التزمت النسوة منذ أمد بعيد بعادات ورأت أن الخروج عنها هو خروج عن الأعراف والتقاليد، وأضحية عيد الأضحى المبارك ليست بمنأى عن تلك الأعراف بحيث اقترنت ببعض العادات التي تبدو غريبة نوعا ما وخارجة عن المألوف إلا أن النسوة رأين أن الخروج عنها فيه جلب للفأل السيئ، والالتزام بها فيه الخيرات والبركات وجلب للفأل الحسن فأبين إلا الاحتفاظ بالبعض من أعضاء الكبش خصيصا لمناسبة عاشوراء وكذا تأخير غسل جلده إلى ما بعد هذه المناسبة كل سنة. عاشوراء هي مناسبة عزيزة على كل الجزائريين تستعد لها معظم العائلات، ولأنها تأتي بعد عيد الأضحى المبارك بعد مضي شهر منه، فإن اغلب العائلات الجزائرية تخصص أجزاء من الأضحية لاجتياز تلك المناسبة من باب العادة كالذيل أو الرقبة، وعادة ما تدخل تلك الأعضاء في تحضير أطباق تقليدية محضة كالرشتة والكسكس والبركوكس.. لذلك تلجأ العديد من النسوة إلى تجميد تلك الأعضاء من الكبش بغرض استعمالها في عاشوراء، ففي الوقت الذي تذهب فيه عائلات أخرى إلى استعمال الدجاج في ذلك اليوم، تلتزم نساء أخريات بتلك الأعراف التي تراها راسخة منذ زمن بعيد وأبين الخروج عنها لما في ذلك من جلب للفأل السيئ. من تلك العادات تأخير غسل جلد الكبش إلى ما بعد عاشوراء فمن جهة يضمنّ جفافه، ومن جهة أخرى يطبّقن العرف الذي يرينه ملزماً، بالإضافة إلى تخصيص أعضاء من الأضحية والتي تكون سيدة المائدة في عشاء عاشوراء، وغالباً ما يكون الذيل والرقبة العضوين اللذين تقع عليهما اختيارات النسوة تطبيقا للعادة ويكونا أساس الأطباق التقليدية في تلك الليلة وفي هذا الصدد اقتربنا من بعض النسوة لرصد آرائهن في ذلك، فقالت السيدة وهيبة أنها بالفعل ورثت تلك العادة عن أمها التي كانت تخصص الرقبة لعشاء يوم عاشوراء، إلى جانب تأخير غسل صوف الكبش إلى ما بعد عاشوراء من كل سنة، فوجدت نفسها تلتزم بتلك العادات من دون أن تشعر وسارت على نهج أمها المرحومة، وأبت أن تخالفه فهي بصدد تجميد رقبة الأضحية أما الجلد فهو معرّض إلى الشمس لكي يجف وأجلت غسله إلى ما بعد عاشوراء، وعن سرّ ذلك قالت: انه قيل من الأفضل الاعتماد على تلك السلوكات التي تجلب الخير والبركة على عكس مخالفتها التي تؤدي إلى جلب المصائب والفأل السيئ. أما السيدة غنية فقالت أنها عادة ما تحتفظ بالذيل ذلك ما ورثته عن أمها وهي تحضر به طبق البركوكس في تلك الليلة، أما الجلد فقالت أنها لا تؤجل غسله إلى ما بعد عاشوراء وتقوم بغسله مباشرة بعد جفافه،وراحت نساء أخريات إلى الامتناع عن الاحتفاظ بأي عضو من أعضاء الأضحية بالنظر إلى طول المدة الفاصلة بين المناسبتين ورأين انه من الأفضل الاستنجاد بالدجاج المرتبط ارتباطا وثيقا بتلك المناسبة. ووجب التنبيه أنه حتى النسوة اللواتي التزمن بتلك الأعراف يقمن بها من باب الاحتفاظ بالعادات والتقاليد لا أكثر ولا اقل، وهي تبعد كل البعد عن أمور الشعوذة والسحر والعياذ بالله والهدف من تلك الطقوس هو خلق أجواء مميزة تليق بقدر مناسبة عاشوراء كمناسبة عظيمة.