ق. حنان إذا أعجبك أي غرض سيدتي، لباسا أو حذاء أو حتى علبة شوكولاطة أو غيره، وكنت من الطبقة البسيطة أو المتوسطة، في واحد من الأحياء الراقية بالعاصمة، فلا تجازفي أبدا وتقتربي لمجرد السؤال عن السعر، لان الإجابة قد تصيبك بالشلل النصفي، أو السكتة الدماغية، وفي اقل الأضرار بفقدان القدرة على النطق والحركة، لان ما قد يكلفه شراء فستان عادي من هناك، قد يكفيك لاقتناء قفطان مغربي أصيل تقتنينه لجهازك إن كنت عروسا على وشك الزواج، أو دفعه لشراء جهاز كهرومنزلي قد تحتاجينه إن كنت ربة بيت. فالاختلاف في الأسعار أمر طبيعي بين محل وآخر تبعا للنوعية والجودة، ولكن أيضا تبعا للمكان أو الحي الذي يتواجد فيه هذا المحل، فان كان حيا شعبيا أو فقيرا فان الأسعار بطبيعة الحال تكون منخفضة مقارنة بما هو الحال عليه في أماكن أو أحياء أخرى راقية معروف عن القاطنين فيها أنهم من الإطارات أو من العائلات الغنية، مع انه في كثير من الأحيان لا تكون الأغراض المعروضة بها تمثل تلك القيمة الخيالية فعلا. في هذا الإطار تقول إحدى الفتيات، أنها تمر يوميا بأحد المحلات المتخصصة ببيع الملابس الجاهزة وعلى الرغم من أن المحل ونظرا لطبيعة الحي الراقي الذي يقع فيه، فانه مرتب حسب المقاييس التي نراها في المحلات الاروبية إلا أن الملابس المتواجدة فيه تشبه ملابس القرن الماضي، ولا تمت بصلة لما هو سائر حاليا، وان ما يعرض بساحة الشهداء أو باش جراح أو بومعطي من ملابس أفضل منه بكثير، مع ذلك تقول انه في إحدى المرات لفت انتباهها موديل فستان أعجبها، فتجرأت للمرة الأولى على الدخول والسؤال عن الثمن معتقدة انه سيكون في أحسن الأحوال، ما بين 5000 إلى 6000 دج، مادام أن الأمر يتعلق بفستان خروج شتوي عادي ولكنها تؤكد أنها ظلت برهة متوقفة في مكانها بعد أن اخبرها البائع بالسعر الذي يصل إلى 14800 دج، أي ما يكفي لشراء فستان سهرة من مكان آخر. من جهة أخرى تقول إحدى الفتيات انه بأحد المراكز التجارية المشهورة جدا بالابيار، لا يمكن أن تقل أسعار ابسط الأشياء فيه عن آلاف الدنانير، فحذاء شتوي مثلا قد يصل ثمنه إلى نحو 6000 دج أو أكثر، ويبرر الباعة ذلك بأنه مستورد، مع انه في مكان آخر قد تكون الأشياء مستوردة أيضا، ولكنها بأسعار اقل بكثير من الأسعار التي تعرض في مثل هذه الأماكن. ولا يتعلق الأمر بالملابس أو الأحذية فقط بل يمتد ليشمل كل شيء تقريباً، فالأسعار التي نجدها بحيدرة مثلاً لأشياء بسيطة، تصل إلى أضعاف مضاعفة ما قد نجده في أحياء شعبية أخرى، والأغنية الوحيدة التي نسمعها في هذا الإطار تقول أن الجودة هي الحكم والفيصل الوحيد في ذلك، مع أن الحقيقة هي أن الأسعار موجهة لفئة معينة من الناس، لا يهمهم أن ينفقوا عشرات الآلاف من الدنانير ثمنا لفستان واحد، قد يرتدونه مرة واحدة ويلقون به بعد ذلك في الخزانة، فيما يشكل ثمنه راتب وتعب إنسان آخر طيلة شهر كامل أو اقل من ذلك، وليس هذا حقدا طبقيا، ولكن بعض الناس فعلا يدفعون أموالا طائلة في أشياء لا تستحق.