الرئيس تبّون يشرف على مراسم أداء اليمين    اللواء سماعلي قائداً جديداً للقوات البريّة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    تقليد المنتجات الصيدلانية مِحور ملتقى    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    أكثر من 500 مشاركاً في سباق الدرب 2024    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    عميد جامع الجزائر يستقبل رئيس جامعة شمال القوقاز الروسية    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الملفات التي تمس انشغالات المواطن أولوية    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    "صفعة قانونية وسياسية" للاحتلال المغربي وحلفائه    إحباط إدخال 4 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ارتفاع عدد الضايا إلى 43.972 شهيدا    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأعراس في الجزائر بذخ مبالغ فيه وفرصة للاستعراض والتباهي
نشر في الحوار يوم 11 - 07 - 2009

كان للأعراس في الزمن الماضي بريقا مميزا يسودها جو من المحبة والألفة رغم بساطة ما كان يقدم فيها، جو يخلق الشعور بروح العائلة الواحدة، كان المنزل هو المكان الذي تقام فيه كل الاحتفالات حتى وإن كان ضيقا يوزع المدعوون بين غرفه أو في سطح المنزل إن وجد، فقد كان العرس يبدأ التحضير له فور ما تتم الخطبة بعد ذهاب وإياب أم الخطيب إلى منزل الكنة المرتقبة. وفي جعبتها خاتما ذهبيا يسمى ب''خاتم الشوفة'' فتقدمه لهذه الأخيرة بمجرد قبول أهلها، عندها تحضر العائلتان من أجل مرور ذلك اليوم الموعود، تعيشان كل التفاصيل الصغيرة والجميلة التي لا تنسى أبدا، تتفق العائلتان حول مهر العروس الذي كان في الغالب من قرار أهل العريس لأن أهل العروس لم يكونوا قيل اليوم يغالون في طلب المهر، ومن هنا تبدأ الرحلة، وعادة ما تكون رحلة العروس شاقة ولكنها تقتني ما تحتاجه فقط دون أن تنسى الملابس والأفرشة، وبدون أن تكلف أهلها مصاريف فائضة، وحتى الحلويات كانت تصنع في المنزل وأغلبها كان بالفول السوداني، وإن فضل البعض اللوز ففي ذلك الوقت لم يكن يشهد غلاء اليوم، ويتم الاحتفال بالزفاف داخل المنازل أو على سطوحها أين يتم تزيينها بالأضواء والأفرشة، ويتوسط المكان كرسي العروس المزين والذي من خلاله تكون العروس محط الأنظار، وهناك يعرض ''الطبق'' وهو عبارة عن سلة مزينة بالورود والشرائط وغالبا ما تكون وردية اللون ويوضع في الطبق العطور والصابون والحناء وكذا قالب كبير من السكر على شكل هرم، ضف إلى ذلك ملابس داخلية وأخرى مخصصة للخروج، والذهب الذي قد تم تحديده في ''قطع الشرط''، وغالبا ما يكون عبارة عن خاتم وسلسلة وإسورة أيضا، أما العشاء فهو الكسكسي، لأنه لا يمكن لأي طبق أن يحل مكانه في أعراس زمان، أما عن خروج العروس من منزل والديها تقول الحاجة ''زينب'' من الدار البيضاء إن عروس زمان كانت تخرج وحايك ''المرمة'' المطرز في الأطراف يلف جسدها، فالعروس العاصمية لا تتخلى عنه أما العروس في الولايات الداخلية فلا يمكنها الخروج إلا بارتداء برنوس والدها أو جدها، وأضافت أنه في الماضي كان الجميع يسعد باقتراب هذا اليوم فتتعالى الزغاريد في منزل الزفاف قبل شهر من موعده، وتصل رائحة تحضير الحلويات إلى آخر الحي، هذا مقروط اللوز الذي