حتى ولو كانت أمريكا عادلة نزيهة حكيمة لا يُظلم بيدها أحد، فإن الاستقواء بها على أبناء بلدك أمر يحتاج إلى نظر وتدبر، وهو غير مقبول في النهاية لأنه يعني الاستعانة بنصراني على مسلم، ولو اقتصر الأمر على الاحتماء بهذا النصراني، كما فعل الرعيل الأول من الصحابة حين ضاقت بهم السبل فالتجأوا إلى النجاشي ملك الحبشة، لكان الأمر قابلا للفهم والاستساغة والتفهم·· ولكن أن يحاول بعض بني جلدتنا، الذين يشعرون أو يتوهمون أنهم يشعرون بالظلم والحقرة، أو يريدون أن يوهموا غيرهم بأنهم يشعرون بذلك، الاستقواء بأمريكا وفرنسا وغيرهما على أبناء وطنهم، فإن الأمر مرفوض بالتأكيد، مهما كانت المبررات والكيفيات التي يتم بها ذلك·· وإذا صحّ ما تناقلته بعض المصادر بخصوص لقاءات أجراها بعض أدعياء التغيير مع مسؤولين أجانب في الأيام الأخيرة بهدف بحث أفضل طريقة ممكنة لممارسة "التخلاط" فإن القضية تصبح بالغة الخطورة، وتحتاج إلى تحقيق عاجل جدا لوضع حد لمثل هذه السلوكات التي يصل مستوى خطورتها إلى حد اعتبارها خيانة عظمى، فأن يحاول أدعياء التغيير تنظيم مسيرات هنا وهناك، فالأمر يصنف في خانة الديمقراطية وحرية التعبير، ولكن أن ينسق بعض هؤلاء الأدعياء مع جهات أجنبية من أجل زعزعة استقرار البلاد فالأمر بعيد كل البعد عن الديمقراطية والحريات، وقريب إلى حد الالتصاق بجريمة الخيانة العظمى·· لقد انتزعت بعض قوى المعارضة في اليومين الأخيرين احترام ملايين الجزائريين لأنها قالت بصريح العبارة أن ترفض أي تدخل أجنبي في الجزائر تحت أي مبرر، فليست أمريكا التي تعطينا دروسا في الحريات وهي التي ارتكبت وترتكب المجازر في العراق وغيرها، وفي المقابل استحقت قوى أخرى تمارس المعارضة من أجل المعارضة وباتت تستعين بالأجانب على بني وطنها لعنات الجزائريين الذين حاربوا طيلة قرون عديدة لتعيش بلادهم حرة ومستقلة، ولا يقبلون أن يركن بعض أشباه المعارضين من أدعياء التغيير للخارج بهدف صنع التغيير المزعوم في الداخل·· إنها الخيانة، وليست أي خيانة·· إنها الخيانة العظمى··