سئل الإمام ابن تيمية رحمه الله: هل المراد ذكر الاستغفار باللفظ ؟ أو أنه إذا استغفر ينوي بالقلب أن لا يعود إلى الذنب ؟ وهل إذا تاب من الذنب وعزم بالقلب أن لا يعود إليه وأقام مدة ثم وقع فيه أفيكون ذلك الذنب القديم يضاف إلى الثاني؟ أو يكون مغفورا بالتوبة المتقدمة؟ وهل التائب من شرب الخمر يشربه في الآخرة ؟ ويلبس الحرير في الآخرة ؟ فأجاب رحمه الله: الحمد لله .. بل المراد الاستغفار بالقلب مع اللسان فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الآخر: لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار فإذا أصر على الصغيرة صارت كبيرة وإذا تاب منها غفرت قال تعالى(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (سورة آل عمران: 135). وإذا تاب توبة صحيحة غُفرت ذنوبه فإن عاد إلى الذنب فعليه أن يتوب أيضا وإذا تاب قبل الله توبته أيضا. وقد تنازع العلماء في التائب من الكفر إذا ارتد بعد إسلامه ثم تاب بعد الردة وأسلم هل يعود عمله الأول؟ على قولين مبناهما أن الردة هل تحبط العمل مطلقا أو تحبطه بشرط الموت عليها. 1- فمذهب أبي حنيفة ومالك أنها تحبطه مطلقا. 2- ومذهب الشافعي أنها تحبطه بشرط الموت عليها. والردة ضد التوبة وليس من السيئات ما يمحو جميع الحسنات إلا الردة وقد قال تعالى: (تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) (سورة التحريم: 8). قال عمر بن الخطاب _رضي الله عنه- : (توبة نصوحا): إن يتوب ثم لا يعود فهذه التوبة الواجبة التامة ومن تاب من شرب الخمر ولبس الحرير فإنه يلبس ذلك في الآخرة كما جاء في الحديث الصحيح: (من شرب الخمر ثم لم يتب منها حرمها). وقد ذهب بعض الناس كبعض أصحاب أحمد: إلى أنه لا يشربها مطلقا وقد أخطأوا والصواب الذي عليه جمهور المسلمين (الاستغفار أهميته ابن تيمية).