بقلم: محمد الأزعر* بوسعك أن تقول في دونالد ترامب ماقال مالك في الخمر وزيادة.. قل إنه فظ سليط اللسان رأسمالي عفن غليظ القلب متعجرف ومتعصب للعرق الأبيض متطرف ضد الملونين والمهاجرين والمسلمين ميال لاستخدام القوة في إدارة الأزمات.. قل إنه عدواني النزعة يفتقر إلى المجاملة ولياقة التعامل الدبلوماسي.. قل فيه هذه الصفات المعيبة ونحوها لكنه على الرغم من ذلك يبقى مرشح الحزب الجمهوري الأميركي لخلافة باراك أوباما. لسوء حظ المبغضين لترامب ومدرسته أنهم ليسوا أصحاب الكلمة الأخيرة في تحديد مصيره الانتخابي.. فهذا المصير منوط بتفضيلات الناخب الأميركي بكل ماهو معلوم عنه من ثقافة سياسية سطحية لاسيما لجهة العلاقات الدولية وما يجري في هذا العالم المضطرب خلف المحيطات. وفي هذا الإطار تصبح القرارات الفارقة لواشنطن أقوى عواصم الدنيا معلقة بذمة النخب السياسية والاقتصادية في قمة الهرم الاجتماعي السياسي للولايات المتحدة. إذا نحينا جانباً التأملات العابرة في خطاب ترامب وجدنا أنفسنا بصدد شخصية قيادية مركبة لايسهل التكهن بحجم السوء الذي تكنه للقضايا الدولية بعامة وشواغل عالمنا العربي بخاصة. النظرة الأعمق توحي بأن الرجل قارىء مجتهد للمرحلة الراهنة من المشهدين الأميركي والدولي. هو يعرض إجابات ترضي المفهوم التقليدي لدور الواسب (البيض الأنجلوساكسون البرتستانت) في قيادة المجتمع الأميركي وتشبع في الوقت ذاته أشواق هذا المجتمع للاستمرار على قمة النظام الدولي. ولاريب في أن المخاوف الحقيقية أم المفتعلة الموصولة بالحديث عن توسع التنظيمات الإرهابية والصورة المشوهة للمسلمين وفيض الهجرة والمهاجرين من المناطق المرتبطة جدلا بهذا الحديث والأقوال المرسلة عن إيران النووية وتلصص أجواء الحرب الباردة في عصر القيصر الروسي بوتين الذي استولى على القرم بالقوة وصعود قوة التنين الصيني مثل هذه المخاوف والأقاويل المتزامنة والمتعامدة على بعضها البعض تمهد بيئة خصبة لتقبل ترامب ورؤاه بقبول داخلي أميركي حسن بغض النظر عن الحصافة والحكمة. نعلم أن هناك قوى وشرائح أميركية لاتستسيغ هذه التحليلات والرؤى وتوشك أن ترى في ترامب نذير شؤم على السلم الاجتماعي وعامل إشعال للفتن والمنازعات داخل مجتمع لم تعد أغلبيته تنتمي إلى المؤسسين الأوائل من (الواسب).. لكن هذه الشرائح من الآسيويين والأفارقة واللاتينيين والعرب والمسلمين وسواهم من الملل والنحل لاتشكل النواة الصلبة لصناعة القرارات الداخلية والخارجية في واشنطن. كما أنها لاتتحكم في المؤسسات الكبرى القادرة على توجيه الرأي العام وتعيين خياراته يوم التصويت الرئاسي الأكبر. وللذين يستكثرون على ترامب وبطانته الصعود إلى سيادة البيت الأبيض أو يرون فيهم جماعة من المهووسين وهواة السياسة أن يلحظوا كيف تغلب هؤلاء على خصومهم داخل الحزب الجمهوري والأهم أن ترامب بات مقبولا لدى قطاعات متزايدة من المصوتين. تشهد بذلك استطلاعات الرأي ذات الصدقية التي أظهرت أحدث تقاريرها أنه تقدم في الأسبوع الأول من سبتمبر الجاري على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بفارق نقطتين في المئة بعد أن كانت الأخيرة تسبقه في أوت الماضي بثماني نقاط. القصد هو أن حظوظ الرجل تصعد بوتيرة سريعة. ولاندري إلى أي مدى يمكن لهذه الحظوظ أن تتأثر بالفكرة السائدة عن سواد الأميركيين كمجتمع يميل للتحفظ بل وفي نظر البعض للتدين وأنهم قد لايستحسنون وجود رئيسة في البيت الأبيض للمرة الأولى مهما كانت خبرتها كسيدة أولى ذات حين وكوزيرة للخارجية ذات حين آخر. في كل حال لاتجدر المغامرة بالقطع حول أن ترامب لايملك فرصة كبيرة ولاجدارة كبيرة في احتمال أن يكون الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة.