صوم هذا اليوم أهم ما يميزه الكسكسي والرشتة.. من أهم الأطباق الأئمة: الاحتفال بهذا اليوم جائز.. شريطة الابتعاد عن البدع تحتفل الأمة الإسلامية جمعاء، على غرار المجتمع الجزائري، بيوم عاشوراء الذي يصادف اليوم العاشر من شهر محرم من السنة الهجرية، وهو اليوم الذي نجا فيه الله، سبحانه وتعالى، سيدنا موسى، عليه السلام، ومن معه من المؤمنين، وأغرق فيه فرعون وحزبه، بعادات وتقاليد مميزة تختلف من منطقة الى أخرى. صوم التاسع والعاشر من هذا اليوم فرصة لا تعوض تحرص العديد من العائلات على الاحتفال عاشوراء وإحياء شعائره الدينية من خلال بعض العادات والتقاليد المصاحبة لهذه المناسبة، كما يحرص الكثيرون على صيام هذا اليوم الذي يرتبط بانتصار الخير والعدل على الشر والظلم، وإن كان البعض يجهل المغزى من هذه المناسبة الدينية، فإن الكثير من الجزائريين لا يفوتون فرصة هذا اليوم لكسب الأجر والذكر والصيام وإتباع سنة الرسول، عليه الصلاة والسلام، حيث ومن خلال حديثنا مع المواطنين، لمسنا الوعي الديني لدى العديد منهم، ليقول في هذا الصدد محمد الذي لا يفوت مثل هذه الفرص للتقرب من الله، عزّ وجل: إن أفراد عائلتي من المواظبين على صيام عاشوراء، إذ أنا وزوجتي وجميع أولادي نقوم كل سنة بصيام اليوم التاسع والعاشر من شهر محرم او العاشر والحادي عشر لما يحمله صيام هذه الأيام من فضل كبير ، ولم يختلف الامر كثير عند حياة التي رغم صغر سنها الذي لا يتجاوز ال14 سنة، غير أنها تصر على صيام عاشوراء بعدما وجدت والديها وإخوتها يصومونه لما يحمله من اجر كبير لمن يصومه، اما زينب التي تقول ان العاشر من محرم يعتبر مناسبة سعيدة تحمل عديد القيم الدينية لاعتباره اليوم الذي نجا فيه الله سيدنا موسى من الغرق، وتضيف: أعمد في كل هذه المناسبات الدينية على تلقين أبنائي فضل وتاريخ كل يوم منها كي يكون للجيل الصاعد ثقافة دينية تمكّنه من معرفة ديننا الحنيف . الكسكسي والرشتة.. من أهم الأطباق المميزة تحتفل العائلات بهذه المناسبة بمأكولات متنوعة منها الرشتة، الشخشوخة، الكسكسي وشوربة الفريك وتطبخ لوجبة العشاء، حيث تقول إحداهن أنها حضّرت منذ مدة لهذه المناسبة بإعداد الرشتة وإخفاء القليل من لحم العيد لإعدادها في هذا اليوم، ليضيف في ذات السياق، كريم، 45 سنة: تحتل المناسبات الدينية مكانة خاصة في قلوب وعقول الجزائريين، الذين لا يفوتون اي مناسبة من هذه المناسبات إلا واحتفلوا بها بطريقة مميزة، حيث يعتبر يوم عاشوراء من كل سنة مناسبة من هذه المناسبات التي تعمد الكثير من الأسرة على إحيائها بعادات وتقاليد خاصة بها ، وعن بعض هذه العادات، تحدثنا الجدة نبيلة عن بعض التقاليد بالقول أنها في يوم عاشوراء تقوم بإعداد عدة أطباق للاحتفال بهذه المناسبة حيث يعتبر طبق البركوكس المعد بلحم أضحية العيد طبقا أساسيا يجب تناوله في يوم عاشوراء، إضافة الى طبق الكسكسي والرشتة حيث يختلف الطبق المحضّر من عائلة الى أخرى، زيادة على تحضير بعض الحلويات التقليدية. وتحتل بعض الأطباق الجزائرية مكانة كبيرة في الأوساط الشعبية باختلاف المناطق المعروفة بالكسكسي باللحم، كما قالت ذهبية من منطقة القبائل أنها تقوم بطبخ الكسكسي بالدجاج العربي في يوم عاشوراء وتجتمع العائلة على الڤصعة للأكل بصفة جماعية، وأكدت لنا خديجة أن الاحتفال بعاشوراء بالعاصمة يكون بطبخ البركوكس أو العيش بذيل كبش العيد وهي أهم أطباق ليلة عاشوراء، وحسبما كانت تسمعه منذ القدم، أن ذيل الكبش آخر ما يتبقى من أضحية العيد، فلابد من طبخه في ذلك اليوم. شايب عاشوراء .. عادة تميز منطقة وادي سوف من بين العادات والتقاليد التي تميز هذا اليوم والتي تختلف من منطقة لأخرى، نذكر عادة شايب عاشوراء وهي عادة تقام للاحتفاء بهذه المناسبة، والتي حدثنا عنها فيصل بالقول ان