الجزائر فقدت "موسوعة".. وبوتفليقة وصفه بالرجل العظيم بوعلام بسايح.. وداعا "الرجل الموسوعة".. مسيرة طويلة في خدمة الجزائر شيّعت، بعد ظهر الجمعة، جنازة الفقيد بوعلام بسايح وزير الدولة المستشار الخاص و الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية بمقبرة العالية (الجزائر العاصمة)، وذلك بحضور جمع غفير من المواطنين، وعدد كبير من المسؤولين والوزراء والشخصيات الوطنية التي أبت إلا مرافقة فقيد الجزائر إلى مثواه الذي ضم جثمانه بعد مسار طويل للراحل الذي وصفه الرئيس بوتفليقة بالرجل العظيم. قبل ذلك تم إلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد، وقد توافدت أعداد كبيرة من بينهم شخصيات سياسية وأصدقاء المرحوم ورفاق دربه على منزله بالعاصمة لتقديم التعازي لعائلة الفقيد وإلقاء النظرة الأخيرة عليه وهذا قبل تشييع جنازته. الجزائر تفقد "موسوعة" انتقل "الرجل الموسوعة" الدكتور بوعلام بسايح وزير الدولة المستشار الخاص والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية إلى جوار ربه عن عمر ناهز ال 85 عاما اثر مرض العضال، وقد وافته المنية بالمستشفى العسكري لعين النعجة، يوم الخميس، لتفقد الجزائر رجلا سياسيا وكاتبا ومجاهدا سابق كان عضوا بالأمانة العامة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية من 1959 إلى 1962. وتقلد الراحل عدة حقائب وزارية وقد عين على التوالي وزيرا للإعلام، ووزيرا للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، ثم وزيرا للثقافة، فوزيرا للشؤون الخارجية عام 1988، إلى جانب أنه شغل بعد الاستقلال عدّة وظائف كسفير في العديد من العواصم الأوروبية (بارن، والفاتيكان) والعربية (القاهرة، كويت سيتي، والرباط، كما عين أمينا عاما لوزارة الشؤون الخارجية في عام 1971، مع العلم انه من مواليد 1930 بالبيض حاصل على دكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية، وأستاذ سابق في الأدب - التحق بسايح (رحمه الله)، بصفوف جيش التحرير الوطني بالناحية الثامنة من الولاية الخامسة مطلع عام 1957. تقلد رتبة ضابط جيش التحرير الوطني، وأسندت له بداية من عام 1959، مهام سامية في صفوف الثورة المسلحة بحيث تولى مهمة عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية من عام 1959 إلى 1962 وقد شارك بصفته وزيرا للشؤون الخارجية، مشاركة حثيثة في الجهود التي بذلتها اللجنة الثلاثية المتكونة من الجزائر، والمغرب، والمملكة العربية السعودية المقررة بالقمة العربية المنعقدة بالدار البيضاء، والتي توجت باتفاق الطائف الذي وضع حدا لمعانات الشعب اللبناني المريرة وفي عام 1997، عيّنه رئيس الجمهورية عضوا في مجلس الأمة ( الغرفة الثانية للبرلمان) ضمن الثلث الرئاسي ثم انتخب رئيسا للجنة الشؤون الخارجية بذات المجلس، ثم عاد مجددا للعمل الدبلوماسي ليشغل منصب سفير بالمملكة المغربية، وفي سبتمبر 2005، عينه رئيس الجمهورية في الوظيفة السامية لرئيس المجلس الدستوري. وألف بوعلام بسايح العديد من المؤلفات الأدبية والتاريخية، وخاصة حول شخصية الأمير عبد القادر. وهو كاتب سيناريو فيلم " بوعمامة "، أحد أبرز رموز النضال الجزائري، وللإشارة قد تولى رئيس الجمهورية بنفسه كتابة مقدمة آخر مؤلفاته الذي نشر بمناسبة إحياء الذكرى الخمسين لاندلاع الثورة الجزائرية الخالدة والذي عنونه " الجزائر الجميلة والثائرة من يوغرطة إلى نوفمبر"، كما ألف رئيس المجلس الدستوري مؤلفات أخرى منها "محمد بلخير،الّراية المحرمة"، طبعة بلغتين، سندباد، باريس، 1976"، و" من الأمير عبد القادر إلى الإمام شاميل بطل الشيشان والقوقاز"، الطبعة الأولى، دار دحلب للنشر، 1997، والطبعة الثانية، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية،الجزائر، 2001 " من لويس فليب إلى نابليون الثالث، الأمير عبد القادر، مهزوم لكن منتصر"، المؤسسة الوطنية للطبع