يعتبر سيد المناسبات، ضف إليه مقروط العسل والمشوك، وأضافت الحاجة'' زينب'' أن كل شيء كان بسيطا ولكنه كان في منتهى الروعة والجمال، وكان الجميع يستمتع به، خاصة اللحظات التي تقضيها العائلة في التحضيرات بحضور الأقرباء قبل العرس، وفضلت كنتها السيدة ''دليلة'' أن تحدثنا عن الحمام فأكدت أنه من المميزات بل الأساسيات التي يقوم عليها الزفاف، فتحضر العروس نفسها ليلة قبل ذلك لتذهب في موكب يضم قريباتها وصديقاتها وعند وصولها تساعدنها في الاستحمام، وتنتهي بتعطير نفسها بماء الورد والعطور وقبل أن تذهب تكون قد حضرت الطاقم المخصص للحمام من الفوطة والنعل وكذا الشراشف التي تزين بها حقيبة الحمام وأيضا الدلو النحاسي المزركش، ويكون الطاقم من نفس اللون حسب ذوق واختيار العروس وعند خروجها تستقبلها رفيقاتها بالزغاريد وترديد الأغاني إلى غاية وصولهن إلى المنزل أين تكون العائلة قد حضرت المشروبات الباردة مع بعض الحلويات لتقدم للقادمات من الحمام، وتضيف السيدة ''دليلة'' أن الحمام يكون بنفس الطقوس بعد ليلة الدخلة، أما عن تجهيز العروس في اليوم الموعود فأغلب ما كان يحدث في أيام زمان تجهيزها في المنزل حتى تصفيف شعرها كان يتم هناك، فلم تكن التكاليف كبيرة وكان الزفاف يتم على خير ما يرام، وإن لم يمنع البعض من الذهاب إلى الحلاقة، وكانت الفتيات العازبات تتنافسن في إظهار كامل أناقتهن علهن تحظين بزوج كلما رمقتهن أعين النسوة اللواتي تجعلن من الأعراس مكانا لاختيار العرائس، وعند نهوض العروس من مكانها تتهافت الفتيات للجلوس فوق كرسيها على أمل الذهاب وراءها.
''عرس اليوم.... تبذير غير مبرر''
أصبح عرس اليوم يرتكز على المظاهر مهملا بذلك أهم مميزاته التي تجعله يختلف عن باقي الأيام، فالعروس تسابق الزمن لتحضر جهازها الذي يكلفها أموالا طائلة لا لشيء وإنما من أجل الاستعراض والظهور بمظهر يزيد من جمالها، ويكلف جهاز العروس كثيرا فالتصديرة تصل إلى عشرة فساتين مختلفة، فبعد أن كانت تكتفي قبلا بالألبسة التقليدية المحلية تجاوزتها إلى ألبسة الدول الأخرى، كاللباس الهندي والباكستاني واللباس التقليدي المغربي (القفطان)، وإن كانت بعض الفتيات تكترين ألبسة التصديرة فأغلبهن تقمن بشرائها أو بتحضيرها عند الخياطة ولا يهم ما تكلفه، فخلال الجولة التي قمنا بها في محلات بيع الألبسة التقليدية بالعاصمة خاصة ساحة الشهداء التي يتمركز بها عدد كبير من محلات بيع وكراء ألبسة العرائس وكل مستلزماتها الأساسية الأخرى، وقد وجدنا خلال زيارتنا للمحلات أن الأسعار قفزت بشكل كبير ووصلت إلى حدود خيالية، فجبة الفرقاني تصل إلى 35000 دينار، والكاراكو يصل إلى40000 دينار أما القفطان المغربي فلا يمكنه أن ينزل عن مبلغ 30000دج، بالإضافة إلى لباس السهرة الذي يتجاوز ثمنه المليون سنتيم في أحسن الأحوال، أما الفستان الرئيس الذي لا تستغني عنه أية عروس وهو الفستان الأبيض فيتراوح ثمن كرائه بين 5 آلاف دينار إلى غاية 250 ألف دينار ويبقى وحده الفستان الأجمل في سلسلة ملابس العروس التي ترتديها والذي يجب اقتناؤه مهما بلغ ثمنه لأي عروس في الجزائر، أما الأحذية التي يجب أن تتنوع لتتماشى مع الملابس التقليدية فتتجاوز هي الأخرى عتبة 3000دج، ناهيك عما تأخذه من أفرشة ووسائد وشراشف وأحيانا كثيرة الصالونات المغربية