لسكان المنطقة عدة عادات خاصة بهذا اليوم والتي تتمثل في طبخ أطباق خاصة ومميزة مع عدة تقاليد أخرى، ومن أبرز العادات المتعلقة بالأطفال هي شايب عاشوراء التي تقوم بجمع الأطفال لعصي على شكل علامة + وذلك بشكل متقاطع ومن ثمّة، تشكيل وجه برسم كافة تفاصيله من العين الى الأنف وصولا الى الفم مع تلبيس تلك الدمى لملابس تقليدية خاصة بالمنطقة وهي الجبة السوفية، حيث يحرص كل طفل على ان تكون دميته هي الأجمل، ليجوب بعدها الأطفال كافة إحياء المنطقة وهم يرددون بعض الأناشيد الدينية الخاصة بمناسبة عاشوراء، لتختار أجمل دمية صنعت وتقدم جائزة رمزية لصاحبها، ليضيف محدثنا ان هذا اليوم بوادي سوف يعتبر يوما محبوبا عند الأطفال، فبعد لعبة شايب عاشوراء وبعد تناول وجبة العشاء المتكونة من اللحم، ينطلق الأطفال للاحتفال مجدّدا لكن هذه المرة عن طريق إشعال الشموع بوضعها داخل علب الطماطم المعلبة مشكّلين أجواء مميزة. ..وعائلات تغتنم الفرصة للم الشمل وإصلاح ذات البين كما تحرص العائلات الكبيرة على لم شمل كل الأبناء والأحفاد في مأدبة يساهم الجميع في تحضيرها حسب قدرتهم الشرائية، ليسود الجو الأسري الذي تملأه المحبة والود. أما في بعض مناطق الجنوب، فتشتهر بعض الولايات بإحياء عادة تسمى السبيبة حسبما أكده لنا طارق، حيث يقوم بعض أهالي مناطق الجنوب بعقد جلسات للصلح بغرض نشر قيم التسامح بين الناس، سواء كانوا أهلا أو جيران متخاصمين. ويرجع أصل هذه العادة الطيبة، حسب المتحدث، إلى زمن غابر حيث كانت توجد قبيلتان من أهل الصحراء احتدم بينهما الخلاف والصراع، وفي يوم عاشوراء، تم عقد جلسة صلح من طرف أعيان القبائل للم شمل القبيلتين المتخاصمتين وحملهما على نسيان الخلافات، وبالتالي، أصبح يوم عاشوراء يوما للذكرى، أين يجتمع الناس بهدف حل بعض المشاكل التي تكون بين الإخوة والجيران، وتقام بالمناسبة، مأدبة عشاء فاخرة تملؤها الأطباق التقليدية بهذه المناسبة. وما يميز عاشوراء أيضا هو إخراج الأغنياء أو كل من بلغ ماله نصابا معينا بعد أن دار عليه الحول في هذا اليوم قسطا من الزكاة، ليكون تطهيرا للمال من الاكتناز وتطهيرا للأنفس من الشح، ويكون للفقراء والمعوزين نصيب، ما يساهم في نشر الود بين الأفراد. قص الشعر وتكحيل العينين.. عادات قديمة ما تزال حاضرة وعلى غرار الأطباق المتنوعة التي تميز الاحتفال بهذا اليوم، تقوم العديد من العائلات الجزائرية ببعض العادات من أبرزها قص الشعر وتكحيل العينين وغيرها من العادات القديمة التي توارثتها الأجيال عن الأجداد وهو ما كشفت عنه صفية التي قالت من بين عادات الاحتفال بيوم عاشوراء وضع الحناء التي تعد من علامات الفرح حيث أقوم في هذا اليوم بوضع الحناء لي ولكل أفراد عائلتي كعلامة فرح وابتهاج بهذا اليوم، إضافة إلى تكحيل العينين . وفي ذات السياق، تضيف محدثتنا بالمناسبة، فإن الفتيات يقمن بتقليم الأظافر وقص القليل من شعرهن ظنا منهن بان ذلك يزيد من طول الشعر مثل المال الذي يزكى منه ، و كان رأي جمال مخالفا حيث اعتبر هذه العادات لا أساس لها من الصحة خاصة ما يتعلق بتحريم الخياطة يقول منذ القدم، أسمع الجدات يقلن ممنوع الخياطة ومس الإبرة في يوم عاشوراء . الأئمة: إن في صوم عاشوراء فضل كبير ولمعرفة فضل عاشوراء، اتصلت السياسي بالإمام ن. عبد الرحمان ، وأستاذ في الشريعة، يقول: إن صيام عاشوراء يكفر عن الذنوب بسنة كاملة، وما على المسلم إلا صيامها ، ويضيف: إن الصيام من أعظم المكفرات الذنوب لما فيه من ترك الشهوات، ومجاهدة النفس وتضييق مجاري الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم . وفي شرحه للحكمة من إحياء مناسبة عاشوراء، يضيف محدثنا: بعدما أوحى الله إلى سيدنا موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه فضربه فتفرق إثنتا عشر