والتوزيع، 2002، الطبعة باللغة العربية، الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، الجزائر، الفارابي، بيروت، 2004 "في جذور الأصالة، المقاومة بالسيف أو القلم"، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الجزائر، 2002 " عبد الله بن قريو، شاعر الأغواط والصحراء"، طبعة بلغتين Publi-sud، باريس، 2003". الرئيس يرثي مستشاره.. أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في برقية تعزية وجهها أمس، إلى أسرة الفقيد بوعلام بسايح الذي وافته المنية أول أمس أن المجاهد الفقيد "رجل عظيم عظمة المهام التي أداه على أحسن ما تؤدى المهام والمسؤوليات التي قام بها" . وجاء في برقية رئيس الجمهورية"خرصت لعمر الله ألسننا، لما تكلم فوقها القدر، وماعساي أن أقول بعد سماعي نبأ انتقال صديقي العزيز ورفيقي في النضال السياسي والدبلوماسي المغفور له بإذنه تعالى وزير الدولة الممثل الشخصي والمبعوث الخاص المجاهد بوعلام بسايح، الى رحمة الله وعفوه، ماعساي أن أقول في ذلك النبع المتدفق بالحكمة والحنكة، بالأدب والفن، بالشعر والذوق الرفيع بالدبلوماسية المهذبة والسياسية الحكيمة، بالتجربة الطويلة والخبرة الفائقة بالوفاء للصديق والإخلاص للوطن، بشمائل حلوة وخصال حميدة، جعلت منه رجلا عظيما عظمة المهام التي أداها على أحسن ما تؤدى المهام، والمسؤوليات التي قام بها خير قيام في كل المناصب النبيلة التي تولاها باقتدار، سفيرا لبلاده تارة وعلى رأس دبلوماسيتها مرة، ورئيس مجلسها الدستوري أخرى ورجل دولة في كل الأحوال " . وأضاف الرئيس بوتفليقة قائلا:" ولئن فقدت فيه صديقا عزيزا طالما استأنست بآرائه، واسترشدت بأفكاره، ونهلت من جميل كتاباته، معجبا كل الإعجاب بعذوبة أسلوبه وبلاغة معانيه، والمواضيع التي كان يختارها في التاريخ وفي ما دبج يراعه في عالم السينما، مبرزا مآثر رموز الثورة الجزائرية عبر التاريخ". "الجزائر فقدت واحدا من خيرة وأوفى رجالها" وكتب رئيس الدولة " لئن فقدت فيه كل هذه الصفات المحببة، فقد فقدت فيه الجزائر واحدا من خيرة رجالها، اتسم بحصافة الرأي وعمق التفكير ونفاذ البصيرة، واحدا من أوفى رجالها، وألمع دبلوماسييها وأكفأ سياسييها، نافح بقوة عن مصالحها ودافع بشجاعة عن ثورتها، وأسمع صوتها عاليا في كل محفل حضره، وعلى كل منبر اعتلاه". وتابع رئيس الجمهورية "وإنه بهذه الفضائل سيفضل قدوة للأجيال وعبرة يتحصنون بها في الحفاظ على العهد الى الأبد، واليوم تنطفئ فيه تلك الروح الوثابة، وتخمد الحيوية ويخرس اللسان عن البيان، وينطفئ النور عن تلك العينين اللتين أعشاهما السهر في التفكير والعمل، ولكنهما بقيتا ثاقبتي النظر الى أن غشيهما القدر في اخر العمل " . واضاف رئيس الجمهورية: "فما عساي" أن "أقول سوى ان الله الذي جلت حكمته قضى ان يسترد وديعته، فرحلت عن دنياها الى أخراها راضية مرضية، تزفها الدعوات الى ملكوت السماوات الى جنة النعيم الرضوان، الى المقام الكريم بين الأبرار والصديقين". وتابع الرئيس "ولئن عز على أسرته وأهله وكل أقاربه ورفاقه في النضال وعلى الجميع الصبر والسلوان، ونأى عنهم، فان أعماله الجليلة والادراك بأن سبيله غاية كل حي، كفيل بأن يبعث في القلوب بعض العزاء، ويخفف عنها ماتعاني من ألم الفراق، لاسيما وقد عمر الله قلوبهم بالايمان، وزين نفوسهم بالتقى والورع، فتحلت بما يتحلى به المؤمنون من جميل الصبر، انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". واختتم رئيس الجمهورية برقيته " أسأل المولى عز وجل في هذه الفاجعة الأليمة وهذا الرزء الجلل أن يكرم وفادة الفقيد اليه، ويجل مثواه ويسكنه بيتا عليا في جنات الخلد والنعيم، ويتولى بنيه وأسرته الكريمة وذويه البررة ورفاق دربه بالصبر الجميل والسلوان الأثيل، واعرب لهم جميعا عن خالص عزائي وصادق دعائي الى الديان سبحانه وتعالى" (وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).