالمات حياتها إلى جحيم حقيقي، لمدة سنة كاملة، حيث راح أحد زملائها في الثانوية ينشر رقم هاتفها على الأنترنت، انتقاما منها لأنها صدته يوما، ويا ليتها اكتشفت الأمر بنفسها، فتستطيع معالجته قبل أن ينتشر، بل إن أخاها الذي كان يتصفح موقع الدردشة الالكترونية، رأى رقمها الهاتفي، وأمامه دعوة إلى ممارسة البغاء، فاندهش وصدق الأمر، واتجه إليها يعنفها ويضربها، ثم فقد ثقته بها كليا قبل أن يكتشف من أحد أصدقائه الذين يعرفون الفاعل أنّ أخته كانت مظلومة، ولم تكن إلاّ ضحية لألعوبة قذرة حيكت ضدها.