من العجيب أن يمر خبر هام للغاية يقول أن الجزائر ستقوم في الأيام القليلة القادمة بتصدير كمية من الشعير، وذلك لأول مرة منذ 43 سنة، مرور الكرام، وكأن الجزائر تصدر الشعير باستمرار، وهي التي لم تحقق اكتفاءها الذاتي من هذه المادة الحيوية إلا مؤخرا حيث أن الجزائر لم تصدر الشعير منذ سنة 1967، بل أكثر من ذلك كانت من أكبر مستورديه طيلة 43 سنة، قبل أن »ينتفض« فلاحونا، ويحققوا الاكتفاء، وأكثر من ذلك أصبحت الجزائر تملك حاليا فائض سنتين من الشعير دون احتساب إنتاج حملة موسم الحصاد الحالي، الذي انطلق بالجنوب قبل أيام قليلة. والظاهر أن موضوعا هاما كهذا لن يثير الكثير من الاهتمام في بلادنا التي أصبح الاهتمام فيها بتسريحة شعر بعض اللاعبين يفوق الاهتمام بأي موضوع آخر، فمن ذا الذي يهتم بتصدير الجزائر للشعير، مادام أن الشعير ليس ضمن دائرة الاهتمامات الكبرى في البلاد..؟! لقد حققت الجزائر في السنوات الأخيرة العديد من الإنجازات في القطاع الفلاحي، إنجازات تستحق كل الإشادة والتثمين، ولكنها للأسف بعيدة عن الإطراء الإعلامي والتناول السياسي، فإعلاميو البلاد وسياسيوها منشغلون بأمور أخرى لا تدخل ضمنها مسائل الاكتفاء الذاتي من الحبوب والأمن الغذائي للجزائريين ومواشيهم، ولذلك أيضا لم يهتم كثيرون بإنجاز فلاحي آخر تحقق قبل سنة فقط، يتمثل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الذي كان يكلف الخزينة العمومية مئات الملايين من الدولارات، بل يكون قد كلفها الملايير خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي قبل أن تنجح بلادنا في تقليص وارداتها من القمح الصلب ب80 بالمائة وتحقيق اكتفاءها الذاتي من القمح الصلب والشعير. ولا تعد هذه الإنجازات الفلاحية مؤشرا على تحسن أوضاع قطاع الفلاحة وحدها، بل هي مؤشر على تحسن أوضاع البلاد بشكل عام، بالنظر إلى كون تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الحبوب أمر لم يكن ليتحقق لولا تحسن الوضع الأمني بشكل عام، ولولا عودة الأمل لسكان الأرياف.. والمدن أيضا.