والستائر التي تتلاءم مع طاقم غرفة النوم التي تبلغ أسعارها مابين أربعة آلاف دينار وتتجاوزها إلى غاية 20 ألف دينار للقطعة الواحدة، أما الذهب فقد شكل هو الآخر على مدار السنتين الماضية مشكلة للعديد من المقبلين على الزواج أمام الارتفاع المذهل في ثمنه، حيث لا يمكن لأحد أن يستغني عنه فهو جزء مهم من مكونات جهاز العروس ومهرها وقد وقفنا خلال الجولة التي قمنا بها على حجم الارتفاع التي يعرفه سوق الذهب هذه الأيام حيث تجاوز ثمن الغرام الواحد منه في محلات العاصمة حدود 2770دج للغرام الواحد مع الاختلاف من محل لآخر بمبررات يمنحها لك البائع، أما عند الدلالات في جوانب الطرق المؤدية إلى ساحة الشهداء فقد تراوح سعر الغرام الواحد بين 2000دج إلى 2500دج في أحسن الأحوال مع فارق بسيط بين الدلالات والمحلات التي يمكنك مفاوضتهن حول السعر، ويبلغ ثمن أرخص طقم ذهبي لدى الدلالات مبلغ 100 ألف دينار جزائري، أما الشيء المهم والذي لا يمكن للعروس أن تستغني عنه أبدا فهو الحلاقة والتجميل التي تقصدها العروس مرات عديدة قبل العرس بغرض الاهتمام ببشرتها فقد تجاوزت تكلفتها في عديد من الحالات مبلغ 20 ألف دينار جزائري، ويخضع ذلك لشهرة الحلاقة ومكان تواجد محلها، وتقوم العروس بارتداء ملابسها أو تصديرتها في يوم الحنة التي تقام في بيت العروس، حيث تدعو أقاربها وصديقاتها لرؤية ما اقتنته من ملابس حيث تشكل الحنة مهرجانا حقيقيا لاستعراض يمتد على مدار ساعات من الزمن يتيح للمدعوين جوا من الفرجة.
''قاعات الحفلات لمن استطاع إليها سبيلا''
تخضع شروط إقامة الأعراس في الجزائر وخاصة في المدن الكبرى إلى شروط معينة تبدأ بتخصيص مبالغ لا بأس بها لاستئجار قاعات الأفراح التي ارتفعت أسعارها هذه السنة إلى أضعاف أسعار العام الماضي، ليتراوح أدناها سعرا بين ال40 ألف دينار للحفلات العادية المقتصرة على تقديم الشاي والقهوة و80 ألف دينار بالنسبة للقاعات التي تمتد ساعات الاستقبال إلى فترة العشاء، هناك أمر لا يختلف فيه اثنان يتعلق بارتفاع تكاليف الزواج في أيامنا هذه إلى درجة أضحى الدخول إلى قفص الزوجية همّا من هموم الشباب، بل ومشكلة اجتماعية لها تداعياتها على المجتمع وتخضع أسعار قاعات الحفلات حسب خدماتها، حيث تكتفي قاعات الحفلات التي لا يتجاوز كراؤها 60 ألف دج بتجهيز القاعة وتقديم خدمات الديسك جوكي على أن تبقى عملية التحضير والطهي مع التقديم على صاحبة العرس التي تقوم بخدمة مدعوويها بنفسها، ويكثر هذا النوع من الصالات في شرق العاصمة، حيث تعرف هذه المنطقة بانخفاض تكاليف كراء قاعات الحفلات بها نسبيا، فقاعة ''ميموزا'' بالسوريكال بباب الزوار تفرض على روادها سعر 80 ألف دينار للقهوة و50 ألف دينار للعشاء، وتتراوح أسعار كراء قاعات الحفلات في شرق العاصمة على غرار قاعة أفراح وعروس البحر ووروايال وشهرزاد بالدار البيضاء، أما قاعات الحفلات في غرب العاصمة فتشهد أسعار كرائها ارتفاعا جنونيا يتجاوز العشرين مليون سنتيم في الكثير من الأحيان، وفي ظل الغياب التام للجهات المعنية بخصوص تحديد مبالغ الكراء أو تصنيف القاعات على حسب الأفضلية والخدمات المقدمة داخلها فإن التلاعب بالأسعار يبقى هو الغالب على هذا النوع من النشاط، وهو ما ولد الاستياء وسط المقبلين على إقامة حفلات الأعراس هذه الصائفة.