طريقا وصار الماء كالجبال العالية عن يمين الطرق ويسارها وأيبس الله طريقهم التي انفرت عنها الماء، وعندما تجبر فرعون أمر الله البحر فالتطم عليهم ليغرقوا كلهم وبنو إسرائيل ينظرون إلى عودهم وهو يهلك، ومنذ تلك الحادثة أصبح هذا اليوم يوما معظما لبني اسرائيل، حيث يصومونه في كل سنة شكرا لله، ولما جاء الرسول، صلى الله عليه وسلم، وجد أهل قريش يصومونه في الجاهلية وكذلك اليهود فأمر بصيام التاسع والعاشر من شهر محرم كي لا نتشبه باليهود، وفي هذا المقام، روى بن عطفان بن طريق المدي فقال: سمعت ابن عباس، رضي الله عنه، يقول حين صام رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله يوم يعظه اليهود والنصارى، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فإن كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع ، فكان قول الرسول واضحا بأنه من المستحب أن يصوم المسلمون يوم التاسع والعاشر من عاشوراء ومنذ ذلك اليوم والأمة الإسلامية تصوم هذان اليومان نظرا لعظمة شأنهما . وتبقى عاشوراء مناسبة دينية وفرصة للتقرب من الله وما يزيد بهاء هذا اليوم جمال عاداتنا وتقاليدنا التي لا تزال محفوظة عند بعض الأسر. الاحتفال بعاشوراء جائز.. شريطة الابتعاد عن البدع ومن جهته، أضاف الإمام عبد الفتاح زيراوي حمداش بالقول ان يوم العاشر من محرم يعتبر يوما من أيام الله العظيمة والمباركة بالنسبة للمسلمين وأنصار التوحيد، حيث ان البخاري وفي حديثه الصحيح روى ان انه عندما هاجر الرسول، عليه الصلاة والسلام، من مكةالمكرمة الى المدينةالمنورة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسأل الرسول عن سبب صيامهم لهذا اليوم فردوا عليه بالقول بان يوم عاشوراء هو اليوم الذي نجا فيه الله، سبحانه وتعالى، سيدنا موسى من فرعون فقال رسول الله، عليه الصلاة والسلام: نحن أحق بموسى منهم ، فقام وأمر بصيام هذا اليوم. أما عن فضل صيام هذا اليوم، يضيف المتحدث بان لصيام هذا اليوم فضل كبير حيث ان الله، عزّ وجل، يكفر ويغفر على صائمه ذنوب سنة كاملة، كما يجب على المسلمين الاجتهاد في القيام بالصلاة وإيتاء الصدقات والإكثار من العبادات وفعل الخيرات، وقراءة القرآن الكريم والتسبيح والدعاء باعتبار هذا اليوم يوما مباركا، وهو يصادف شهرا من الأشهر الحرم أين يضاعف الله الأجر والحسنات، اما فيما يخص الاحتفال بهذا اليوم، فيقول محدثنا ان الاحتفال به جائز شريطة الابتعاد عن البدع مثل تحريم الخياطة وعدم إشعال النار في هذا اليوم وغيرها من الأمور التي لم ترد في السنة او الكتاب، كما أكد لنا الإمام حمداش على ضرورة عدم ربط فريضة الزكاة بيوم عاشوراء، لأنه يجب تزكية الأموال بمجرد مرور الحول عليها مع إجازة تقديمها، لكن لا يجوز تأخيرها لتتزامن مع يوم عاشوراء. وفي ذات السياق، أكد لنا الامام يوسف بن حليمة على عظمة هذه المناسبة والتي تعتبر ذكرى وإشعارا لما يحمله ديننا الحنيف من مبادئ وهي انتصار الحق على الباطل مهما طال الزمان، وان الاسلام جاء لنصرة القضايا العادلة في العالم، ورفع الظلم عن المضطهدين، حيث ان هذا اليوم هو الذي نصر فيه الله سيدنا موسى، عليه السلام، على فرعون ونجاه ومن معه من المؤمنين وأغرق فيه فرعون، كما حدثنا عن فضل صيام يومي التاسع والعاشر او العاشر والحادي عشر بالقول بان الله يغفر ذنوب سنة كاملة كما يستحب صيام ايام هذا الشهر مثل الاثنين والخميس كون شهر محرم يعد من الأشهر الحرم والتي من السنة الصيام فيها، وعن الاحتفال بهذا اليوم، يضيف محدثنا انه غير مشروع، كما بين ان للزكاة شرطان أساسيان للقيام بها هما بلوغ النصاب ودوران الحول ولا يجوز ربطها بيوم عاشورا، إلا إذا صادف دوران الحول وغير ذلك، فإنه يجب إيتاء الزكاة بمجرد مرور الحول ولا يجوز تأخيرها لأي سبب من الأسباب.