لتلاوة القرآن الكريم ثلاث مراتب وتقسَّم مراتب التلاوة بالنظر إلى سرعة الأداء وبطئه إلى ثلاث مراتب هي: 1- مرتبة التحقيق: والتحقيق في اللغة: التدقيق والتأكد. وفي الاصطلاح عَرَّفه إمام القُرَّاء ابن الجزري بأنه: (إعطاء كل حرف حقَّه من إشباع المد وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات وتوفية الغنات وتفكيك الحروف وإخراج بعضها من بعض بالسَّكت والترسل واليُسْر والتؤدة ومراعاة الوقوف). وباختصار التحقيق هو: (البطء والتَّرَسل في القراءة مع مراعاة جميع أحكام التجويد في القراءة من غير إفراط). 2- مرتبة الحَدْر: والحدر في اللغة: السرعة. وفي الاصطلاح عَرَّفه إمام القُرَّاء ابن الجزري بأنه: (إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمز ونحو ذلك مما صَحَّت به الرواية ووردت به القراءة مع إيثار الوصل وإقامة الإعراب ومراعاة تقويم اللفظ وتمكن الحروف). وباختصار الحدر هو: (إدراج القراءة وسرعتها وتخفيفها وإقامة الإعراب مع مراعاة جميع أحكام التجويد في القراءة من غير تفريط). ويقرأ المسلم بالحَدْر أحياناً لتكثير لحسنات وحيازة فضيلة التلاوة بقراءة أكبر مقدار ممكن من الصحيفات ولكن يجب على من يقرأ بالحدر الانتباه إلى مراعاة أحكام التجويد والإتيان بالمدود والغنات خاصة. 3- مرتبة التدوير: والتدوير في اللغة: جعل الشيء على شكل دائرة أي: حلقة. وفي الاصطلاح: هو التوسط بين التحقيق والحدر. * ملحوظة هامة: والترتيل يعمُّها كلها إذ لو كان مرتبة مستقلة لكان التدوير والحدر ليسا ترتيلاً وعند ذلك لا يكونا مما أمرنا الله عزوجل به في قوله تعالى: _وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيْلاً_[المزمل:4]. وعليه تكون القراءة بهما غير جائزة أما وأن المرتب الثلاث نُقِلَت عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لابد أن يشملها الترتيل فتكون كلها ترتيلاً. * أفضلية مراتب التلاوة: واختلف العلماء أيهما أفضل؟؟ الترتيل مع قلة القراءة أو الحدر مع كثرة القراءة؟؟ فذهب بعضهم إلى أن كثرة القراءة أفضل لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشرة أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف . رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وذهب أكثر العلماء من السلف والخلف إلى أن القراءة بالتحقيق مع التدبُّر أفضل ولو كانت مع قلة القراءة لقوله تعالى: _أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوب أَقْفَالُهَا_ [سورة محمد:24]. ولأن المقصود من القرآن فهمه والتفقه فيه والعمل به والقراءة بالتحقيق أعون للمسلم على تحصيل ذلك وما تلاوته وحفظه إلا وسيلة لذلك. أما قراءة القرآن بسرعة وعجلة والتي تُسَمَّى بالهذرمة فهي غير جائزة ولا تعين التالي ولا السامع على فهم المقصود من الآيات البيِّنات ولا يؤجر من يتلو بهذه الطريقة لأن التلاوة بها لا تُعِين على تحصيل أي مقصود من مقاصد التلاوة. وقد سُئِل الإمام مجاهد عن رجلين: قرأ أحدهما سورة البقرة والثاني سورتي البقرة وآل عمران في ركعة واحدة وركوعهما وسجودهما واحد.. أيهما أفضل. فقال: إن الذي قرأ سورة البقرة فقط أفضل.. ولذلك كان بعض السلف يُردِّد الآية الواحدة أحياناً إلى الصبح يتدبَّر معانيها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.