....''الديسك جوكي'' الحاضر الأول في الأعراس الجزائرية
لا يمكن للعرس الجزائري أن يتم دون استعمال الموسيقى أو الديسك جوكي وإن كانت الفرق الغنائية والمطربين مقتصرة على العائلات الميسورة فإن الديسك جوكي استطاع أن يحتل مكانة متميزة في الأعراس الجزائرية، وبات تواجده أمرا لا يمكن الاختلاف في شأنه بقول الشاب''زهير'' وهو أحد المقبلين على الزواج في نهاية هذا الشهر، أنه لا يمكنه الاستغناء عن الديسك جوكي في عرسه لأنه وسيلة تسلية ومتعة مهمة تزيد في بهجة العرس خاصة ليلة الحنة التي يكثر فيها تواجد الشباب، ويرى زهير أن العرس يحدث مرة واحدة في العمر فلماذا نمنع أنفسنا من الاحتفال وإظهار الفرحة في هذا اليوم ويتراوح سعر الديسك جوكي في الأعراس التي تقام داخل المنازل حسب الساعات بين 4000 إلى 8000دج.
''الديجي الإسلامي'' حل لمقاطعي الموسيقى
عرفت الأعراس الجزائرية المقامة على الطريقة الإسلامية تطورا جديدا هذه السنة فلم تعد تكتفي بالأناشيد والمدائح الدينية فحسب وإنما انتقلت إلى مستوى آخر، حيث وضعت إيقاعات أغاني الراي والسطايفي والقبائلي والشاوي ومزجت مع كلمات دينية لا يخجل الحاضرون من سماعها، كما أنها تضفي جوّا راقصا ويزداد تبني هذا النوع من الأغاني الذي يقدم سلسلة متناسقة من الموسيقى تتلاءم مع الإطلالات المختلفة للعروس وفواصل الاستراحة لشرب القهوة والشاي وتوزيع الحلويات، لينافس بذلك العدد القليل من المداحات اللواتي احتكرن ساحة الأعراس الإسلامية لمدة مضت مع ما يتطلّبنه من أموال قد لا يقوى على توفيرها البسطاء من المواطنين إلا بشق الأنفس. ويخضع الديجي الإسلامي إلى طلبات الزبائن تقول ''أمينة'' من باب الزوار صاحبة ''ديسك جوكي إسلامي'' أنها تحيي هذا النوع من الأعراس حسب طلبات الزبائن الذين يتصلون بها وكثيرا ما يقدمون لها شروطهم المسبقة التي تتمثل في تمرير أغاني معينة دون غيرها، في البداية تقول أمينة ''إنها صادفت عدة مشاكل لانعدام هذا النوع من الغناء في الجزائر فكانت تستعين بالأناشيد المشرقية والخليجية لكنها اليوم استفادت من دخول بعض الفرق الجزائرية إلى ميدان الأغنية الملتزمة، حيث ظهرت عدة ألبومات لفرق غنائية ملتزمة بإيقاعات وطبوع جزائرية مختلفة تنوعت بين السطايفي والقبائلي والراي والشاوي وغيرها، وتضيف ''أمينة '' أنها تلقت عدة عروض هذا الصيف لإحياء مثل هذه الأعراس فاقت العشرة أعراس وأكثر الأقراص المضغوطة المطلوبة والمشهورة هي قرص ليلة العمر وأغلب إيقاعاته راي من بين الأغاني التي يحتويها: ''باسم الله خالقي''، ''يا عريسنا'' ''لا اله إلا الله''، ''يا سامعين''، ''مبروك عرسك''. بالإضافة إلى باقة أخرى من الأغاني تتنوع بين السطايفي والقبائلي وغيرها من الطبوع الجزائرية المعروفة.
المصور للذكرى والمصاريف الإضافية
لا تخلو الأعراس الجزائرية من الآلات التصوير والكاميرا التي يمكنها أن تحفظ لحظات العرس الجميلة وتسجل ذكرياته المميزة إلى الأبد، ويعتبر المصور ركنا أساسيا في حفلات الزفاف خاصة التصديرة وحنة العريس وموكب العروس ولم تعد مهمة المصور مقتصرة على التقاط صور العروس فقط بل تعدت ذلك إلى تصوير جزء كبير من أحداث العرس على الأقراص المضغوطة مع الحرص على جعلها تبدو وكأنها فيلما سينمائيا، حيث أبدع عدد من المصورين البارعين في جعل هذه الصور غاية في الجمال بفضل إتقانهم لبعض الخدع التصويرية والتركيب والمونتاج، وتبلغ تكلفة المصور حسب خبرته حدود 5 آلاف دينار جزائري وقد تتجاوز ذلك حسب الخدمات المتنوعة التي يقدمها.
