ق. حنان قضايا الاعتداء على الصول أو ضرب الأصول أو حتى قتل الأصول، احد الوالدين أو كلاهما، هي من القضايا التي تنظر فيها الكثير من المحاكم عبر مختلف المجالس القضائية بالعاصمة وخارجها، منها ما يتم تكييفه على أساس جنحة، ومنها ما يكيف كجناية، على حساب الضرر الذي تم إلحاقه بأحد الأصول أو كليهما، وان كان البعض عاجزا عن تصديق أن هنالك من بإمكانه أن يصل إلى الوقوف كمتهم ضد والديه، فان ذلك للأسف هو الواقع بعينه. وتختلف الشكاوى التي يرفعها الآباء سواء الأب أو إلام أو كلاهما ضد احد أبنائهم، بين الاعتداء اللفظي بالسب والشتم أو التهديد، أو بالاعتداء الجسدي كالضرب والجرح العمدي الذي قد ينتهي في بعض الحالات بعاهات مستديمة، وكثيرا ما تكون الدوافع طلب هؤلاء الأبناء لمبالغ مالية من أوليائهم ولكن هؤلاء يرفضون منحهم إياها، إما لضعف قدرتهم المادية أو لعلمهم أن أبنائهم سينفقونها في شراء المخدرات أو الحبوب المهلوسة، وهي أكثر الأسباب التي تدفع بعض الشبان إلى الاعتداء على آبائهم. ولعل الأمثلة كثيرة ومتعددة و القضايا أكثر من أن يتم حصرها في هذا المجال، ولكننا نورد بعضها كأمثلة على ما وصلت إليه القسوة والأنانية والظلم في أنفس بعض الأشخاص ضد اقرب الناس إليهم، وسبب وجودهم في هذه الدنيا. فبالقليعة تقدمت إحدى الأمهات ، أمام أمن الدواودة على الساعة الثالثة صباحا لرفع شكوى ضد ابنها، البالغ من العمر 34 سنة، مفادها اعتداؤه عليها بالضرب وهو في حالة سكر، وحسب ما أكدته لدى مصالح الأمن، فإنها وفي ذلك اليوم، وبعد فتحها للباب بعد سماعها للطرق، وجدت ابنها المتهم ورائحة المشروبات الكحولية تنبعث منه، وقد قام مباشرة بإمساكها بقبضة على مستوى الرقبة، ناعتا إياها بمختلف ألفاظ الشتم، كما حاول الاعتداء عليها بواسطة خنجر، ثم راح يكسر أثاث المنزل. وقد التمس وكيل الجمهورية في حق الشاب عقوبة عامين حبسا نافذا، و25 ألف غرامة مالية نافذة، إلا أن الأم عادت وطالبت بالعفو عن ابنها ليتم تبرئته في النهاية. وفي قضية أخرى أكثر غرابة التمس ممثل الحق العام لدى محكمة بئر مراد رايس تسليط عقوبة العامين حبسا نافذا و5 آلاف دج غرامة نافذة ضد شاب متهم بسب وشتم والدته مع تهديدها أمام مسمع وكيل الجمهورية بذات المحكمة، المتهم أكد أثناء محاكمته أنه أخطأ بتهديد والدته عند تقديمه أمام وكيل الجمهورية على خلفية الشكوى التي أودعتها ضده بعد سبه إياها وشتمها بعبارات قبيحة، مؤكدا في الوقت ذاته أن والدته تعاني من اختلال عقلي، ومع كل ذلك فقد عفت عنه في النهاية، وهو حال الكثير من الآباء الذين قد يرفعون شكاوى ضد أبنائهم أمام مصالح الأمن، ثم تصل القضية إلى المحاكم، ليعودوا ويطلبوا العفو عن أبنائهم من طرف القضاة في مشهد مؤثر للغاية، تختلط فيها مشاعر الحنان الأبوي، بمشاعر الندم والدموع. وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجزائري ينص على تسليط أقصي العقوبات في حق من يعتدي على والديه سواء باللفظ أو بالضرب، حيث تصل العقوبة إلى السجن المؤبد والإعدام، وتنص المادة 267 من قانون العقوبات الجزائري على أن أي اعتداء على الأصول يؤدي إلى جرح أحد الوالدين بعقوبة تتراوح بين 5 و10 سنوات سجنا في حالة ما إذا لم يؤد ذلك لعاهة مستديمة. والأمر يختلف في حالة ما إذا تسبب الاعتداء في إعاقة دائمة لأحد أو كلا الوالدين، فإن العقوبة يمكن أن تصل إلى 20 سنة، وتتضاعف إلى المؤبد في حالة ما إذا تسبب الاعتداء في الوفاة. وفي حالة ما إذا كانت الجريمة المرتكبة ضد الوالدين مع سبق الإصرار والترصّد، فإن العقوبة قد تصل إلى الإعدام. أما إذا أقدم الأولاد علي وضع أبائهم في دور العجزة أو القوا بهم إلي الشارع أو قصرّوا في خدمتهم، فان العقوبة قد تصل إلي السجن لخمس سنوات. وإذا كانت الظروف المالية للابن ميسورة، فقد تصل العقوبة إلى السجن مع مضاعفة الغرامات المالية، ويستثني مشروع القانون، الذي يجري إعداده إلزامية التكفل بأحد أو كلا الوالدين من طرف البنت المتزوجة إلا في حالة إذا كانت ميسورة الحال وغير متزوجة أو أرملة. ولا يتم تجريم من يمتنع ظرفيا أو يتخلي نهائيا عن التكفل بوالديه كل من الابن المريض أو الفقير لكن في حالة امتلاكه مأوى حسب مضمون القانون الذي شاركت في إعداده وزارة التضامن الوطني والعائلة تضمن منحه منحة شهرية لتغطية النفقات.