صحيح أنّ الشبكة العنكبوتية من الوسائل التكنولوجية التي سهّلت حياتنا، لكنّ ما يوجد على صفحات الأنترنت ليس بالضرورة مفيدا، بل قد تطغى أضرارها على فوائدها فيصبح التخلي عنها خيراً وأدعى للسلامة. أسوأ ما يوجد على الأنترنت من صور وفضائح واعتداءات إلكترونية يمكن أن نتعرض لها، ربما من غرباء لم نعرفهم من قبل، أسوأ من ذلك كله أن نسيء استعمال هذه الوسيلة فنضر أنفسنا ونظلمها قبل أن يظلمنا الغير، وإساءة استعمال الأنترنت وعدم التمكن من أدواتها قد يوقعنا كما أوقع الكثير من الناس في مواقف حرجة، بل في عمليات استفزاز خطيرة قد تغير حياتنا وتقلبها رأسا على عقب. هذا ما حدث مع راضية، التي اشترت كمبيوترا بعد أن انتقلت إلى بيت الزوجية، وألحت على زوجها أن يربطه بشبكة الأنترنت خاصة وأنها ستساعدها على إمضاء الوقت في غيابه، وهي التي لم تعتد المكوث بالبيت طيلة النهار دون أن تخرج للدراسة أو العمل، ولم يجد زوجُها من داع للرفض، فاقتنى لها كمبيوترا وزوده بالأنترنت ففتحت بريدا الكترونيا، ثم موقعا على طريقة »البلوغ«، وضعت فيه بعض صورها ومعلومات عنها وعائلتها وزوجها، وذكريات وقعت لها في صغرها وغير ذلك، ولم تحسب أن ذلك قد يسبب لها أضراراً، بأيّ شكل من الأشكال، بل اتخذت الأمر متعة وتسلية، ومن جهلها لما يمكن أن تتعرض له نست أو لم تكن تعلم أنها لا بد أن تحمي الصور التي تضعها على موقعها حتى لا يتمكن شخصٌ آخر من الاستيلاء عليها، ومن ثمة تركيبها وفبركتها وهو ما وقع، حيث أرسلت لها على بريدها الالكتروني مرة رسالة من أشخاص يهددونها بأنهم سيرسلون صورَها مع عشيقها وفي وضعية مخلَّة بالحياء لزوجها إن لم تخضع لهم، حيث أرسلوا لها صوراً مفبركة مع شخص لا تعرفه، وطلبوا منها إما أن تعطيهم مالاً أو تمنحهم شرفها، فاحتارت راضية في الأمر، لكنها تجاهلته، وحسبت أن فيه خدعة ما، وربما كان زوجها من دبر ذلك ليمازحها، لكن التهديد كان أبعد ما يكون عن المزاح، ولم تعرف ذلك إلاّ وهي ترى زوجها يعود إلى البيت غاضبا، ويحدثها عن تلك الصور، ويصرخ في وجهها ويشتمها، وكاد يضربها، ولأنها لم تفهم شيئا لم ترد عليه، فحسب أنها خجلت من فعلتها فرمى عليها يمين الطلاق، إلى أن أثبتت براءتها بعدها فاعتذر منها وأعادها إلى عصمته من جديد. هي قصة من بين قصص كثيرة وقعت لأشخاص تعرضوا إلى تهديدات ومن ثمة انطلت الحيلة على ذويهم وأقاربهم، فشكوا فيهم، أما آخرون، ولجهلهم بعالم الأنترنت وبأن كل ما ينشروه قد يطلع عليه أشخاص آخرون، تمكن البعض من استفزازهم وفضحهم والاطلاع على أسرارهم، وهو بالضبط ما حدث مع زوليخة الفتاة صاحبة الثامنة عشرة سنة والتي كانت حديثة العهد بالأنترنت، عندما فتحت بريدا الكترونيا، وراحت تراسل من خلاله أصدقاءها ويراسلونها، وكانت تترك بريدها الإلكتروني مفتوحا، لأنها لم تكن تعلم أنه لا يكفي غلق الموقع حتى يختفي البريد، بل لا بد من إقفال البريد قبل ذلك، وعندما استعمل أخوها الأكبر الحاسوب عثر على رسائل غرامية أرسلها أو أرسلت لها من طرف شباب، من أصدقائها وحتى من أبناء الحي ومن أصدقائه كذلك، وهو الأمر الذي لم يحتمله فضربها حتى سبب لها عاهة مستديمة. آخرون يذهبون إلى أكثر من ذلك فيرسلون أسرارهم إلى أشخاص لم يعرفوهم إلاّ على شبكة الأنترنت، وقد يكونون من معارفهم وجيرانهم أرادوا التجسس عليهم، واستفزازهم، ليأخذوا منهم معلومات من شأنها أن تكون أداة للاستغلال والاستفزاز.