منها قص الشعر ووضع الكحل وتحريم الخياطة طقوس وعادات تتمسك بها العائلات في عاشوراء تحيي العائلات الجزائرية مناسبة عاشوراء العظيمة على غرار الدول الإسلامية إلا أن الجزائر تحكمها بعض العادات والأعراف الخارجة عن المألوف وتحوّلت إلى معتقدات شعبية ملزمة لا تخرج عنها خلال المناسبة وانحازت إلى الغرابة أحيانا وعالم الخرافة ومن بينها تحريم الخياطة وقص الشعر دون أن ننسى تحضير عشاء تقليدي خاص بتلك الليلة يجتمع فيه الأقارب تكريسا لصلة الرحم. نسيمة خباجة إضافة إلى أبعادها الدينية العظيمة تحمل عاشوراء أبعادا اجتماعية تحكم العائلات خلال المناسبة وهي واجبة الحضور وتوارثتها الأجيال إلى حد جعلها على نحو ملزم وتقيمها أغلب العائلات خلال عاشوراء وحتى الأسواق الشعبية تلبس حلة جديدة وتشهد حركية غير معهودة تلوح بروحانية المناسبة التي لا يفوتها الجزائريون بحيث تصطف مختلف المواد الغذائية التي تحتاج إليها الأسر خلال المناسبة من دقيق وزيت وسمن وعجينة التمر وغيرها من المواد التي تحتاج إليها ربات البيوت من أجل تحضير أطباق عاشوراء. وفي جولة لنا عبر بعض الأسواق لرصد الأجواء عشية عاشوراء شاهدنا الإقبال الكبير للنسوة على مختلف السلع والمواد تحضيرا لعاشوراء على غرار الدقيق والفرينة. اقتربنا من الحاجة فطيمة في العقد السابع لسؤالها عن كيفية الاحتفاء بمناسبة عاشوراء فقالت إنها تلتزم بإحياء العادات والتقاليد التي ورثتها عن أمها وتعول على تلقينها لبناتها خاصة وأنها تقاليد عريقة لا يمكن الخروج عنها واعتبرت ذلك خروجا عن الأصل وراحت تسرد لنا بعض التقاليد بحيث قالت إن العشاء هو شيء مفروغ منه وعادة ما يترأسه الطبق التقليدي كالكسكسي أو الشخشوخة أو البركوكس ليجتمع عليه أفراد العائلة بمناسبة عاشوراء أما عن العادات الأخرى فقالت إنها مساء ليلة عاشوراء تجتمع بناتها وتضع لهن الكحل من باب البركة كما تقوم بناتها بظفر شعورهن لتقص من خصلاته وترمي الشعر في حديقة المنزل أو كما قالت (عشور الشعر) ليتكاثف ويقوى وعادة أخرى أخبرتنا عنها وهي تحريم الخياطة وكذلك الغسيل في ذلك اليوم خاصة الخياطة هي مصدر شؤم والتزمت بالعادة مند سنوات خلت ولا تحبذ الخروج عن تلك العادات العريقة كإرث تركه الأجداد وتناقلته الأجيال. السيدة سعيدة قالت إنها تحتفظ دوما برقبة الكبش وتخصصها لمناسبة عاشوراء وتحضر بها العديد من الأطباق لأفراد عائلتها الصائمين على غرار الشربة والمثوم واللحم الحلو هذا في اليوم الأول من الصيام أما في اليوم الثاني فتلتزم بتحضير طبق تقليدي حسب رغبة أبنائها وفي هذه السنة أجمعت العائلة على تحضير طبق الشخشوخة التقليدي الذي يهواه الجميع. أما السيدة وريدة فقالت إنها مثلها مثل أي ربة بيت تنشغل بمناسبة عاشوراء وتحضر أجواء رائعة على مستوى الأسرة يبتهج بها أبناؤها وزوجها وقالت إن الصيام هو أمر ملزم لكل أفراد العائلة الذين يجتمعون على إفطار تقليدي لا يخرج عن طبق الشخشوخة خاصة وأنهم من منطقة بسكرة التي تشتهر بتلك الأكلة وأضافت أنها تحضر رقائق المسمن في البيت مسبقا لكي تنقص عن نفسها العناء وهي صائمة وتكتفي يوم عاشوراء بتحضير المرق بالدجاج والخضر وعن عادات أخرى قالت إنها تخضب أيادي بناتها في تلك الليلة وتقص لهن أطراف شعرهن من باب (تعشير) الشعر كعادة التزمت بها منذ سنوات طويلة مثلما كانت تفعل أمها وجدتها. أما ما أخبرته بنا سيدة أخرى فهو يحمل نوعا من الغرابة بحيث قالت إنها في عاشوراء تقوم بجمع سبعة أطراف من لحم الأضحية من عند الأقارب لتحضير عشاء تلك الليلة وعادة ما يكون طبق الكسكسي وتقوم بذلك في كل سنة وقالت إن أقاربها لا يعترضون على تلك العادة المحببة لديها والتي ورثتها عن أمها ولا تقوم بذلك من باب الحاجة وإنما تكريسا لتلك العادة التي تجلب الفال الحسن وتعمم البركة في عاشوراء على حد قولها. هذا وإلى جانب عادات أخرى تعمم في كامل ولايات القطر الوطني من باب الصدقة والتراحم بحيث تقام الوعدات لإطعام الفقراء والمساكين على غرار الوزيعة التي تشتهر بها الكثير من الولايات على رأسها منطقة القبائل التي تُنحر فيها العجول من أجل توزيع اللحوم على العائلات الفقيرة خلال المناسبة بغية تعميم الخير والبركة وتبقى تلك الأعراف الاجتماعية راسخة لدى الجزائريين على نحو ملزم تمسكا بالأعراف والتقاليد المتوارثة جيلا بعد جيل.