تتفق الدول الأوروبية حول المرحلة الدقيقة التي تجتازها مصر والتداعيات التي ستترتب على الصعيد الإقليمي بفعل "التطور" أو "الثورة" الجارية. وتخشى غالبية دول الاتحاد من سيطرة الإسلاميين على الحكم، لأنهم يمثلون أكبر قوة في الساحة السياسية إلى جانب الجيش، لكن الدول الأوروبية محتارة أيضاً في إيجاد صيغة التعامل مع الوضع الطارئ والصعوبات التي قد تطال علاقات مصر بمحيطها الإقليمي وبخاصة مع إسرائيل. وانقسمت النقاشات على طاولة وزراء الخارجية في بروكسيل حول المصطلح المُناسب لوصف ما يجري في مصر، فالبعض تحدث عن "التغير أو التطور " evolution، وآخرون تحدثوا عن ثورة revolution. وانتهت النقاشات إلى تبنت مصطلح استخدمته الإدارة الأميركية وهو Transformation process، وأكد البيان الأوروبي على وجوب أن تبادر السلطات المصرية بتنظيم "انتقال سلس للسلطة من خلال تشكيل حكومة على قاعدة واسعة تمكِّن من إطلاق مسار حقيقي للإصلاح الديمقراطي في نطاق الاحترام الكامل لدولة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما يمهد الطريق إلى تنظيم انتخابات حرة ونزيهة". لكن التقييمات تظل متفاوتة بين دول الاتحاد، فالبعض يختار رحيل الرئيس مبارك، وآخرون منهم فرنسا وبريطانيا وإيطاليا يخشون صعود الإسلاميين في أكبر بلد عربي تربطه معاهدة سلام مع إسرائيل، ورأى مصدر مطلع على سير نقاشات الوزراء بأن البعض رأى في أحداث مصر "صورة مكبرة لتونس، وآخرون يرونها إيران ثانية"". وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيليرفيل إن "لا أحد يقبل صعود المتشددين وسيطرتهم على المسار الجاري"، فيما ذكر وزير الخارجية البرتغالي لويس آمادو "وجوب أن تراجع أوروبا علاقاتها مع دول الجوار بعد أن كانت أغمضت عينيها كي لا ترى انتهاكات الأنظمة الاستبدادية". وتحدث وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني بأن أوروبا لا تمتلك مرشحاً في الساحة المصرية، لكنها تمتلك في نظر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن "قيما يمكنها الحرص على ضمانها خلال مسار التغير في مصر، ويجب ألا يجد المصريون أنفسهم بين خيار الجيش أو الفوضى"، فيما لاحظ نظيرُه البريطاني بأن الوضع المتغيِّر في مصر "يخلق فرصة هائلة للتغيير ويثير أيضاً مخاطر هائلة". وعقبت وزيرة خارجية إسبانيا بأن الحرص على "الاستقرار لا يعني الجمود، ولكن هناك خطراً بتنامي التيارات المتشددة إذا صعد الإسلاميون إلى السلطة"، وتعترف الوزيرة الإسبانية بأن الإسلاميين "يعدون معتدلين في صفوفهم".