مازالت إلى اليوم بعض أصحاب الدكاكين والسجّلات السياسية في هذا الوطن المفدّى لم تدرك بعد أنها أقلّية سياسية معزولة فكريا ومهمّشة من الجماهير الشعبية الواسعة وحتى في عقر دارها وبين بني عشيرتها الذين يتشدّقون صباح مساء بأنهم النّاطقون رسميا باسمهم وما هم كذلك، وقد أثبتت الأيّام والانتخابات أنهم ليسوا بأتباعهم ولا من مناضليهم، فهم في واد وشباب المنطقة التي يتبعونها أو يحاولون جرّ سكّانها إلى ما لا يحمد عقباه اتجاه الوطن في واد آخر· إن محاولة بعض ما يسمّى بالأحزاب الديمقراطية، والتي تدّعي الوطنية تمثيلا جغرافيا وممارسة ميدانية وسلوكا حضاريا هي في الحقيقة بعيدة عن الديمقراطية وحرّية الرأي والتوجّه والتداول على السلطة، فالكثير من زعماء هذه الأحزاب والجمعيات ومنظّمات حقوق الإنسان أسسوا هذه التشكيلات منذ أكثر من عقدين من الزمن ولم يبرحوها قيد أنملة في حين يطالبون الآخرين بالديمقراطية والتداول على السلطة وحرّية التعبير والمساواة وتحسين ظروف المعيشة وتوفير العمل والسكن، وكلّ هذا لم تبخل السلطة القائمة بشيء من أجل أن ينال كلّ فرد من الجزائريين نصيبه العادل من ضروريات العيش الكريم وأكثر، وهو ما يدلّ على أن نيّة دعاة التغيير ومسيرة يوم أمس السبت ليست هي المطالبة بما هو أفضل، لكن زعزعة أمن واستقرار البلاد وإعادتها إلى ما كانت عليه من الفوضى وغياب سلطة وهيبة الدولة داخليا وخارجيا· لقد أثبتوا للجميع وأمام الملأ يوم أمس أن دعوتهم ذهبت أدراج الرّياح وأنهم أقلّية معزولة لا يستمع إلى خطابهم التحريضي أحد من عقلاء الشباب وشيوخه، بل وكلّ غيور على حرمة هذا الوطن الذي ضحّى بخيرة أبنائه من أجل أن تعيش الجزائر وتنعم بالخيرات التي أنعم اللّه بها علينا وبفضل السياسة الحكيمة والراشدة لفخامة رئيس الجمهورية السيّد "عبد العزيز بوتفليقة"·