مواكب الأعراس فرصة للاستعراض
تعتبر مواكب الأعراس من أكبر المظاهر التي يحرص الجزائريون أن تكون في غاية الروعة والجمال بإصرارهم على اقتناء أو كراء أحدث موديلات السيارات وتزيينها بشكل مميز واستعمال الدراجات النارية، وتعتبر ظاهرة كراء السيارات الفخمة لمشاركتها في موكب العروس الذي تكون مسافته بين بيت العروس وقاعة الحفلات فقط من أهم الظواهر التي تميز أعراس هذه الصائفة. يقول ''رفيق'' صاحب وكالة لكراء السيارات بمدينة ''حمادي'' بأن وكالته تعرف إقبالا كبيرا في اليوم نتيجة كثرة الأعراس في هذا الموسم، حيث تشهد حركة كثيفة ودائمة وغالبا ما يصر الزبائن على اختيار السيارات الفارهة مثل ''التوارق'' أو''الهامر'' وغيرهما التي تشد انتباه المارة وتزيد من جمال موكب العروس، وحول الإجراءات اللازمة لكراء السيارات أجابنا قائلا بأنها إجراءات شكلية لضمان السير الحسن، كوجوب إمضاء العقد بتقديم الوثائق الرسمية كرخصة السياقة وبطاقة التعريف، ناهيك عن الدفع المسبق الذي يتراوح ما بين 8000 دينار إلى 9000 دينار، مضيفا أن هذه الأسعار تبقى معقولة ورمزية أمام السيارات الفخمة التي يطلبها عادة الزبون، كما عليه أن يلتزم بالدفع المسبق، أما ''زهير'' الشاب المقبل على الزواج فقد أكد لنا قائلا بأن عملية الكراء مبادرة حسنة، تسهل المهمة للمقبلين على الحفلات سواء كانت أعراسا أو مناسبات أخرى، وأنا شخصيا أستحسن هذه الطريقة وبما أنني سأؤجر سيارات فلما لا تكون الفخمة والجميلة منها.
عادات قديمة اندثرت وأخرى مازالت تقاوم
تختلف العادات في إقامة الأعراس من منطقة إلى أخرى في العديد من التفاصيل رغم أنها تتفق في العموميات، حيث تختزن كل منطقة مجموعة من الطقوس التي تميز الاحتفال بالعرس التي تحرص العائلات الجزائرية على عدم تجاوزها أو نسيانها لارتباطها بذهن العديد منهم بالفأل الحسن الذي يأتي من ورائها.
''حنة العريس''
يقوم العريس ليلة قبل الزفاف بإقامة احتفالية يطلق عليها تسمية ''الحنة'' وفيها يضع له أصدقاؤه أو جدته الحنة على مستوى أصابعه في احتفالية تملأ فيها الموسيقى أرجاء البيت ويقدم للمدعوين فيها العشاء الذي يكون في الغالب الكسكسي باللحم بالإضافة إلى تقديم الشاي والحلوى.
''التحزام'' في الصباحية
لا يكتمل العرس الجزائري إلا ''بالتحزام'' الذي يقام صباح يوم الجمعة أي بعد يوم واحد من الدخلة وفيه ترتدي العروس ''جبة الفرقاني'' وتحزم بوشاح ذهبي على مستوى خصرها من قبل رجل من عائلة الزوج سواء كان والده أو شقيقه الأصغر، لترقص بعدها وسط جموع النسوة ثم توزع عليهن الحلويات التي أحضرتها العروس معها لبيت العريس وبعدها يحضر أهل العريس وجبة الغذاء أو ما يطلق عليه '' فطور العروسة'' والذي تحضر فيه أجمل الأطباق الجزائرية مثل شوربة فريك ولحم لحلو وغيرها من الأطباق المعروفة. تكاليف العرس في الجزائر ما يزال يأخذ منحا تصاعديا ولم يعد بإمكان أحد مقبل على الزواج أن يغمض له جفن قبل إتمام العرس وإن قيل في الماضي ''زواج ليلة تدبيره عام'' فإن أعراس أيامنا هذه تحتاج إلى أكثر من عام من التحضيرات لإقامتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.